أهالي الفندق وجينصافوط: “لولا أهالي القرية لاحترقنا.. حتى جنودهم أخفوا الدليل”
أهالي الفندق وجينصافوط: “لولا أهالي القرية لاحترقنا.. حتى جنودهم أخفوا الدليل”
عندما حاول المستوطنون أول أمس إحراق بيت مُقدس، ابنة الـ 63 من قرية جينصافوط في شمال الضفة الغربية، كانت مع ابنها (30 سنة) وابن شقيقها (20 سنة). “حاولت إطفاء النار بالمياه، لكن ذلك زادها اشتعالاً”، قالت. “كلما أحاول إطفاء النار يعتدي عليّ المستوطنون”. كانت الحادثة في التاسعة والنصف مساء، كاميرات الحماية وثقت بضع عشرات من المستوطنين الذين يرتدون معاطف سوداء ويطوقون البيت وينقضون عليه ويشعلون إحدى النوافذ، وشاحنة تقف في الخارج. نجح أبناء العائلة في إطفاء النار في نهاية المطاف، التي لم تتجاوز النافذة والجدار الداخلي للصالون. وقالت “مقدس” إن ممثلين من الجيش وصلوا إلى المكان بعد الحادثة، واستولوا على تسجيلات كاميرات الحماية. تضرر في هذه الحادثة ثلاثة مشاتل وتراكتوران وثلاث سيارات وبيت آخر. حتى الآن، لم يتم اعتقال أي شخص من المشاغبين، ولكن شرطياً تم التحقيق معه بتهمة إطلاقه النار على مستوطنين وأصابهما إصابة طفيفة بعد أن رشّا عليه غاز الفلفل.
بيت العائلة الأخرى رشق بالحجارة أثناء وجود اثنين من المسنين وابنتهما فيه. “فجأة، سمعت صوت انفجار في الخارج”، قالت البنت مرام. “سألت عبر مجموعة “واتساب” القرية عما يحدث. عندها، سمعت صراخاً في كل المنطقة”. في هذه المرحلة، قالت إنها نظرت من النافذة وشاهدت عدداً من المستوطنين الذين يرتدون ملابس سوداء. “اتصلت بشخص في القرية، وطلبت منه القدوم لمساعدتنا. أيقظت والدي واختبأنا في غرفة داخل البيت”، قالت. والدة مرام عمرها 77 سنة، ووالدها 88 سنة. “بعد فترة، بدأنا نسمع أصواتاً باللغة العربية لشباب القرية، وفهمنا أنهم جاءوا لحمايتنا. تم إنقاذ الثلاثة من البيت، ولم يعودوا إليه منتصف الليل. “لو لم يأت الشباب، لاحترقنا”، قالت.
المشاتل الموجودة على شارع 55، الشارع الرئيسي الذي يمر من القرية إلى قرية الفندق القريبة، تعرضت لضرر كبير جداً. جينصافوط والفندق متقاربتان جداً، وبيوتهما متجاورة، إلى درجة لا يمكن التمييز بينها. رغم أن معظم الأضرار شملت ممتلكات في جينصافوط، فإن أعمال الشغب وصلت بعد دعوات للانتقام من سكان قرية الفندق بسبب العملية التي حدثت في ذلك المكان قبل أسبوعين. في تلك العملية، تم إطلاق النار وقتل ثلاثة أشخاص، اثنتان من الثلاثة، رحيل كوهين وعليزا رايز، هما من سكان مستوطنة “كدوميم”، والثالث العاد يعقوب فنكلشتاين.
منذ العملية، لا سيما منذ إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في صفقة التبادل في بداية الأسبوع، بات الكثير من المستوطنين المتطرفين يدعون عبر الشبكات الاجتماعية التوجه إلى مداخل القرى في الضفة الغربية والتظاهر هناك. عملياً، يقوم المشاركون في بعض الحالات في هذه المظاهرات برشق الحجارة على الفلسطينيين ويلحقون الأضرار بالممتلكات. أول أمس، قبل البدء في أعمال الشغب، نشرت مثل هذه الدعوات. في الأيام التي أعقبت العملية، تم تعليق لافتة على مدخل قرية الفندق كتب فيها باللغة العربية “يجب تدمير الفندق الآن”.
اليشع ييرد، المتحدث السابق باسم عضوة الكنيست ليمور سون – هار ميلخ، المتهم بقتل فلسطيني في قرية برقة في 2023، كتب أول أمس بأن “عمليات الإحراق هي تدمير بنى تحتية للعدو التي كان يجب القيام بها غداة العملية على يد جنود الجيش الإسرائيلي”.
لا يوجد وعي حربي
في اليوم الأول، نظم مجلس مستوطنة “كدوميم” عملية احتجاج، طلب فيها المتظاهرون من الإدارة المدنية تدمير المحلات التجارية في القرية. في إطار الاحتجاج، نقل رئيس المجلس عوزئيل فتيك، مكتبه إلى مكان أعمال الشغب أول أمس. وحسب ادعاء فتيك، على الإدارة المدنية تدمير المحلات التجارية المحاذية للشارع الرئيسي لأنها غير قانونية وتتسبب بمشكلة أمنية. “من غير المعقول أن يخاف الناس من الذهاب إلى بيوتهم”، قال لصحيفة “هآرتس” الأحد. “دولة إسرائيل لم تمارس السلطة منذ عشرات السنين. الشارع تقلص وأصبح ضيقاً. لقد حان الوقت كي تمارس إسرائيل السيادة والحكم”. وأضاف فتيك بأنه قال لرئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس بأن المشكلة بعدم وجود وعي حربي في “يهودا والسامرة”. الأحد، أعلن فتيك بأن الاحتجاج أدى إلى إنجازات. وحسب البيان الذي نشره، ستبدأ الإدارة المدنية في الأيام القريبة القادمة في تدمير وإخلاء المحلات التجارية والمباني القريبة من الشارع. وقال إن أوامر هدم ستوزع بخصوص عدد من المباني في القرية في عملية سريعة، وسيتم تسريع إجراءات شق شارع يلتف حول قرية الفندق، الأمر الذي بدأ في الفترة الأخيرة. وقال رئيس المجلس المحلي لقرية الفندق، لؤي تيم، إن أوامر الهدم تم توزيعها بخصوص أربعة مبان في القرية، لكن هذه المباني لا تقع على الشارع. وحسب قوله، هذه المباني مأهولة بالعائلات، وهي موجودة منذ سنوات في إجراءات الحصول على ترخيص بأثر رجعي في الإدارة المدنية.
بدأ الجيش بخطوات أخرى تمس نظام حياة سكان القرية، الذين كما قلنا لم يكونوا مشاركين في العملية. الكثير من سكان القرية يعتاشون لكونها مركزاً تجارياً يقع على شارع رئيسي. ولكن في هذا الأسبوع، كان هناك محلات تجارية كثيرة في القرية مغلقة بأمر من الجيش. وفي بعض الأيام، حظر على السكان التجول في الشارع خلال ساعات في اليوم. إضافة إلى ذلك، سيطر الجيش على عدة بيوت في القرية وأخلوا سكانها.
أحد السكان الذين تم إخلاؤهم من بيوتهم هو رئيس المجلس تيم، وهو مواطن كندي وأب لأربعة أولاد، ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة. “الجنود أمروا لزوجتي وأولادي بالخروج من البيت”، قال. “اعتقدوا أن الإخلاء بغرض إجراء التفتيش”. ولكن الجنود بقوا هناك أسبوعين. سمحوا لنا بدخول البيت مرة واحدة لأخذ الأدوية. وبعد أسبوعين، سمح للعائلة بالعودة إلى بيتها، الذي تركه الجنود في حالة مزرية.
حتى الآن، لم ترد الشرطة والإدارة المدنية. رداً على ذلك، قال المتحدث بلسان الجيش إنه “عند الحصول على تقارير حول الإخلال بالنظام، ذهبت قوات من الجيش والشرطة إلى المكان. وعقب الأحداث، تم فتح تحقيق في قسم التحقيقات مع رجال الشرطة وفي الشرطة العسكرية. وجاء أنه “في أعقاب العملية، تم وضع اليد على مبان بشكل مؤقت لغرض أمني. الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المباني لم يتم إبعادهم أو طردهم منها. وضع اليد على هذه المباني قيد الفحص”. خلافاً لأقوال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون في البيوت التي تم وضع اليد عليها تم إبعادهم عنها.
هاجر شيزاف ويهوشع براينر
هآرتس 22/1/2025