مقالات

السودان ضحية ثنائية الجيش وقوى التدخل السريع. بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

السودان ضحية ثنائية الجيش وقوى التدخل السريع.
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
وأنا أتابع مايجري في القطر العربي السودان من دمار وتخريب،وجرائم بشعة ترتكبها الأطراف المتحاربة،تساءلت مراراً وتكرارا إلى أين يمضي السودان،وما المصير الذي ينتظره الشعب السوداني،وهل سيبقى السودان موحداً،أم سياسات التقسيم التي طالت الوطن العربي،من يوم العدوان الصهيوني على العراق،وحتى لحظة تسارع بعض الأقطار العربية للدخول في دائرة التبعية للصهيونية العالمية،تحت عنوان ملتبس سموه التطبيع مع الكيان الصهيوني،وما تمخض من موقف مخزية من الأنظمة العربية،تجاه العدوان الصهيوني على فلسطين،في قاعدتها النضالية المتقدمة غزّة.
تساءلت وفي ذهني وتفكيري تبعات الانقلابات العسكرية،التي تمت في أكثر من قطر عربي،حاملة معها ظاهرة قوة عسكرية ناشئة مثل كتيبة ووحدة سرايا الدفاع،وما تبعها من تشكيلات رديفة حملت أسماء مختلفه،وكانت في حقيقتها قوة عسكرية مهيأة مع المستقبل،للانقضاض على من سمح وأعد لاستنباتها،وما تاتى من هذه التشكيلات من مآسي ودمار ونزعات انفصالية وطائفية،لا إريد مناقشتها،وقد عشنا ماجرته
على الأمة العربية من ويلات،وخاصة قضيتها الأساس فلسطين.
وأعو د بذاكرتي إلى يوم انقلاب البشير وحميدتي،وتسارعهما للود الذي يحملانهما للكيان الصهيوني،وماتلاه من تلاعب بمصير السودان تحت تسميات وتعلاّت،كلها كانت تقول بالذي جرى للسودان،حتى هذه اللحظة،من القسمة في الحكم بين البشير وحميدتي.آنذاك كتبت ونبهت من ظاهرة”قوى التدخل السريع”لأنها مستنبتة من عقلية حاكم يريد أن يبقى على ظهر الحكم بالقوة فأتى بهذه القوة،لقتل المعارضة،وحميدتي كان الشخص اللازم لهذه المهمة،لأنه الأبن البار لعصابات التهريب،وهو في هذه الحالة عقلية ميليشياوية،بانت سحنته في القتل الذي مورس ضد المعارضة في الأيام الأولى لانقلاب البشير وحميدتي .
وفي أعقاب تصريح رئيس عصابة التدخل السريع،بأنه سيشكل وزارة مضادة لحكومة شريكه في الجريمة البرهان.عدت إلى ماكتبته عن اهتمامي بالشأن السوداني،من موقعي،وأقولها بافتخار،كمناضل قومي في صفوف أحد فصائل التيار القومي العربي،وتخوفي على مستقبل القطر العربي السودان،ومحاولة
تحذيري من ظاهرة قوة عسكرية ميلاشياوية،أعدت للقتل،إسمها”قوى التدخل السريع،فاسمها يدل عن مهامها في قتل المعارضة السودانية،هذه المعارضة التي لاقت  من قوى التدخل السريع،مالاقاه الشعب العربي السوري من قوى ميليشياوية سرايا الدفاع وشقيقاتها.
أعيد ماكتبته،حسب ظني،ليكون للتيار القومي العربي،بمثابة الدروس المستفادة،التي تلزمنا أن نتعلم منها،قبل أن يفوت الأوان لأمة عربية مستهدفة فى وجودها،ومعركة مصيرها.
راقبت.باهتمام ماكان يجري ويجري الآن في السودان،وكنت أراقب بفطنة نمو قوات التدخل السريع في السودان،في زمن البشير وحتى لحظة الانقلاب على حكم البشير،الذي كبرت تناقضات القوى التي تحكم السودان جيشاً ومكونات الجماعات التي ساهمت في انقلاب البشير.
تتجاوز هذه المداخلة بنية التناقضات في حكم البشير،وما حملت القوى المحسوبة على الاتجاه الديني لتعود إليه،بعد أن تلقي نظرة سريعة على نمو ظاهرة قوى التدخل السريع،وما أسندت إليها من مهام وما أعطيت من امتيازات،الأمر الذي جعل هذه القوى تتساكن مع السلوكية “المليشياوية” بكل مفرداتها الثقافية من ضرب واعتداء وقضاء على اي تحرك شعبي مضاد للبشير،وبناء ثروة وقاعدة مادية مالية،يتقاسمها قادة الدعم السريع،على اختلاف رتبهم ومراتبهم،وتبعيتهم لقائد الدعم السريع”حميدتي”فهم تجار ذهب وملاك مؤسسات صناعية وتجارية،وهم من يستغلون هذه الثروات والامتيازات،في كسب من يؤجر ويبيع آدميته وعضلاته ومواطنيته،ويكون ميليشياويا بامتياز.وعندما وصلت التناقضات ذروتها بين مكونات جيش البشير، وشركائه من أحزاب تسمى دينية،بدأ حميدتي،المستهدف من قبل مجموعات مدنية في سلطة البشير، تنظر إلى امتيازاته وحصيلتها المالية،وما بنت من مواجهات وتحالفات مع قوى قبلية وجهوية،ومجموعات متمردة،ووجد في البرهان ضالته،فتم انقلابهما على البشير.
والمراقب الدقيق للخلفية المليشيوية لحميدتي،وتحركاته داخل مكونات المجتمع السوداني،وبحثه عن دور له،يقصي به البشير،ويتفرد في الحكم،وكانت عينه موجهة ومراقبة لتحركات بقايا حزب البشير ورديفه داخل الجيش،هذه المراقبة أوصلته إلى قناعة ،بضرورة التخلص من البرهان،الذي تحيط به مجموعة بشيرية،ممن صاروا يشكلون دولة قوية وخفية،تريد التخلص من حميدتي تمهيدا لانقلاب بشيري”إسلاموي”يعيد الوضع السوداني إلى ماكان عليه،وتحت أطروحة تنظيم الحالة الأمنية،واستيعاب قوى التدخل السريع داخل الجيش السوداني.
وجنباً إلى جنب،كان عمل هذه الدولة الخفية،الحيلولة دون وصول الأطراف المدنية الباحثة عن دولة مدنية،وتعدد ية الأحزاب،وحالة برلمانية تؤسس لحكم ديمقراطي يتخلص من حكم العسكر،وعودة الجيش إلى ثكناته.وكان على حميدتي،هذه الشخصية الميليشياوية الانقضاض على البرهان،وهو يعد نفسه لهذه المهمة العسكرية الانقلابية،أن يفجر الصراع عسكرياً،باحثا عن حكم السودان،والتفرد في الحكم.وكان على الدولة الخفية داخل الجيش،من بقايا حكم البشير،آن تشهر السلاح ضد حميدتي،من جهة،وضد الأحلام الشعبية في دولة مدنية وديمقراطية،والعودة إلى حكم الاحزاب والجماعات التي حسبت نفسها على الإسلام السياسي المستنير في الجهة المقابلة،نقصد الشعب السوداني،وقوى المعارضة،بكل أحزابها،أن تنزل إلى الشارع رافضة هذا الاقتتال،وداعية الخلاص من حكم العسكر،وميليشيات حميدتي،*ففي هذا الاقتتال خراب السودان،وقبضة عسكرية ميليشياوية،تلبس السودان التخلف والفرقة،وحروب قبلية جهوية مناطقيه.*
*من اليوم الأول لانقلاب البرهان:حميدتي كنت أنبه في ومضاتي الصباحية عن السودان،ودعوتي أن يلعب الاتجاه القومي العربي في السودان دوره في الانتقال بهذا الانقلاب إلى ثورة من خلال جبهة وطنية قومية،منبها ومحذراً من دور حميدتي الميليشياوي،وسؤال الحالة العربية الراهنة،هل هناك”قوة عسكرية قادمة في قطر من الأقطار العربية،على غرار قوى التدخل السريع في السودان مصحوبة بوازع انقسامي ؟.
واعتذر إذا تداخل الهاجس الذاتي،مع الهاجس القومي في هذه المداخلة.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب