ثقافة وفنون

الدراما العربية أفاقت على مجزرة غزة

الدراما العربية أفاقت على مجزرة غزة

زكية الديراني

زكية الديراني

على مدار عام ونصف عام، من عمر الإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي على غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كانت الدراما العربية غائبة تماماً عن الواقع.

لقد تقصّد صنّاع الدراما التهرب من مقاربة المأساة، حفاظاً على مصالحهم مع الدول المطبِّعة التي غضت النظر عن الإبادة، ما شكّل وصمة عار ستلاحق المنتجين والكتّاب في أعمالهم المستقبلية.

فانفصام الدراما عن الواقع، أفقد المشاريع العربية هويتها التي بنيت على أساسها، وظهرت المسلسلات كأنها هابطة من كوكب آخر .

معالجة سطحية للواقع

حين قرر بعض صنّاع الدراما تسليط الضوء على المجازر التي راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد فلسطيني من نساء وأطفال وأبرياء، جاءت المعالجة سطحية وغير لائقة. هذا ما حصل في المسلسل المصري «لانش بوكس» (كتابة عمرو مدحت ـــ إخراج هشام الرشيدي) الذي عُرض في شهر رمضان 2024.

تضمّن العمل مشهداً لأم تبحث عن طفلها في أحد مراكز التسوّق في القاهرة، مستوحى من العبارة الشهيرة التي قالتها والدة الطفل الفلسطيني الشهيد يوسف «يوسف سبع سنين، شعره كيرلي وأبيضاني وحلو».

يومها حرّكت والدة الطفل يوسف مشاعر المشاهدين بعبارتها، قبل أن تعثر على ابنها شهيداً. لكن شكّلت استعارة تلك العبارة في مسلسل «لانش بوكس»، توظيفاً مبتذلاً لمأساة الطفل الشهيد، مدفوعاً بالسباق في التريند ورفع نسبة المشاهدة ليس إلا. على أثر ذلك المشهد، انطلقت حملات لمقاطعة العمل، مطالبة بتوثيق الإبادة لكشف جرائم العدو.

الدراما توثّق الحرب

مع اقتراب الذكرى الثانية لحرب الإبادة، يطل أول عمل درامي يوثّق الجرائم بأسلوب درامي. إذ يوشك المخرج إيلي رموز على الانتهاء من تصوير المسلسل المشترك «المحامي» (كتابة وسيم العلي، إنتاج عدي عزي)، بمشاركة ممثلين من لبنان وسوريا والأردن، من بينهم: ختام اللحام، وتاتيانا مرعب، والأردني منذر رياحنة، وياسر السلمون وغيرهم. يتألف المسلسل من 30 حلقة صُوّرت في بيروت، وسيُعرض قريباً على إحدى القنوات أو المنصات الرقمية.

دور ختام اللحام

في هذا السياق، تلفت لحام في حديث معنا إلى أنها تلعب في «المحامي» دور قاضية في المحكمة الدولية التي تبتّ في الجرائم المرتكبة في غزة في محاولة لكشف زيف الروايات الإسرائيلية. أما عن المخاوف من عدم تسويق العمل بسبب محتواه، فتؤكد اللحام على أنّه لا يستند إلى الخيال، بل إلى حقائق موثّقة بثها الإعلام العالمي والعربي.

كما يُظهر العمل كيف بُنيت عمليات القتل على مزاعم الأنفاق والأسلحة.

وكانت اللحام قد حضرت في شهر رمضان الماضي في مسلسل «نفس» (كتابة إيمان السعيد وإخراج إيلي السمعان) الذي جمعها باللبنانية دانييلا رحمة والسوريين عابد فهد ومعتصم النهار. كما تستعدّ لعرض مسلسل «سكرة حب» (كتابة بثينة عوض وإخراج مروان بركات) الذي شاركت فيه مع مجموعة من النجوم السوريين.

إذاً، تضع الدراما العربية إصبعها على جرح الإبادة الذي لا يزال ينزف بشكل يومي. فهل يكون «المحامي» بدايةً لمسار جديد من التوثيق أم نعود إلى المعالجات السطحية؟

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب