تحقيقات وتقارير

قطر تنتقد نسف إسرائيل جهود الوساطة لإنهاء الحرب على غزة وتتحرك مع الوسطاء لدفع عجلة الحوار

قطر تنتقد نسف إسرائيل جهود الوساطة لإنهاء الحرب على غزة وتتحرك مع الوسطاء لدفع عجلة الحوار

سليمان حاج إبراهيم

الدوحة ـ انتقدت قطر محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي نسف جهود الوسطاء لإنهاء الحرب على غزة، والتلاعب بمسار المفاوضات، ضمن حسابات سياسية يلجأ إليها ساسة تل أبيب لتبرير إخفاقهم العسكري وتعقيد الوضع في القطاع المحاصر. وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، صريحاً ومباشراً بتأكيده أن جهود بلاده مع مصر والولايات المتحدة مستمرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقالها آل ثاني: «مستمرون مع ‎مصر والولايات المتحدة في جهود التوصل لوقف إطلاق النار بغزة». وسريعاً أكدت القاهرة ما أعلنته الدوحة، من أن الوسطاء يواصلون عملهم، بالرغم من محاولات تل أبيب عرقلة الجهود الدبلوماسية. وجاء التصريح القطري متوافقاً مع ما قالته الخارجية المصرية، من أنه يتم بحث سُبل تنسيق المواقف للترويج للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، والعمل المشترك لحشد الدعم للخطة، فضلاً عن التنسيق بين الجانبين في إطار الإعداد لمؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار القطاع. وشددت الدوحة، أنها كانت تنتظر هدوءاً في القطاع المحاصر، بعد إفراج حماس، عن عيدان ألكسندر (المحتجز الذي يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً)، وأن المبادرة كانت ستنهي مأساة غزة، لكن الجميع فوجئ بالرد الإسرائيلي، وأنه كان عبارة عن قصف عنيف.
ويؤكد المسؤولون في قطر، أن السبيل الوحيد للمضي قدماً وإنهاء الأزمة والمأساة الإنسانية التي يواجهها من تبقى من مليوني إنسان هم عدد سكان غزة، هو المفاوضات، والجلوس لطاولة الحوار.
لكن قطر تستدرك وتشدد أن من يعطل هذا المسعى، هو الطرف الذي يمضي نحو الخيارات العسكرية. وتصب تصريحات المسؤولين القطريين في خانة واحدة، وهي أن الحل سلمي، ولن تحقق العمليات العسكرية أياً من الأهداف، سوى المزيد من الدمار.
وجربت قطر في محطات مختلفة، الخيار الدبلوماسي، وكان ناجحاً وفعالاً، وتبرز ما اكتستبه في رصيدها من إنجازات في هذا السياق. وفي مختلف المناسبات تستعرض قطر ما تحقق من خلال المسار الدبلوماسي، الذي يثبت كل يوم نجاعته، وما يقابله من فشل الحلول العسكرية، التي تعقد الوضع، ولا تصحح المسارات.
وفي مؤتمر اقتصادي استضافته الدوحة، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن «الكارثة مستمرة في غزة وفي كل مرة تجهض للأسف فرص التهدئة»، مشيراً إلى أن سلوك إسرائيل العدواني في غزة «يقوّض كل فرصة ممكنة للسلام». وترى الدوحة، أنّ «عدم الاستقرار في الشرق الأوسط أصبح غير محتمل».
وتزامناً وجهود الوسطاء، يحاول بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، المناورة وفق حسابات سياسية، لا تأخذ بعين الاعتبار الأهداف المرجوة من الجهود الدبلوماسية.
ومؤخراً ذكرت وسائل إعلام عبرية، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر بعودة الوفد الذي يجري محادثات وقف إطلاق النار في غزة من قطر، على أن يبقى فريق صغير في الدوحة لمواصلة المحادثات.
واتخذ نتنياهو القرار، بالعودة لوزراء أركان حربه على غزة، الذين يسايرون خططه العسكرية، ويلوحون بها، بدون أي اعتبار لمطالب الجماهير الإسرائيلية التي تريد وقفاً للحرب، واستعادة المحتجزين.
وترى أطراف متابعة للوساطة، أن محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاحتفاظ بوفد فني في الدوحة، يفتقر لسلطة القرار ومن دون صلاحيات، هو محاولة من نتنياهو «لتضليل الرأي العام العالمي»، حيث لم تتحق أي اختراقات في المفاوضات. ويأتي قرار استدعاء فريق التفاوض في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل تدريجياً هجومها العسكري الجديد الضخم في غزة، وتشير إلى عدم إحراز أي تقدم في الدوحة، لكنه لا يعني نهاية الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

حماس تبدي مرونة
والتزاماً بالوساطة

تشير العديد من المصادر المتابعة لملف الوساطة، أن حركة حماس، تبدي كل مرونة ممكنة، لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، لكنها تواجه بصد تل أبيب. وفي حين تسعى حماس إلى إنهاء الحرب من خلال المفاوضات، يشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه لن ينهي الحرب إلا إذا تم نزع سلاح حماس وجعل غزة منزوعة السلاح – وهو «خط أحمر» بالنسبة للمقاومة. وبدلا من ذلك، كانت إسرائيل عازمة على السعي إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار لفترة زمنية محدودة في مقابل إطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين الأحياء. ومن المرجح أن يتضمن مثل هذا الاتفاق التزامًا من كلا الطرفين بالتفاوض على إنهاء الحرب خلال وقف إطلاق النار. لكن حماس تشعر بالقلق من مثل هذا الاقتراح لأن إسرائيل لم تشارك في مفاوضات جوهرية لإنهاء الحرب خلال وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام، على الرغم من تضمين لغة مماثلة في تلك الصفقة.
ومؤخراً أعلن الجيش الإسرائيلي توسيع إبادته الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة «عربات جدعون» والتي تهدف إلى احتلال كامل غزة، وفق ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية. ومطلع آيار/مايو، أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر «الكابينت»، خطة «عربات جدعون» حيث شرعت الحكومة لاحقا بالإعداد للعملية من خلال استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط. وتكثّف إسرائيل وتيرة الإبادة الجماعية في قطاع غزة وارتكبت عشرات المجازر المروعة، وذلك بالتزامن مع جولة ترامب الخليجية، والتي وعد خلالها فلسطينيي غزة بـ«مستقبل أفضل وإنهاء الجوع».
وتشدد العديد من الأطراف الدولية، أنّ إسرائيل تواصل ارتكاب «جريمة التجويع الممنهج» بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، عبر تقنين دخول المساعدات الإنسانية، وإخضاعها لمعادلات أمنية وسياسية. و«ما تم إدخاله من مساعدات بعد 81 يوماً من الإغلاق الكامل لا يمثل سوى نقطة في محيط الاحتياج الطبيعي لقطاع غزة، الذي كان يتطلب قبل الحرب نحو 500 شاحنة يومياً لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الحياة». وتحذر المنظمات الإنسانية، من خطورة محاولات إسرائيل «تمرير مخططها بإقامة ما يُشبه (معسكرات اعتقال) في مناطق جنوب القطاع تحت غطاء المساعدات».
ومؤخراً دعت 3 وكالات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، إسرائيل إلى إنهاء حظر المساعدات الإنسانية الذي يعرض سكان قطاع غزة للمجاعة. وأدان فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» منع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية منذ الثاني من آذار/مارس الماضي، مؤكدا أنه يسبب «مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية».
ويعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة -بشكل كامل- على تلك المساعدات بعدما حولتهم حرب الإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب