مقالات

الإسلام السياسي-قراءة في أثر التوظيف الديني على العنف والاستبداد- بقلم محمد ضياء الدين-الهدف السودانية –

بقلم محمد ضياء الدين-الهدف السودانية -

الإسلام السياسي-قراءة في أثر التوظيف الديني على العنف والاستبداد-
بقلم محمد ضياء الدين-الهدف السودانية –
منذ فجر التاريخ الإسلامي، شكل الإسلام السياسي ظاهرة معقدة ومثيرة للجدل، حيث تم استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية، مما أدى إلى ظهور جماعات وتنظيمات مسلحة سعت إلى فرض رؤيتها بالقوة، وشوّهت بذلك جوهر الإسلام وقيمه السمحة.
فمنذ ظهور الخوارج، الذين رفعوا السلاح فى وجه المسلمين، وصولًا إلى الجماعات (الجهادية) المعاصرة، التي تبنت العنف والإره-اب وسيلة لتحقيق أهدافها، نجد أن الإسلام السياسي كان حاضراً في تغذية الصراعات وإذكاء الفتن، بحيث أصبح من المألوف أن نجد خلف كل مليشيا أو جماعة إرهابية، تنظيم إسلامي، هذه الجماعات، التى تعتمد على تفسيرات متشددة للنصوص الدينية، تسعى إلى إضفاء صبغة دينية على ممارساتها العنيفة، وتبريرها بادعاء الدفاع عن الدين أو تطبيق الشريعة.
علاوة على ذلك، فإن هذه الجماعات لا تتردد في استخدام العنف وسيلة للوصول إلى السلطة والحفاظ عليها، كما يظهر في التجربة التاريخية للعديد من الحركات الإسلامية التي حكمت أو حاولت أن تحكم باسم الدين.
إن الجماعات الإسلامية، التي تتسم بالتشدد والإقصاء، تسعى دائما إلى فرض رؤيتها الأيديولوجية على المجتمع بالقوة، وقمع أي معارضة أو انتقاد.
وفي واقعنا المعاصر، نشهد تنامياً مطرداً لظاهرة الجماعات والميليشيات المسلحة ذات الخلفية الإسلامية، التي تبنت العنف والإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها. تنظيمات مثل القاعدة وداعش، والحشد الشعبي وحزب الدعوة في العراق، وحركة الشباب الصومالية وبوكو حرام، والحوثيين في اليمن، والحرس الثوري الإيراني، وغيرها، كلها أمثلة على جماعات مسلحة تستخدم الدين غطاء لتبرير ممارساتها العنيفة.
وفي سياق متصل، نجد أن بعض الدول تستخدم هذه الجماعات والميليشيات لتوسيع نفوذها وتحقيق أهدافها السياسية، كما هو الحال مع إيران التي تستخدم الحرس الثوري والميليشيات الطائفية لفرض أجندتها في المنطقة.
أما في السودان، فقد شكّل الإسلام السياسي لعقود طويلة أداةً للقمع والاستبداد، حيث استخدمت جماعة الإسلام السياسي والحركة المتأسلمة وحزبها الحاكم المؤتمر الوطني، الدين كغطاء لشرعنة القمع والتنكيل بالمعارضين، وارتكاب الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أمر قبض فى مواجهة رئيس الدولة حينها وعدد من قيادات التنظيم، ومع سقوط النظام إثر الانتفاضة الثورية في ديسمبر، فقدت هذه الجماعات نفوذها مؤقتا ، لكنها سرعان ما عادت بعد انقلابها في 25 أكتوبر 2021 ، حيث استغلت الفراغ السياسي والأمني لإعادة تشكيل تحالفاتها.
ومع إندلاع الحرب، إانخرطت هذه الجماعات في أعمال وحشية وتصفيات جسدية، مما أعاد إلى الأذهان ممارسات القاعدة وداعش.
إن مواجهة هذا الخطر المتنامي للمليشيات الإسلاموية الإرهابية، تتطلب جملة إجراءات تبدأ بتفكيك الأيديولوجيات الدينية المتطرفة، وفضح زيف دعاواها، وتجفيف منابع تمويلها، مع نشر الوعي الديني الصحيح القائم على التسامح والانفتاح، وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
كما لا بد من التأكيد على أن الإسلام السياسي، كما تمارسه بعض الجماعات والتنظيمات، أصبح يشكل خطراً حقيقياً على الإسلام والمسلمين، حيث يشوه صورته السمحة، ويغذي الصراعات والفتن، ويؤدي إلى سفك الدماء وانت-هاك الحرمات. لذلك فإن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهودا متكاملة على كافة المستويات، الفكرية والسياسية والاجتماعية والقانونية ، من أجل حماية الدين من الاستغلال، والحفاظ على قيمه الأصيلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب