منوعات

غزة: مهرجان شعبي لتكريم أصحاب عربات الحيوانات على ما قدموه من خدمة للسكان خلال الحرب

غزة: مهرجان شعبي لتكريم أصحاب عربات الحيوانات على ما قدموه من خدمة للسكان خلال الحرب

إسماعيل عبدالهادي

في سابقة هي الأولى، نظم عدد من الشبان في غزة مهرجانا شعبيا لتكريم أصحاب عربات الحيوانات على ما قدموه من خدمة للسكان في غزة خلال الحرب، من خلال نقل الشهداء والجرحى إلى المستشفيات، إلى جانب خدمتهم في نقل السكان بين المدن، وتوصيل الغذاء والماء إلى خيام النازحين والمناطق المأهولة بالسكان، نتيجة توقف حركة المركبات لعدم توفر وقود نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ومنذ بدء الحرب على قطاع غزة مطلع أكتوبر 2023، بدأ الاحتلال باستهداف المركبات ومنع دخول كافة أنواع المحروقات، ما تسبب في شل حركة النقل، وأمام هذه المعاناة، وجد أصحاب عربات الحيوانات أن من واجبهم العمل على تجاوز الأزمة، والعمل على نقل السكان وإسعاف الجرحى، حيث باتت ولا تزال الحيوانات وسيلة أساسية في عمليات الإمداد والتنقل داخل قطاع غزة.
وفي مشهد تقليدي يحاكي المهرجانات السينمائية الكبرى ولكن بأسلوب ساخر ومؤثر، زين القائمون على المهرجان عددا من الحمير بلباس حريري ملون وقبعات وردية، ومن ثم تمريرها من على سجادة حمراء فرشت بين ركام المنازل المدمرة، كتعبير رمزي عن الأهالي لهذه الحيوانات التي لم تتوقف عن تقديم الخدمة للناس رغم الحرب، بالإضافة إلى تكريم أصحاب تلك الحيوانات على جهودهم المضنية في خدمة الشعب.
ولم تسلم الحيوانات وأبرزها الحمير من الحصار الإسرائيلي، فبالرغم من خدمتها للسكان، إلا أن هناك عددا كبيار منها قتلت نتيجة قلة الطعام، لعدم سماح الاحتلال بإدخال الأعلاف إلى قطاع غزة، وبالتالي يتم تقديم أغذية لها غير مشبعة مقارنة بحجم التعب الذي تبذله، حيث يقدم أصحاب الحيوانات بقايا الأكل من البقوليات، إلى جانب بقايا الخضروات وبالتحديد الورقيات، وهذا الطعام لا يكفي لسد جوع الحيوانات، إلى جانب ذلك قتل الاحتلال عددا من الحيوانات خلال عمليات الاستهداف للمركبات والطرقات العامة. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 43 في المئة من الحمير والحيوانات الأخرى في غزة قتلت خلال الحرب، ما خفض عددها إلى 2500 حيوان بعدما تجاوز عددها 3700، وما تبقى منها يباع بأسعار باهظة جدا يضاهي أسعار المركبات. وقال موقع «جويش نيوز» إن هناك جمعية إسرائيلية تعنى بالحيوانات، أقدمت على سرقة عشرات الحمير من غزة ونقلها إلى ملاجئ في فرنسا وبلجيكا، وذلك ضمن مبادرة للتخفيف من معاناة الحمير التي تضررت في الحرب.
في تعقيب على ذلك، يقول محمد أبو فايد أحد القائمين على المبادرة الشعبية إن «فكرة إقامة حفل رمزي بمشاركة شعبية، هو أقل واجب يقدم لأصحاب عربات الحيوانات، الذين ضحوا بأرواحهم من خلال التجول في مناطق مختلفة من القطاع، وتوصيل المياه والغذاء للسكان ونقل المصابين والشهداء، في ظل عدم إمكانية تحرك المركبات لعدم توفر الوقود والديزل بسبب الحصار». وبين أن «المهرجان التكريمي أردنا من خلاله إضفاء نوع من البهجة على وجوه الحضور من الأطفال والنساء، واخترنا مكانا عاما في مدينة غزة كي يحظى المهرجان الشعبي بحضور أكبر عدد من المواطنين، حيث شارك خلال المهرجان قرابة 70 مواطنا من أصحاب مركبات الحيوانات، وقمنا بتزيين الحيوانات وبالأخص الحمير بلباس ملون من باب ترفيه الحضور، الذين يعانون من الضغوط نتيجة حرب الإبادة التي سرقت الفرحة والضحكة من وجوه سكان غزة».
ويري أبو فايد أن «هذا المهرجان ليس سوى صورة حزينة لواقع لم تعد فيه الكرامة الإنسانية محمية، لكنه أيضا يحمل رسالة أمل وقدرة على التكيف من قبل شعب محاصر منذ سنوات، فبدلا من الاستسلام اختار الغزيون أن يحتفلوا بأبسط أدواتهم التي ساعدتهم على النجاة».
أما المواطن خليل الأبيض صاحب عربة حيوان فيقول «تفاجأت كثيرا عندما قدمت لي دعوة من الفريق القائم على المهرجان من أجل التجهيز للمشاركة في مهرجان يخص الحيوانات، تكريما لما قدمته من خدمة للسكان خلال الحرب وما زالت أقدم الخدمة في الكثير من الأمور، في ظل شح تحرك المركبات وارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير».
ويضيف لـ«القدس العربي» أنه قدم يد العون للسكان في مناطق شمال قطاع غزة منذ بداية الحرب، فعمل على نقل الشهداء والمصابين من عدد كبير من مدارس الإيواء التي تعرضت للقصف إلى مستشفيات شمال غزة، كما عمل على نقل خزانات مياه الشرب إلى خيام النازحين وتوصيل طعام التكايا إلى مخيمات النزوح.
ولفت إلى أنه لم يسلم من آلة الحرب الإسرائيلية، بل كان وغيره من أصحاب مركبات الحيوانات عرضة للقصف الإسرائيلي، حيث تعرضت مركبته لإطلاق نار من طائرة كواد كبتر أثناء محاولته نقل مصابين من منطقة التفاح شرقي مدينة غزة، وهذا الاستهداف لم يكن الأول، بل تعرض لمحاولات عدة للقصف، وهذا كله يأتي في سياق محاولات منع نقل المصابين وتقديم الخدمة للسكان.
وتابع «بالرغم من أن المهرجان هو رمزي ولم يقدم لنا خلاله أي مقابل، إلا أننا فخورون بهذه اللفتة الشعبية، التي قدم القائمون من خلالها الامتنان والشكر لنا على ما نبذله من جهود، وما يحزننا في هذا الموقف هو فقدان عدد من الأصدقاء الذين خدموا معنا الشعب، ولكن الاحتلال تعمد قتلهم خلال عمليات نقل الشهداء والمصابين».
وفي ظل غياب مقومات الحياة الحديثة، يعد الحمار برغم ما يرمز إليه في المخيلة الشعبية من سذاجة، بطل المرحلة، لما قدمه من خدمات حيوية، في وقت توقفت فيه الآلات وتخلى العالم عن تقديم يد العون والمساعدة للسكان في غزة الذين تقطعت بهم السبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب