منوعات

قضية التعليم ما بين الكوميديا السينمائية الساخرة والتراجيديا البائسة

قضية التعليم ما بين الكوميديا السينمائية الساخرة والتراجيديا البائسة

كمال القاضي

كانت وما زالت قضية التعليم من القضايا الأساسية التي تحتل الصدارة في أولويات الكُتاب والمخرجين وصُناع السينما، فعلى قدر الاهتمام جاء التنوع في التناول ما بين أطروحات جادة وقوية كشفت عن أهم الأخطار الحقيقية التي تواجه العملية التعليمية، وغيرها من الأشكال الكوميدية التي أثارت السخرية وفجرت الضحك من كثرة غرابتها. غير أن هناك نوعيات أخرى اتسمت بالتراجيدية الشديدة وخلقت حالة اكتئابية كونها ناقشت آثار التسرب من التعليم وعدم اقتران التعليم بمفهوم التربية لدى الكثير من الطُلاب الذين دفعوا أثماناً باهظة جراء إهمالهم وانحرافهم عن جادة الصواب.

«إحنا التلامذة»

من بين النماذج السينمائية القوية التي عرضت مشاكل الطُلاب وتأثير النشأة السلبية على مستقبلهم وحياتهم، فيلم «إحنا التلامذة» للكاتب كامل يوسف والمخرج عاطف سالم وبطولة شكري سرحان وتحية كاريوكا وعمر الشريف ويوسف فخر الدين إنتاج عام 1959. فهذا الفيلم اتخذ من حياة الترف أو البؤس التي عاشها الطُلاب محوراً دارت حوله كل التفاصيل والمُشكلات وانتهت أحداثه بجريمة قتل كانت دوافعها السرقة بالإكراه فدفع الأبطال الثلاثة ثمن ما اقترفوه من جُرم في حق الضحية وحق أنفسهم وحق المُجتمع.

مدرسة المشاغبين

هذا العنوان ربما كان هو الأشهر على الإطلاق بين كل ما تم طرحه من موضوعات تخص القضية التعليمية وطلاب المدارس الثانوية، ففيلم «مدرسة المشاغبين» هو نفسه الذي تحول فيما بعد إلى مسرحية بنفس الاسم اكتسبت شعبية كبيرة ونالت العديد من أساليب النقد والاحتجاج، والقصة ذاتها مأخوذة عن دراما بريطانية بعنوان «إلى المُعلم.. مع الحُب».
الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1971 أخرجه حُسام الدين مصطفى ولعب بطولته نور الشريف وميرفت أمين وعبد المنعم مدبولي ومحمد عوض ويوسف فخر الدين وسيد زيان، بينما جسد أدوار البطولة في المسرحية، عادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلي ويونس شلبي وكتب النص المسرحي علي سالم وقام بالإخراج جلال الشرقاوي.
وبعد مرور سنوات طويلة جاءت تجربة فيلم «أولى ثانوي» لنور الشريف مُغايرة ومختلفة، حيث استهدفت الفكرة التقويم والتأكيد على علاقة طُلاب المدارس الثانوية بالقدوة الاجتماعية كنوع من الوقاية والحماية المُجتمعية ضد أشكال الانحراف والفشل، ففي سياق المُعالجة تم الربط بين اقتناء التحف الأثرية وهي هواية البطل نور الشريف وبين حُبه للتلاميذ ورعايته لهم بوصفهم مشروع المُستقبل المضمون والجواهر الحقيقية المُدخرة للزمن.

الناظر

فيلم «الناظر» هو أحد الأعمال السينمائية المهمة في هذا الخصوص، وقد مثل فرصة العُمر للمُمثل الراحل علاء ولي الدين في القيام بالبطولة المُطلقة ليُثبت نفسه على هذه الدرجة والمكانة لدى الجمهور، وبالفعل نجح الفيلم ونجح الدور وبرزت شخصية الناظر علاء ولي الدين أو صلاح الدين حسب التسمية الدرامية، ودللت الأرقام في شباك التذاكر على نجاح التجربة المقترنة بمفهوم التعليم والنظام الدراسي والمجتمع الطلابي وغيرها.
وفي مرحلة سابقة دخل الفنان محمد هنيدي أيضاً سباق الرهان على التعليم كقضية محورية أساسية في المُعالجة الدرامية الكوميدية بفيلمه «مبروك أبو العلمين حمودة» مع المطربة سيرين عبد النور والفنانة ليلى طاهر وعزت أبو عوف ومظهر أبو النجا وإدوارد، فقد جسد هنيدي شخصية المُدرس التقليدي المُتشدد في تطبيق قواعد التربية والتعليم والمعني بأصول اللغة العربية، في محاولات كثيرة منه لتقويم سلوك التلاميذ وإجبارهم على المُذاكرة والتحصيل باستخدام العصا كوسيلة للترهيب والتخويف من أجل الصالح العام.
لكنه لم يفلح تماماً في تطبيق هذه القاعدة أمام التحديات التي واجهته والمُغريات التي أحاطت به، ما أدى إلى انحرافه هو شخصياً في مرحلة ما بعد لقائه مع المُغنية التي جذبته إلى عالمها قبل أن يتدارك أزمته ويُصلح من شأنه كي يحتفظ لنفسه بهيبة المُعلم ويقود تلاميذه إلى بر الأمان.

«شاومنج»

وبامتداد الحالة المُقلقة لمُشكلات التعليم في المدارس المصرية تعددت الصور السينمائية واختلفت في أنماطها وجاءت تجارب أخرى لتُشير إلى مواطن الخلل في تنفيذ العملية التعليمية وتحذر من مغبة النتائج والعواقب إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، وذلك قبل سنوات قليلة من الآن.
ومن العينات الجديدة للأفلام الناقدة لمساوئ التعليم، فيلم «شاومنج» تأليف أشرف حسني وإخراج شادي أبو شادي وبطولة نشوى مصطفى وصلاح عبد الله وبيومي فؤاد. الفيلم ركز في طرحه على جزئية مهمة للغاية تتصل بحالات الغش في امتحانات الثانوية العامة وما يترتب عليها من وصول بعض التلاميذ غير المتفوقين إلى كليات القمة بدون تأهيل حقيقي لها، وهو شيء جدير بخلق أزمات عديدة في المُستقبل البعيد، حيث ارتفاع نسبة الرسوب بمختلف الجامعات وتراجع مستوى التحصيل بشكل ملحوظ في الكليات وانعدام الكفاءات في سوق العمل إلى آخره!
وتبقى نماذج إضافية لا تزال قيد المُشاهدة والتقييم من بينها فيلم «بنات ثانوي» بطولة جميلة عوض ومحمد الشرنوبي ومي الغيطي وهدى المُفتي ومايا السيد وهنادي مهنا، تأليف أيمن سلامة وإخراج محمود كامل.
كذلك فيلم «استدعاء ولي عمرو» بطولة محمد عز وسماح أنور وحورية فرغلي ومي كساب وصبري فواز ومحمد لطفي وانتصار، تأليف محمد سمير مبروك وإخراج أحمد البدري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب