تحقيقات وتقارير

زيادة الإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار النفط يهددان العراق بأزمة خانقة

زيادة الإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار النفط يهددان العراق بأزمة خانقة

مشرق ريسان

تزداد فاتورة الإنفاق الحكومي بشكل كبير كل عام، خصوصا مع زيادة حجم التعيينات الانتخابية والمشاريع والزيادة السكانية، والأهم زيادة مؤشر الفساد الذي يلتهم أي مؤشر للنمو.

بغداد ـ: يوشك العراق على الانزلاق في هاوية أزمة اقتصادية خانقة، كنتيجة حتمية لتفاقم لإنفاق الحكومي، خصوصاً على ملف التعيينات الحكومية، التي ترتفع وتيرتها كلما اقتربت البلاد من موعد الانتخابات التشريعية- مقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط الذي يعدّ المصدر الرئيسي لرفد موازنات البلاد، وعدم قدرة القطاعات الأخرى- غير النفطية- على أخذ دورها في التمويل.
وحسب مختصين، فإن الحكومة العراقية تحتاج إلى 7.5 تريليون دينار (أكثر من 5.7 مليار دولار) شهرياً، لتأمين مرتبات الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الرعاية الاجتماعية الحكومية.
الوزير العراقي السابق، وزعيم تحالف «مستقبل العراق»، باقر الزبيدي، يرى أنه «منذ تولي الرئيس الأمريكي ترامب مسؤولية الإدارة الأمريكية وأسعار النفط تتأرجح بشكل كبير، ما يشكل ضغطا على الاقتصاد العراقي»، مشيراً إلى «انخفض النفط بمقدار 10 دولارات عن سعره المثبت في الموازنة، حيث أقرت الموازنة الثلاثية (2023-2024-2025) سعر البرميل بـ70 دولاراً».
ووفق الزبيدي فإن الرئيس الأمريكي أكد أنه يرى أن «السعر العادل للبرميل هو 60 دولارا، والعراق من أكبر المصدرين إلى الولايات المتحدة، وهو ما يوضح حجم المشكلة القادمة مع وجود عديد من المشاكل في منظمة أوبك خصوصا في نسب كميات التصدير».
وأقرّ بأن «العراق يعتمد على النفط بنسبة 90 في المئة، وفي حال انخفاض أسعار النفط إلى دون مستويات 70 دولارا للبرميل، فإن هناك العديد من المشاكل التي ستواجه البلاد، ولا تتعلق هذه المشاكل بالرواتب فقط لأن هناك التزامات كبيرة لدى الدولة والحكومة في العديد من المجالات».
وأكد الزبيدي أن «خطر انهيار سوق النفط هو أمر وارد، وكما حدث في عام 2008 ـ 2009 أبان تسنمنا حقيبة وزارة المالية حين هبطت أسعار النفط إلى 27 دولاراً للبرميل وكان الخزين المالي لوزارة المالية (المدور) يتراوح بين 18 ـ 27 مليار سنويا، ورغم الأزمة العالمية لم يتوقف صرف الأموال ولم يتم مس رواتب الموظفين، وذلك بسبب السياسة المالية الصحيحة».
وأوضح إن «فاتورة الإنفاق الحكومي تزداد بشكل كبير كل عام، خصوصا مع زيادة حجم التعيينات الانتخابية والمشاريع والزيادة السكانية، والأهم زيادة مؤشر الفساد الذي يلتهم أي مؤشر للنمو»، منوهاً إلى «الحاجة إلى مراجعة شاملة لسياسة الإنفاق وبما يضمن استقرار الوضع الاقتصادي في حال حدوث أي انخفاض في أسعار النفط، وما لم تتم معالجة المشكلة قبل وقوعها فإننا قد نشهد أزمة اقتصادية خانقة».
موقف السياسي العراقي هذا جاء في أعقاب تحذير صندوق النقد الدولي «IMF»، من أن العراق قد يواجه «عاماً مليئاً بالتحديات الاقتصادية»، بالتزامن مع الارتفاع المستمر في النفقات على المرتبات وشراء الطاقة.
وحسب تقرير نشره الصندوق، فإن «العجز المالي عام 2023 بلغ 1.1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت هذه النسبة إلى 4.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2024».
وعزا التقرير السبب في ذلك إلى أن «نفقات المرتبات وشراء الطاقة في العراق تتزايد باستمرار، مع انخفاض أسعار النفط وارتفاع نفقات الحكومة، ما سيكون له تأثير كبير على النفقات الجارية لهذا العام، وذلك بسبب انخفاض إيرادات صادرات النفط».
وحذر من «نفقات قطاع الطاقة وخاصة الكهرباء»، متوقعا أن «يكون النمو الاقتصادي غير النفطي للعراق لعام 2025 منخفضاً جداً، وأن ينخفض نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 1 في المئة».
وأكد أن «نقاط ضعف الاقتصاد العراقي قد ازدادت في السنوات القليلة الماضية، بسبب زيادة الإنفاق من خلال التوظيف في القطاع العام ورواتبهم، وكذلك الاعتماد المتزايد على إيرادات النفط»، داعيا إلى «مراجعة خطة الإنفاق الجاري والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال مراجعة التعريفات الجمركية».
وشدد على ضرورة «سد العجز المالي من احتياطيات النقد الأجنبي وإضعاف قدرة البنك المركزي».
في مقابل ذاك، ترى عضو اللجنة المالية النيابية- النائبة عن حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني- نرمين معروف، أن الانخفاض المستمر في أسعار النفط سيكون له تأثير على مجمل إيرادات وموازنة الحكومة، غير إنها تؤكد في الوقت عينه أن عجز الموازنة لم يؤثر حتى الآن على توزيع المرتبات.
وقالت في مؤتمر صحافي في وقت سابق من هذا الشهر، إن «90 في المئة من الموازنة العامة تعتمد على بيع النفط الخام الذي يباع بالدولار، ثم يتم استلام هذا الدولار على مراحل من البنك الفيدرالي الأمريكي، ويتم تحويله إلى الدينار من قبل البنك المركزي»، مشيرة إلى أنه يتم تحويل مبالغ مبيعات النفط بطريقتين، ‘عن طريق طباعة النقود، وبيع الدولار للتجار والمستوردين».
ووفق النائبة الكردية، فإن «التدقيق المتزايد من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي على بيع الدولار والتحويلات، قد أبطأ عملية تحويل الدولار، ولكن في الوقت نفسه، نفقات الحكومة في ازدياد مستمر. لذلك، فإن كمية الأموال التي تحولها الحكومة إلى الدينار أقل من النفقات اليومية والشهرية وتسبب عجزاً في الموازنة».
وأفادت بأن «انخفاض أسعار النفط يؤثر على إيرادات الحكومة»، معتبرة أنه «بسبب التوترات في المنطقة والحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين ودول أخرى، من المتوقع أن تنخفض أسعار النفط».
وأوضحت أن ”تأثير انخفاض أسعار النفط لم يظهر بعد على إجمالي الإيرادات، ولكن إذا استمرت الحروب التجارية وانخفاض أسعار النفط الخام، فسيكون لذلك تأثير على إجمالي إيرادات عام 2025 للحكومة الفيدرالية، لأن 90 في المئة من الإيرادات والموازنة تعتمد على النفط الخام».
وحسب آخر إحصائية للبنك المركزي العراقي، نشرها نهاية الأسبوع الماضي، فإن الاحتياطي الرسمي البنك بلغ في شباط/فبراير الماضي إلى 127.20 تريليون دينار (أكثر من 97 مليار دولار) منخفضا بنسبة 8.21 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي، وهو بذلك يفقد 11 تريليون 370 مليار دينار (نحو 8.7 مليار دولار).

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب