ثقافة وفنون

«قطايف» سامح حسين… أجمل أطباق رمضان وأحلاها مذاقاً

«قطايف» سامح حسين… أجمل أطباق رمضان وأحلاها مذاقاً

كمال القاضي

للفنان سامح حسين بعض الأعمال المهمة التي اتسم طابعها الكوميدي بالخفة والضحك الحقيقي من القلب، فمن بين ما علق بالأذهان، وكان له أثره الإيجابي في صعود الفنان كنجم لديه القُدرة على المنافسة، فيلم «اللص والكتاب»، «عبود ماركة مُسجلة»، «الزناتي مجاهد»، «ساندوتش عيال»، بالإضافة إلى بعض المُسلسلات والمسرحيات مثل «عودة الأب الضال» و»شارع النخيل» و»بيت العيلة» و»عامل قلق» وغيرها.
ورغم النجاح الجماهيري الذي حققته الأعمال المذكورة، لم يزد تصنيف سامح حسين في فترة من الفترات عن كونه فنانا مُجتهدا يتحسس طريقة للنجومية، ويتمسك بموهبته كمقوم وداعم أساسي لمسيرته الفنية، التي لم تكن بالطبع سهلة وميسرة، ولم يكن الطريق فيها مفروشا بالورود.
الشيء الفارق في رحلة الفنان الشاب، هو ذلك الإصرار على النجاح مهما حدث، بتجاوز عنيد للأزمات والعقبات والحُفر، التي صادفته، ويُمكن أن تُصادف غيرة من الحالمين الطامحين في مستقبل واعد ومُختلف.
الضجة التي أثارها برنامج سامح الرمضاني «قطايف» والتي أدت إلى الاحتفاء به شعبياً ورسمياً، لم تكن نتيجة تميزه ولا تفرد البرنامج في الكشف عن أسرار النجاح والسعادة في حياة المشاهير، وتقديم نماذج حظيت باحترام مُجتمعي وتأثير كبير على المستوى الفني والثقافي والإنساني، بل جاء النجاح تراكمياً وتحقق بفعل الأزمنة الكثيرة والمراحل المُتعددة التي أمضاها الفنان الكوميدي في انتظار قطف الثمار، ورؤية نجاحه بعد رحلة كفاح مريرة، تجسدت في عشرات المحاولات الفاشلة ونوبات التكرار المُضنية، التي سبقت الفوز الكبير بجائزة الجمهور واحتفاله واحتفائه بالبرنامج، الذي فاق نجاحه وذيوعه كل التوقعات، وجاء عنوانه «قطايف» مُستوحى من الطبق الحلو الأشهى في رمضان، فكان ذلك فاتحة خير على البرنامج وصاحبه وجميع العاملين فيه.
لقد ساهم شكل ومحتوى البرنامج في بروزه بين النوعيات الكثيرة التي اختلط فيها الغث بالسمين على الشاشة، ولأن الغث هو الغالب، فقد تميز النوع الآخر الجيد توافقاً مع القاعدة المعروفة التي تقطع بتميز الأشياء بما هو ضدها، فما حدث مع البرنامج المذكور كان شيئاً من هذا القبيل، إذ أدى سوء النوعيات البرامجية المُثيرة للاستياء إلى توجه نظر الجمهور بالكلية لما هو مُختلف، بعد التشبع بالنماذج الهزلية الفاقدة للجمال والإحساس والحد الأدنى من الجاذبية والتميز.
كان الداعم الأقوى لسامح حسين وبرنامجه هو التوقيت، ففي قمة اليأس من العثور على ما يُرضي الذائقة الفنية الشعبية بقاعدتها العريضة، جاءت الرسالة مُباشرة وسريعة من الفنان الشاب، عبر برنامجه البسيط الذي قدم ملامح من سير المشاهير وحكاياتهم مع الكفاح والنجاح والشهرة، بعيداً عن مساوئ الإحباط والتعطيل، وفقدان الثقة في القُدرات والإمكانيات والمواهب. لقد أوضحت الحلقة الخاصة بالشاعر صلاح جاهين كنموذج تفاصيل الجانب الخفي من حياة الشاعر والرسام والممثل، حيث ظهرت قدرة الفنان وهو في أوج شبابه على تحدي واقعه البائس، إبان انقطاعه عن الدراسة في الجامعة وفصله من كلية الحقوق، وهو سليل العائلة القضائية وابن رجل القانون الأبرز والأب الحازم المُنضبط الحالم بمستقبل باهر لابنه. لكن ثمة مُفارقة غريبة حالت دون تمتع صلاح جاهين بمزايا والده الوظيفية والاجتماعية، حيث غوته حياة الفن والإبداع وانخرط في مسلك آخر تُناقض طبيعته ما تربى عليه في بيت العائلة العريقة، فما كان من الفتى الموهوب صلاح جاهين إلا اتباع هواه وركضه وراء حُلمه الخاص بغية الوصول إلى النقطة الحاسمة في مشواره ورحلته وهي نُقطة اللاعودة، والمُضي قُدماً نحو الضوء الذي برق أمامه فجأة، في النفق المُظلم ليدله على المكان المناسب له بين المشاهير من أصحاب المواهب الفذة، فتبوأ مكانته المُستحقة وصار نجماً يُشار إليه بالبنان.
تلك كانت إحدى الصور المُلهمة التي قدمها سامح حسين في برنامجه، للتأكيد على أن الحياة تتسع لملايين المواهب، وأن الإنسان الطموح بإمكانه تحقيق ما يصبو إليه طالما امتلك اليقين بأنه لم يأت إلى الدنيا كي يشقى فحسب، وإنما نصيبه منها مُدخر له وسيُدركه حال اجتهاده وتصميمه على أن يكون شخصاً آخر غير ذلك الفاشل العاطل المُثير للسخرية والشفقة.
ربما ما رواه سامح حسين عن مشواره الصعب منذ البداية ورحلته الشاقة، يُماثل في بعض أجزائه ما عانى منه صلاح جاهين، قبل أن يتحول إلى ظاهرة مُبهرة مثيرة للإعجاب، وهذا سر التركيز على الحالات المُتشابهة في كفاحها ونبوغها، واتخاذها مقياساً للتفرد والتحدي والإنجاز، وهو بكل تأكيد جهد يستحق الإشادة والتأييد، فبالتركيز على الأمثلة الموحية والمُحفزة على التقدم والاستمرار والمُثابرة تتبدد الأحزان ويتجدد الأمل لدى المُحبطين فيعبرون أزماتهم ويزدادون ثقة في أنفسهم وقُدراتهم وهذا هو المطلوب إثباته، فلكل إنسان مأزوم طاقات كامنة تحتاج من ينقب عنها ويفجرها كي تتبدل الأحوال وتبدو الحياة أجمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب