صاندي تايمز: ما هي خطط ترامب لمواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية؟

صاندي تايمز: ما هي خطط ترامب لمواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية؟
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية تقريرا أعدته لويز كالاغان قالت فيه إن الولايات المتحدة تواجه بعد هجوم نيو أورليانز في بداية عام 2025 تهديدا من تنظيم الدولة الإسلامية، والسؤال: كيف ستواجه هذا التهديد؟
وقالت إن الجندي السابق في الجيش الأمريكي شمس الدين جبار، أقسم على الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية وقاد شاحنة لدهس تجمع من المحتفلين بالعام الجديد، حيث وصف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الهجوم بأنه “شر محض”. ولكن ما هي خطة الرئيس المقبل للتعامل مع التهديد وكيف ينوي منع هجمات أخرى محتملة؟
استغل فريق الرئيس المنتخب الحادثة التي قتل فيها جبار 14 شخصا للهجوم على إدارة الرئيس جو بايدن وسياساته
فقد استغل فريق الرئيس المنتخب الحادثة التي قتل فيها جبار 14 شخصا للهجوم على إدارة الرئيس جو بايدن وسياساته. وكان أحد هؤلاء هو سبستيان غوركا، المولود في بريطانيا والذي رشحه ترامب كمدير لمكافحة الإرهاب، واتهمه بأنه “ساعد” الجهاديين من خلال التركيز على جماعات التفوق العرقي الأبيض، والتي وصفها الرئيس بأنها أخطر الجماعات الإرهابية في الوطن الأمريكي.
وأخبر غوركا صحيفة “صاندي تايمز” قائلا: “بعد سنوات بايدن الضعيفة، أمريكا ستقوم بالهجوم ضد التهديد الجهادي بدلا من مساعدته”. وأكد على ضرورة فرض ضوابط أكثر صرامة على الهجرة كوسيلة حاسمة لمواجهة مثل هذا الخطر، على الرغم من أن جبار ولد ونشأ في الولايات المتحدة.
كما زعم غوركا أن بايدن كان متساهلا مع الجهاديين، الذين “غرست الأيديولوجية في عقولهم وجندوا في حركة عالمية ضد الحضارة اليهودية المسيحية”.
وقال: “سننزع الشرعية عن هذه الأيديولوجية المناهضة للغرب ونحيد دعاتها الرئيسيين”.
وبعد ساعات من الهجوم نشر ترامب على منصته “تروث” منشورا جاء فيه: “عندما قلت إن المجرمين القادمين هم أسوأ بكثير من المجرمين الموجودين في بلدنا، رفض الديمقراطيون ووسائل الإعلام الكاذبة هذا التصريح باستمرار، لكن تبين أنه صحيح. معدل الجريمة في بلدنا وصل مستوى لم يشهده أحد من قبل”.
وبعد تحديد السلطات هوية جبار وأنه مواطن أمريكي، واصل ترامب الكتابة رابطا الهجوم بـ”سياسة الحدود المفتوحة” التي ينتهجها بايدن، و”سيصبح الإرهاب الإسلامي المتطرف وأشكال أخرى من الجرائم العنيفة، سيئة جدا في أمريكا لدرجة أنه سيصبح من الصعب حتى تخيلها أو تصديقها”.
وكتب ستيفن ميلر، أحد مستشاري ترامب البارزين على منصة إكس بأن “الإرهاب الإسلامي هو مستورد وليس محليا ولم يكن موجودا قبل أن تجلبه الهجرة إلى هنا”.
ومع وجود بعض الحالات عن ناشطين قالت السلطات الأمريكية إنهم من تنظيم الدولة دخلوا الولايات المتحدة عن طريق الحدود، إلا أن التشديد على الحدود لم يوقف متطرفين محليين مثل جبار. مثلا، في الصيف الماضي، اعتقلت السلطات الأمريكية، ثمانية رجال من الطاجيك عبروا الحدود عبر المكسيك واتهموا بالانتماء إلى تنظيم الدولة.
وكان كاش باتيل، الذي اختاره ترامب لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) واضحا في السابق بشأن تصميمه على تقليص حجم الوكالة المسؤولة عن اكتشاف الإرهابيين المحليين وهزيمتهم، والتخلص من أولئك الذين يعارضون أجندة ترامب داخلها.
كان كاش باتيل، الذي اختاره ترامب لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) واضحا في السابق بشأن تصميمه على تقليص حجم الوكالة المسؤولة عن اكتشاف الإرهابيين المحليين وهزيمتهم، والتخلص من أولئك الذين يعارضون أجندة ترامب داخلها
كما واستخدم مايك والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، هجوم الأسبوع الماضي للضغط على الكونغرس من أجل تأكيد تعيين باتيل وغيره من القادة المفترضين للوكالات والإدارات الأمنية.
وقال لفوكس نيوز “لهذا فتشكيل إدارة الرئيس ترامب مهم جدا” و”يجب أن يكون مكان لهؤلاء الناس في اليوم الأول، لأن هذه اللحظة [الفترة الانتقالية] هي لحظة ضعف”.
وعلى الصعيد الدولي، سلطت الهجمات الأخيرة الضوء على التهديد الجهادي المتجدد الذي يواجه الرئيس الجديد. فقبل خمس سنوات أعلن ترامب النصر على تنظيم الدولة وهو الآن يستعد لتولي منصبه مرة أخرى بعد حملته الانتخابية التي قامت على وعود بإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن من سوريا، حيث لعبت دورا حيويا في إبقاء تنظيم الدولة تحت السيطرة.
وقالت الصحيفة إن الجماعات الجهادية ظلت وعلى مدى العام الماضي نشطة. وتوسعت في بعض الحالات، في سوريا والعراق وأفغانستان ومنطقة الساحل والصحراء في غرب أفريقيا والقرن الأفريقي. وكلما ازدهرت، زاد خطر الهجمات المستلهمة من تنظيم الدولة في الغرب. كما وجه التنظيم ونفذ هجمات خاصة بها في الخارج في السنوات الأخيرة. وامتدت “الخلافة” للجماعة على مساحات شاسعة من العراق وسوريا حتى تم تدميرها في عام 2019 من قبل القوات المحلية المدعومة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ومع ذلك، قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، إن التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية لم يختف قط.
وقال بولتون، الذي انتقد رئيسه السابق علنا: “لقد رأيت في الأيام القليلة الماضية الكثير من الناس يقولون إن تنظيم الدولة الإسلامية في حالة تراجع، وأود أن أقول إن العكس هو الصحيح”. وأضاف أن انسحاب القوات الأمريكية وحلف الناتو من أفغانستان، خلق كما يقول بولتون، مساحة لتنظيم الدولة- فرع خراسان وساعده على تجميع وإعادة تنظيم نفسه. وقتل في العام الماضي 80 شخصا في إيران أثناء مناسبة لإحياء ذكرى مقتل الجنرال المعروف، قاسم سليماني، الذي استهدفته غارة أمريكية عام 2020 في مطار بغداد.
وفي الفترة الأخيرة، ظهر فراغ في سوريا بعد فرار الرئيس السوري بشار الأسد نهاية العام الماضي، حيث سمح لبقايا التنظيم العمل من جديد في الصحراء الشرقية والسيطرة على مخازن أسلحة وعتاد خلفه الجيش السوري.
عدد هجمات تنظيم الدولة في سوريا تضاعف ثلاث مرات في عام 2024
وقال آرون زيلين، الزميل البارز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن عدد هجمات تنظيم الدولة في سوريا تضاعف ثلاث مرات في عام 2024. وتوقع أن يكون لسحب القوات الأمريكية من المنطقة، كما وعدت حملة ترامب، عواقب أمنية وخيمة. وقال: “أعتقد أن العديد من الناس يشككون في قدرة أي شخص آخر على التعامل مع القضية بنفس الطريقة التي تستطيع بها الولايات المتحدة”. ومن الخطر وجود 9,000 مقاتل من تنظيم الدولة في السجون في شمال – شرق سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
ويحذر مسؤولو الاستخبارات من أنهم إذا هربوا، فقد يشكلون أساسا لتمرد خطير مثل الذي اجتاح العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية. ومع ذلك، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن جبار تصرف بمفرده في نيو أورليانز. إلا أن زيلين تحدث عن أن هجومه وحقيقة صدمه أهدافا مدنية بسيارة وهو يحمل علم التنظيم يشير بقوة إلى أنه كان يتابع دعاية التنظيم عبر الإنترنت، حيث كانت المجلات والحسابات ذات الصلة تدعو على مدى العقد الماضي إلى هجمات مماثلة.
وقال “من الواضح أن هذا الرجل اتبع تعليمات المجموعة بناء على دعايتها”. وفي الساعات التي أعقبت الهجوم، احتفل أنصار تنظيم الدولة بهجوم جبار على منصات التواصل، مما أثار مخاوف من هجمات أخرى.
وفي الوقت نفسه علقت مجموعة صوفان، وهي شركة استشارية في مجال الاستخبارات والأمن: “الجميع يحب الفائز. وسيكون هناك أشخاص في الغرب الآن يرون هذا كفرصة لهم للانضمام إلى الفريق الفائز، أشخاص قد يكون لديهم بالفعل تظلمات، وقد يتعاطفون بالفعل مع هذه الأيديولوجية”.
وأضافت أن محاولات ترامب ومستشاريه تحميل إدارة بايدن وسياساته الحدودية، المسؤولية أمر خطير و”من خلال ربط الأمر بالهجرة، مع أنه لم يكن، يحتاج هؤلاء الرجال إلى أن يكونوا جادين، ويجب أن يكونوا جادين بسرعة” و”عندما تجلس في البيت الأبيض، عليك أن تتعامل مع الحقائق والأدلة والبيانات، وهذا هو المعيار الذي يجب أن يحاسب الشعب الأمريكي الرئيس عليه، وسيحتاج ترامب إلى الاعتماد على نفس وكالات الاستخبارات التي عادة ما يشوه سمعتها، لأن هؤلاء هم الأشخاص الذين يشكلون رأس الحربة”.
وقال برادلي موس، المحامي المتخصص في الأمن القومي، إن الهجوم في نيو أورليانز يأتي في وقت يقيم فيه ترامب وحلفاؤه مدى التزامهم بوعود حملتهم الانتخابية بتطهير وكالات الاستخبارات مما يسمونه التدخل السياسي. فقد قال باتيل في عام 2023، مثلا إن إدارة ترامب الجديدة “ستلاحق” الأشخاص الذين صنفهم على أنهم “متآمرون” يعملون ضد ترامب داخل الحكومة الفيدرالية وكذابون “في وسائل الإعلام، الذين ساعدوا جو بايدن في تزوير الانتخابات الرئاسية”.
وقال موس إن فريق البيت الأبيض القادم عليه الآن أن يفهم كيفية الموازنة بين “الانتقام السياسي لترامب ضد الدولة العميقة”، وتحديدا جهاز الأمن الذي يعتقد أنه طارده بشكل غير عادل منذ ترك منصبه في عام 2021 – وبين التزامه كرئيس “بحماية البلاد، سواء من التهديدات الخارجية أو الداخلية”. وأضاف: “هذا عمل يحتاج لموازنة، ربما لم يكن ترامب يتوقع التعامل معه، لكنه الآن سيكون في المقدمة والمركز عندما يتولى منصبه”.
– “القدس العربي”: