الحوار الوطني

الحوار الوطني
بقلم قرار المسعود
هل حان الوقت للساسة و أهل الدراية و الحكمة و العزيمة في تسيير البلاد و تطورها، في ما وصل إليه تطلع المجتمع بأن يكون مفهوم الحوار له فعالية و مردودية للدفع نحو العصرنة و التقدم ؟. في إعتقادي أن ما أدلى به الرئيس للصحافة في اللقاء الدوري الأخير، يؤكد أن الحوار ينبغي أن يكون مقرونا و محتوما و أن يتمركز حول البرامج و التصورات المستمدة من تطلعات المجتمع لا على التصور الشخصي و المصلحة الضيقة، لتكون للمواطن نظرة شامة و علم و قناعة على شؤون البلاد العامة.
و يصبح من هنا الدفاع عن البرامج المقدمة معلما راسخا في تقاليد مبادئ الناخب ليدافع عنها بقناعة و ثبات، و من ثمة تصبح تعددية التصورأو الأراء الإديولوجية لبنة للبلاد من اجل ترسيخ الاستقرار و الطمأنة و ترسيخ الأمن في ربوع الوطن و التقدم المزدهر. أما إذا كان يراد به مجرد لقاء لعرض العضلات الإشهارية الممزوجة بالعبارات الجذابة و الخالية من فائدة المجتمع و خير البلاد و إستقرارها فتأجيله أحسن حتى يظهر للمواطن الخيط الأبيض الصاطع.
الصراع يجب أن يكون بتقديم البرامج المدروسة للمواطن بمنهاج علمي و تجريبي في التسيير و إقناعه، لا مجرد رخصة في المحفظة و الظهور أعلاميا في المناسبات. إن التحول و الظرف و المشهد السياسي في العالم يوحي بأخذ الخطى الثابة و جعل لكل حركة حساب مدروس بطريقة التشاور الواسع في كل المسائل و على كل الأصعدة. ما تسير به السفينة منذ ديسمبر ألفين و تسعة عشر، يرضي العاقل و يطمئنه على البلد، و كما ألح عليه الرئيس يجب التطرق لإظهار الهفوات و السلبيات بطريق الحكمة حتى نساعد في رصيد الجزائر المنتصرة لا لننفر و نساهم في البلبلة.
من جهته يجب على المواطن أن يقارن أحواله المعيشية و الأمنية بمحيطه الخارجي و يكون له موقف جازم مبني على واقعه الميداني، لا على تصورات مبنية على الخيال و عدم التحقق و يدلي بها صراحة ضد كل متلاعب بشؤؤنه و لو كان ذا قربى، فهو اللبنة الأساسية لوجود دولة لا تتزعزع و لا تتأثر بالسلبيات و المؤمرات مهما كان حجمها و مدبرها.
فالحس المدني متكون من العلم و المتابع لشؤؤن البلاد في إعتقادي يعتبر الركيزة الأولى التي تكفي عن كل معارضة و برامج إديولوجية و توضح للمسير الطريقة المثلة التي تفيد العباد و البلاد. و تهيء المجتمع الراقي و المحصن من كل اختراقات خارجية و مصائد داخلية بكل حكمة و دراية. فهل نحن بحاجة اليوم إلى حوار ناضج أم إلى تظافر الجهود للتخلص من التأخر الذي وصلت إليه بلادنا ما دامت الفرصة مواتية. أعتقد مرة أخرى أن الحوار قد تم رسمه نهائيا في أول نفمبر اربعة و خمسون و منهاجه أتم في باندونغ و تجسد في سبتمبر 1961 ببلغراد بصربيا.