تحقيقات وتقارير

مجلس نواب الأردن قيد «التقييم»: أسئلة غير نوعية بنسبة 99 في المئة وغياب 7 في المئة

مجلس نواب الأردن قيد «التقييم»: أسئلة غير نوعية بنسبة 99 في المئة وغياب 7 في المئة

بسام البدارين

ما كشف عنه التقرير التقييمي يعكس ضعفا في أداء الكتل البرلمانية وفي آلية توجيه الأسئلة، حيث صلاحيات دستورية بمساحة واسعة من الاجتهاد خصصت لمجلس النواب في مواجهة السلطة التنفيذية.

عمان ـ :لا يحتاج المكتب الدائم لمجلس النواب الأردني لأي مساحة تجاهل وإنكار للوقائع الرقمية التي أظهرها المسح التقييمي الأخير لمؤسسة «راصد» التي تهتم بالشؤون البرلمانية. فقد عكست بعض الأرقام في الدراسة التي نشرت الخميس الوقائع والانطباعات بما فيها تلك التي يشعر بها المواطن.
يقول التقرير التقييمي إن نحو 99 في المئة من أكثر من 830 سؤالا دستوريا وجهها النواب في الدورة العادية التي انتهت رسميا وفضت الأحد كانت مصنفة تحت قائمة «أسئلة غير نوعية».
طبعا لا توجد أداة قياس محددة ومعلنة للمعايير التي اعتمدها «راصد» للتصنيف.
لكن في كل حال الشعور كان متعاظما بين مسؤولين ووزراء ولاحقا وسط الجمهور أحيانا بأن إمطار الحكومة بأسئلة النواب مسألة تبدو ليست مسيسة حتى هذه اللحظة، ودوافعها في بعض الأحيان على الأرجح إما شخصية أو مناكفة. وفي حال إظهار حسن النوايا يمكن القول إن ما كشف عنه التقرير التقييمي يعكس ضعفا وهشاشة في أداء الكتل البرلمانية وفي آلية توجيه الأسئلة، حيث صلاحيات دستورية هنا بمساحة واسعة من الاجتهاد خصصت لمجلس النواب في مواجهة السلطة التنفيذية.
النسبة كبيرة جدا لا بل مقلقة في السياق التقييمي ولابد من تأملها والوقوف عندها لأن الحديث عن 1 في المئة فقط من أسئلة النواب للوزراء بقيت «نوعية» هي مؤشر على ضعف محتوى ودوافع تلك الأسئلة خلافا لإشغال وقت مجلسي النواب والوزراء بأسئلة لا مبرر لها أو يمكن الاستغناء عنها.
بموجب التقييم فقدت تلك الأسئلة عمليا أهميتها ومحورها. وفي المقابل بعض الأسئلة الدستورية في الواقع وبصرف النظر عن عناصر تصنيفها في النوع وعكسه وضعت الرأي العام والجمهور في النهاية بصورة بعض المعطيات خصوصا في مجال التعيينات لكبار الموظفين، حيث تشكل لجان لا تستشار في التعيينات وحيث يتم اختيار كبار الموظفين بآليات وتقنيات ملتبسة وغالبا تثير الجدل.
وعندما تعلق الأمر بنوعية تقييم الأداء التشريعي تحديدا، خصص التقرير مساحة واسعة للإشادة بعدد الجلسات التشريعية، فالنواب الجدد والذين يزيد عددهم عن 90 نائبا حرصوا على الحضور عموما في غالبية الجلسات ونسبة الغياب كانت 7 في المئة وهي الأدنى قياسا بالكثير من دورات البرلمان السابقة. بالمقابل نحو 32 في المئة من الأداء المخصص للتشريع صنف أيضا بانه غير نوعي.
تلك أرقام من النوع الذي يمكن التعامل معه بحسن نية لإظهار الرغبة في تطوير الأداء. فمجلس النواب برأي النائب عبد الناصر الخصاونة في كل حال ومهما قيل ضده أو عليه من الجمهور أو حتى من بعض وسائل الإعلام التي اعتادت على التحرش بمجلس النواب وأحيانا تشويه صورة الأعضاء ومداخلاتهم، هو انعكاس لحقائق ووقائع خيارات المجتمع.
يصر الخصاونة على أن مجلس النواب يمثل الدوائر الانتخابية الشعبية التي أدت إلى تركيبة المجلس الحالي. وهذا لا يعني أن المجلس في سياق العمل النموذجي على صعيدي الرقابة والتشريع وإن تطوير الأدوات هو الأفضل من الاستمرار في التشكيك.
يجمع النواب عموما على حاجتهم الملحة لتطوير الأداء الكتلوي باعتبار أداء الكتل وأغلبها حزبية اليوم تحت قبة البرلمان هو الأساس الجوهري في استخدام المساحات التشريعية التي تبدأ من تقنية توجيه سؤال ثم تحويله إلى استجواب ولاحقا إلى جلسات مناقشة عامة تتخللها نصوص يستطيع النواب بموجبها حجب الثقة إما عن الحكومة أو عن وزير بعينه فيها.
تلك تقنيات واضح أنها تحتاج إلى المزيد من الوقت وفقا للبرلماني خميس عطية الذي يصر على أن مجلس النواب الجديد فيه عناصر شابة وديناميكية وطاقات خلاقة ويتوجب أخذ فرصته في تطوير آليات العمل الرقابي والتشريعي مما يرتب مسؤوليات على النواب وكتلهم وعلى الأحزاب ذاتها. يرى عطية أن الكتل البرلمانية والنيابية تمثل أحزابا سياسية حديثة النشوء في كل الأحوال، وتطوير التجربة هو الأساس بدلا من وضع المجلس قيد التعطيل والمساس بهيبته عبر قصفه بمختلف أنواع وعيارات التصنيفات والتشكيكات السلبية.
يطالب عطية وينضم إليه نواب آخرون، بأن يمنح مجلس النواب مساحته الكاملة في إنضاج التجربة ويفترض المفترضون أن انتهاء الدورة العادية للبرلمان الأحد الماضي مقدمة حقيقية لعرض تقييم عميق يتجاوز الاعتبارات التنافسية السياسية على أمل ملاحظة حجم التطور في الأداء في الدورة البرلمانية المقبلة التي يتوقع عقدها قبل نهاية العام الحالي.
مجلس النواب الأردني في سياق التقييم له ما له وعليه ما عليه. لكن التجربة عموما أصبحت قابلة للنقاش ورئيس المجلس أحمد الصفدي يقر بأن الأداء البرامجي ينبغي أن يتطور وينضج، مجلس النواب سيد نفسه والخطوة الأساسية التي يحتاجها برنامج تطوير الأداء البرلماني لاحقا في صيغة تخدم العمل الكتلوي والعمل الرقابي والتشريعي هي الوقوف على محطة تعديل النظام الداخلي وتطوير نصوصه.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب