الصحافه

“شقيق السنوار يعرفكم جيداً”.. لكاتس: عن أي ضربة “غير مسبوقة” تتحدث؟

“شقيق السنوار يعرفكم جيداً”.. لكاتس: عن أي ضربة “غير مسبوقة” تتحدث؟

محمد السنوار، المخرب الذي أودعت قيادة حماس حياة المخطوفين في غزة في يديه هو المخرب الذي اختطف جلعاد شاليط قبل 18 سنة ونصف وكان مسؤولاً عن أسره في شقة خفية في خان يونس طوال خمس سنوات. تفاصيل سيرته الذاتية هذه سمعتها هذا الأسبوع من مصدر يفترض أنه يعرف. فكرت بالسنوار، وبنتنياهو، الشخصين اللذين يفترض بهما أن يحسما ما إذا أمكن إبرام صفقة؛ وأي صفقة – صغيرة، كبيرة، أم شاملة.

تعلم السنوار من قضية شاليط بأن الصبر مجدٍ: بعد خمس سنوات من الأسر، حررت إسرائيل 1027 مخرباً من سجونها، أكثر مما طلبت حماس في بداية الطريق. رئيس الوزراء أولمرت قال لا، ورئيس الوزراء نتنياهو، بضغط الرأي العام، قال نعم. هو تعلم أيضاً أنه هو ومنظمته يمكنهما أن يحفظا السر في غزة: جهود “الشاباك” والجيش في العثور على مكان حبس شاليط باءت بالفشل.

يحيى السنوار، وأخوه، كانا من المخربين الذين تحرروا في الصفقة. صورته وهو يرفع شارة النصر من خلف نافذة الباص، أصبحت أيقونة. محمد يحلم بصورة جديدة تغطي على صورة أخيه يحيى: مئات قتلة حماس يخرجون من السجن في إسرائيل في قافلة نصر طويلة، يشكرون الله ويشكرونه.

الصورة إياها حاضرة في رأس نتنياهو. صفقة شاليط كانت جميلة في ساعتها. استخلص منها استعراضاً مؤثراً، كان مناسباً لاحتياجاته في ذاك الوقت. لكن بعد 7 أكتوبر، جمع الجمهور الإسرائيلي تجربة، ويعرف ما الذي يمكن للمخربين المحررين من السجن أن يفعلوه.

كل طرف استخلص درسه: السنوار يريد صفقة شاملة مع إعلان عن وقف القتال في غزة وتحرير جماعي للمخربين من السجون؛ ونتنياهو يسعى لصفقة صغيرة، شبه رمزية، تسمح له باجتياز الأزمة في الائتلاف ويدعي استئناف القتال لاحقاً. يسأل الناس كيف كان يمكن لنتنياهو أن يحرر أكثر من ألف مخرب مقابل جندي واحد، لكنه غير مستعد لفعل هذا من أجل مئة إسرائيلي اختطفوا تحت ورديته. والجواب أن نتنياهو تغير، وخريطة مصالحه تغيرت أيضاً. من انثنى أمام واحد انغلق الآن أمام مئة.

 ثمة حجج تطرح هنا وهناك في الجدال المتواصل على تحرير المخطوفين؛ يفضل طاقم المفاوضات وقيادة أذرع الأمن صفقة شاملة الآن. والدافع الأخلاقي واضح: الصفقة الصغيرة أو تفجير المفاوضات ربما يحكمان على المخطوفين الذين يتبقون في غزة بالموت. الدولة التي تركتهم لمصيرهم في 7 أكتوبر تركتهم لمصيرهم مرة أخرى في أثناء الحرب، بل تسببت بموتهم في الأسر في بعض من الحالات، ولا يمكنها أن تتركهم لمصيرهم للمرة الثالثة. هذه وصمة، وهذا عار لن يمحى.

يصعب تحريك الحكومة الحالية بالتبريرات الأخلاقية. ربما التبريرات العملية تكون أكثر نجاحاً: صفقة شاملة في غزة ستحرر جهاز الأمن من أعباء ثقيلة؛ فستنهي حرب استنزاف لا استراتيجية خروج لها ولا غاية. كل يوم يجبي ثمناً من الجيش الإسرائيلي، بالقتلى والجرحى. لم يعد هناك معنى لعدد المخربين الذين يقتلون: فالمستنقع لا يجف، والنار لا تتوقف.

وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، يكثر من التحذير. قبل بضعة أيام جاء إلى “نتيفوت”. “إذا لم توقف حماس نار الصواريخ فستتلقى ضربة عسكرية غير مسبوقة”، أعلن. أنا أعترف: لا أفهم. طوال سنة وربع والجيش الأقوى في الشرق الأوسط ينزل على غزة، جواً وبراً وبحراً بكل فرقه وسلاحه؛ قتل 45 ألفاً منهم أطفال وشيوخ ونساء. بقي في القطاع كله القليل من البيوت المناسبة للسكن البشري؛ وها هم مذيعو التلفزيون يشجعون على هدم ما تبقى. قرابة مليوني نسمة طردوا مرة ومرتين ويقضون الشتاء في الخيام؛ ومنظمات الإغاثة تبلغ عن موت رضع، وسوء تغذية، وأوبئة وفوضى. لنفترض أن كل هذا مبرر من ناحية عملياتية، فأي “ضربة غير مسبوقة” يمكن بعد هذا أن ننزلها عليهم؟

ثمة من يتطلع إلى 20 كانون الثاني، يوم ترسيم الرئيس ترامب: الإدارة الجديدة لن تقلق إسرائيل بالشكاوى عن انعدام المساعدات الإنسانية. سيكون ممكناً تنفيذ خطة الحصار لصاحبها غيورا آيلند، بكاملها. معقول الافتراض بأن ضائقة الغزيين ستقلق ترامب أقل مما أقلقت بايدن. لكن ماذا سيفعل الأوروبيون؟ ماذا سيفعل الديمقراطيون في الكونغرس؟ ماذا ستفعل المحاكم في لاهاي؟ على ماذا سيركز الجيش الإسرائيلي مقدراته في السنوات القادمة، في الإعداد لمواجهة محتملة مع إيران، أم في استنزاف متواصل في غزة؟

صفقة شاملة لن تضمن هدوءاً من غزة، لكنها ستسمح للدولة بأن تعود لنفسها، لحلمها الأساس، لالتزامها تجاه مواطنيها. نتنياهو فهم هذا في لبنان. يصعب عليه أن يفهم هذا في غزة.

ناحوم برنياع

يديعوت احرونوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب