الصحافه

إسرائيل: لا حل مع اليمن… سنرد على الحوثيين بضرب إيران

إسرائيل: لا حل مع اليمن… سنرد على الحوثيين بضرب إيران

الاستيقاظ المبكر والمتواتر الذي عانى منه سكان مركز البلاد في منتصف الليل في هذا الأسبوع بسبب إطلاق الصواريخ من اليمن، وضع محاولة الحكومة التبجح بالنصر المطلق محل سخرية، النصر الذي هو كما يبدو على شفا التحقق. لا شك أن إسرائيل سجلت عدة إنجازات استراتيجية مثيرة للانطباع في جميع الجبهات، بعد صدمة 7 أكتوبر من السنة الماضية. ولكن إطلاقات الحوثيين التي تم اعتراض معظمها من قبل منظومة “الحيتس”، ذكرت بأن القضية بعيدة عن الانتهاء. إسرائيل وجدت نفسها في حرب استنزاف جديدة، تدار من اليمن، وبشكل غير مباشر كما يبدو من إيران.
يحتار جهاز الأمن في مسألة إلى أي درجة يعمل الحوثيون باستقلالية، وما هي قوة التشجيع التي يحصلون عليها من إيران. عندما تم وقف إطلاق النار في لبنان ووقف إطلاق المسيرات من العراق وخفوت القتال في غزة، بقي الحوثيون جبهة التهديد الرئيسية لمركز البلاد، في محاولة يائسة من ناحيتهم. يكفي إطلاق صاروخ واحد كل يومين بالمتوسط من أجل بقائهم في الذاكرة كآخر من يحملون عبء النضال ضد إسرائيل، في مظاهرة التضامن مع بقايا الذراع العسكري لحماس في قطاع غزة. في المقابل، وللرد، على إسرائيل بذل جهود كبيرة – المهاجمة بالطائرات القتالية من مسافة 1800 كم، التي تحتاج إلى التخطيط واستثمار موارد كثيرة.
أمس بعد الظهر، هاجم سلاح الجو اليمن للمرة الرابعة منذ بداية الحرب، وللمرة الثانية في غضون أسبوع. كان من بين الأهداف هذه المرة بنى تحتية مدنية مثل المطار الدولي في صنعاء. قيادة الحوثيين هددت بالرد على هذه الهجمات. تعرف إسرائيل أن ما تم لا يكفي لإنهاء تبادل اللكمات. يأمل جهاز الأمن أنه بالإمكان تعزيز التنسيق الأمني مع الأمريكيين والبريطانيين لزيادة الضغط على الحوثيين. هناك شك كبير فيما إذا كان هذا التوجه سيساعد. والتناقض، أنه رغم كبر حجم الضرر، فإن إسرائيل لا تجد أي طريقة لردع الحوثيين. المتمردون في اليمن، الذين نجحوا في مواجهة الحكومة المحلية والسعودية والإمارات، لا يخافون. يصعب التهديد بإعادة النظام إلى العصر الحجري وهو بقدر ما يعيش فيه أساساً، باستثناء قدرته التكنولوجية في القتال.
في هذا الأسبوع، نشر أن رئيس الموساد دافيد برنياع، أوصى رئيس الحكومة بالرد على إطلاق الحوثيين بواسطة مهاجمة إيران. ولكن وراء إزعاج الحوثيين (الذي مشكوك فيه إيجاد حل له بدون صفقة تبادل ووقف القتال في قطاع غزة) يختفي موضوع استراتيجي آخر أهم، يتعلق بالمشروع النووي الإيراني وطريقة مواجهته، في الوقت الذي يبدو فيه نظام طهران أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى قدرة نووية كاملة. وحتى إن نظام إيران سيتخذ قرار التقدم إلى هناك، بالذات على خلفية الضربات التي تعرض لها في السنة الأخيرة، التي تشمل المس بحماس، وفشل حزب الله، وسقوط نظام الأسد، والمس بمنظومة الدفاع الجوية وخطوط إنتاج السلاح الباليستي في إيران نفسها، نتيجة هجوم إسرائيل الأخير في 26 تشرين الأول.
المتغير الأساسي في المعادلة، إضافة إلى حالة الضعف النادر التي وجدت إيران نفسها فيها، يتعلق بساسة أمريكا. إدارة بايدن اتبعت خطاً متسامحاً جداً مع الإيرانيين، لكنها لم تنجح في التوصل إلى اتفاق نووي جديد معهم، بدلاً من الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس السابق (والقادم) دونالد ترامب في 2018. يعود ترامب إلى السلطة مع إظهار موقف واضح مناوئ لإيران، وهو عرف بأن الإيرانيين تآمروا على اغتياله بعد هزيمته أمام بايدن في انتخابات 2020، كانتقام على التعليمات التي أصدرها لاغتيال الجنرال قاسم سليماني. الرئيس الأمريكي المنتخب هو الذي سيتعين عليه التقرير إذا كان سيحاول بلورة اتفاق نووي جديد، متشدد أكثر، أو إذا كان سيدعم عملية عسكرية إسرائيلية، تمس للمرة الأولى بالمنشآت النووية نفسها.
إيران لا توجد فقط في نقطة ضعف استثنائية، بل هي معرضة للهجوم أكثر من أي وقت، إزاء شلل منظومة دفاعها الجوي. منع وصول إيران إلى السلاح النووي، حتى بالقوة، هو مبدأ أساسي استراتيجي لنتنياهو منذ عشرين سنة على الأقل. لذلك، فإن إمكانية مهاجمة إسرائيل، التي ستركز في هذه المرة على إبعاد إيران عن القدرة النووية، ستحلق فوق الشرق الأوسط في الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية.
هناك ساحة واحدة تم حسم الصراع فيها الآن، وهي لبنان. فبعد شهر على دخول وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ، لم تتم مشاهدة أي محاولة حقيقية من قبل حزب الله لخرقه. إسرائيل هي التي تتبع بشكل متعمد مقاربة عنيفة ومصممة لتقول للمنظمة الشيعية بأنه من الأفضل لها الامتناع عن الاستفزاز. إضافة إلى الإحاطات العسكرية لوسائل الإعلام، فإن الجيش قدم للجمهور عرضاً للغنائم في هذا الأسبوع، بما في ذلك كمية كبيرة من السلاح الذي تركه حزب الله خلفه عندما هرب من جنوب لبنان.
عاموس هرئيل
هآرتس 27/12/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب