مقالات
دارفور تغرق في النزوح والجوع.. صرخة إنسانية تحت المطر بقلم: أمجد أحمد السيد -الهدف السودانية –
بقلم: أمجد أحمد السيد -الهدف السودانية -

دارفور تغرق في النزوح والجوع.. صرخة إنسانية تحت المطر
بقلم: أمجد أحمد السيد -الهدف السودانية –
في دارفور، لم يعد المطر مبعثًا للفرح، بل تحوّل إلى إنذار بكارثة إنسانية جديدة. فمع دخول موسم الخريف وهطول أمطار غزيرة على مناطق جبل مرة وطويلة، تتفاقم معاناة آلاف الأسر النازحة التي فرت من أتون الحرب، لتجد نفسها عالقة تحت السماء بلا مأوى، ووسط الأرض الطينية بلا غذاء أو دواء. تغرق دارفور اليوم لا فقط في المياه، بل في الجوع والعطش واليأس.
في بيان تسلمته “الهدف”، حذرت منسقية النازحين واللاجئين من كارثة إنسانية وشيكة في مناطق النزوح. وأكدت أن الجوع وسوء التغذية والعطش يهددون حياة الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، وسط غياب شبه تام لمواد الإيواء والرعاية الصحية. وفي ظل تزايد النزوح من مدينة الفاشر إلى طويلة وجبل مرة، تتكدس هذه المناطق بأعداد متزايدة من المدنيين الهاربين من القتال، في وقت لا يتناسب فيه حجم التدخل الإنساني مع حجم المأساة.
في هذه اللحظة الحرجة، يعلو صوت المطر على صوت الإنسانية. يتدفق الماء بينما تجف المساعدات، وتُرك الناس يواجهون مصيرهم وحدهم. ليست هذه مجرد أزمة إغاثية طارئة، بل مشهد متكامل لانهيار الحماية الدولية وغياب الرؤية السياسية والإنسانية في التعاطي مع محنة النازحين. كل تأخير في الاستجابة هو طعنة إضافية في جسد هذه المجتمعات المنهكة.
وراء هذه الكارثة الإنسانية مشهد سياسي قاتم. فاستمرار النزاع المسلح في دارفور وفي عموم السودان هو السبب الجوهري في توسع دائرة النزوح والجوع والحرمان. لقد أصبحت الحرب أداة لإنتاج المعاناة اليومية، بينما يتقاسم المتحاربون الأرض، ويتقاسم المدنيون العذاب. إنها أزمة تُدار بأسلحة ثقيلة، لكنها تُدفع ثمنها بأجساد ضعيفة وخيام بالية.
دعوة منسقية النازحين للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ليست نداءً عاديًا، بل هي صرخة إنسانية تحت المطر. ما يحتاجه النازحون الآن ليس فقط الغذاء والإيواء، بل أيضًا حماية دولية وضمانات للكرامة، وخطوات جادة نحو وقف الحرب وفتح ممرات إنسانية آمنة.
دارفور اليوم ليست مجرد ساحة حرب، بل ساحة اختبار حقيقي للضمير الإنساني العالمي. وكل تأخير في إنقاذ المدنيين سيُكتب في سجل الإهمال بصيغة جريمة. فهل من مجيب قبل أن يتحول المطر إلى سيل يبتلع كل شيء…؟