الصحافه

لماذا تبدو الصفقة الحالية الأقرب إلى التفاؤل؟

لماذا تبدو الصفقة الحالية الأقرب إلى التفاؤل؟

عاموس هرئيل

كما يبدو هناك أساس للتفاؤل لأول مرة بعد بضعة أشهر. دخول ترامب القريب إلى البيت الأبيض يزيد احتمالية التوقيع على صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس. ترتكز التقارير على أساس في هذه المرة. المحادثات في قطر تجري بشكل حثيث منذ بضعة أسابيع، والآن يظهر تقدم واضح. التغيير الرئيسي ينبع من ترامب نفسه. فطلبه القاطع بحل هذه القضية قبل عودته إلى منصب الرئيس، والتهديد بفتح “أبواب جهنم” إذا لم تتم الاستجابة له، يبدو أنها تخلق ضغطاً ما على الطرفين. خطوة ترامب تتناغم مع مساعدي الرئيس التارك بايدن.

يتوقع أن تشمل الصفقة تحرير مخطوفين على مرحلتين. في البداية، سيتم إطلاق سراح النساء وكبار السن والمرضى والمشمولين في “المجموعة الإنسانية”. يمكن تنفيذ المرحلة الأولى بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، الذي سيكون خلاله انسحاب كبير للجيش الإسرائيلي من بعض المناطق التي احتلها في القطاع. مصدر أمني رفيع قال للصحيفة بأنه رغم الحقائق اللوجستية الكبيرة التي تم القيام بها في ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا وفي أرجاء القطاع، فإن البناء هناك تم حسب مقاربة تقول بأن “كل شيء مؤقت، وعند الحاجة يمكن تفكيكه بسرعة نسبية” (هذه المقاربة مختلفة كلياً عن نية أحزاب اليمين المتطرفة والمستوطنين، الذين يعملون على احتلال دائم لأجزاء في القطاع على الأقل).

مصدر أمني رفيع قال للصحيفة بأنه رغم الحقائق اللوجستية الكبيرة التي تم القيام بها في ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا وفي أرجاء القطاع، فإن البناء هناك تم حسب مقاربة تقول بأن “كل شيء مؤقت، وعند الحاجة يمكن تفكيكه بسرعة نسبية”

أثناء تنفيذ المرحلة الأولى، يفترض إجراء نقاش حول تحرير المجموعة الثانية التي تشمل الجنود والرجال الشباب. تشمل الصفقة أيضاً اعادة جثامين المخطوفين، رغم خوف من أن يقول الفلسطينيون إنه لا يمكن العثور على بعضها. يتم احتجاز 98 مخطوفاً، إسرائيلياً وأجنبياً، في القطاع. والتقدير أن نصفهم ما زالوا أحياء. وحسب معرفتنا، تعمل ادارة ترامب على صفقة شاملة، تعني إنهاء الحرب في القطاع. مع ذلك، حتى لو تم الاتفاق فقط على تفاصيل المرحلة الأولى، فربما تفرض جهود أمريكية على الطرفين تنفيذ المرحلة الثانية وبلورة صفقة شاملة، التي تعني محاولة لوقف القتال لفترة طويلة.

في الأسبوع الماضي، وصل إلى الدوحة مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط ستيف فيتكوف، وكان له دور في المحادثات بين دول الوساطة والأطراف. وصل فيتكوف أمس بشكل مفاجئ من الدوحة إلى القدس، والتقى مع رئيس الحكومة نتنياهو. قرار نتنياهو إرسال طاقم إسرائيل الرفيع، رئيس الموساد ورئيس الشباك ورئيس هيئة الاسرى والمفقودين أمس إلى قطر، هو إشارة أخرى متفائلة بأن الاتفاق قريب حقاً. يبدو أن نتنياهو منح للطاقم هذه المرة هامشاً كبيراً للمناورة في المفاوضات، أكثر من السابق. في الجولات السابقة، كان يبدو أن رئيس الحكومة يتعمد إفشال المفاوضين الإسرائيليين من خلال منحهم تفويضاً ضيقاً جداً.

بخصوص التهديدات الأمريكية، يصعب الاعتقاد بأن حماس تعتقد بأن ترامب سيزود نتنياهو بقذائف ثقيلة لمحو ما بقي من المناطق المبنية في القطاع. وحتى بدون ذلك، الدمار في غزة كبير بما فيه الكفاية، لكن إذا كان الرئيس القادم ينوي السماح لإسرائيل بالتشويش على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فسيكون تطور قد يزعج حماس، التي هي نفسها تتغذى على تضخيم أسعار البضائع وتستخدم المواد الغذائية لتهدئة غضب سكان القطاع عليها.

من جهة أخرى، ربما يعتقد نتنياهو أن تهديدات شركائه في اليمين المتطرف بحل الائتلاف إذا نفذ المرحلة الأولى في صفقة التبادل، أقل وضوحاً من قبل. في نهاية المواجهة بينه وبين وزير الأمن الوطني بن غفير حول التصويت في الكنيست قبل أسبوع، فالأخير هو الذي تراجع. في حين أن وزير المالية سموتريتش بصعوبة يصل إلى نسبة الحسم في الاستطلاعات على خلفية الانتقاد الشديد من قبل ناخبيه بسبب التعاون مع جهود إجازة قانون إعفاء الحريديم من الخدمة. مواقف مساومة الاثنين بخصوص الائتلاف ضعفت. فهل سيكون هذا كافياً حتى يلين نتنياهو موقفه في المفاوضات مع حماس؟ يبدو الأمل أكثر رسوخاً في هذه المرة، ودعم الجمهور الإسرائيلي لصفقة إعادة المخطوفين كبير جداً.

إضافة إلى الحاجة للدفع قدماً بإعادة المخطوفين، ثمة سبب آخر حاسم للتوصل إلى الصفقة وإنهاء الحرب في قطاع غزة والآن. صباح أمس، قتل أربعة جنود في شمال القطاع. وفي هذه المرة، كان هؤلاء جنوداً في قوة لواء “الناحل”، الذين أصيبوا بعبوة ناسفة كبيرة تم زرعها وتفجيرها في قافلة سيارات غير محصنة، وأصيب ستة جنود، بينهم واحد بإصابة بالغة. في الأسبوع الماضي، قتل أيضاً عشرة جنود في القطاع. عدد الجنود القتلى في العملية في شمال القطاع التي بدأت في تشرين الأول الماضي وصل إلى 50 قتيلاً.

خلافاً لتصريحات القيادة في إسرائيل، لا فائدة حقيقية للحرب في القطاع الآن. الجيش الإسرائيلي في الحقيقة يجبي ثمناً باهظاً من حماس، لكنه لا يقترب على الإطلاق من الحسم العسكري الكامل، وهو يتكبد خسائر كبيرة في حرب استنزاف طويلة ووحشية. الصفقة يمكن أن تكون بداية عملية خلق واقع سياسي مختلف في القطاع، يدمج الأمريكيين والدول العربية المعتدلة في الحل. سيكون هناك رهان كبير ولكنه أفضل من استمرار سفك الدماء القائم. وعلى أقل تقدير، إذا كررت حماس هجمتها فسيكون لإسرائيل المبرر لاستئناف الحرب ضدها.

 هآرتس 12/1/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب