إيران تعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية: هل يقود ذلك إلى حرب شاملة مع إسرائيل؟

إيران تعلق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية: هل يقود ذلك إلى حرب شاملة مع إسرائيل؟
إعداد: المحامي علي أبوهبله – باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية
أولاً: مقدمة
يمثل قرار إيران بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصعيداً خطيراً في سياق الصراع المستمر مع إسرائيل والولايات المتحدة. يأتي القرار في مرحلة تتسم بتوترات إقليمية غير مسبوقة، خاصة بعد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، واستمرار الحرب على غزة، وتصاعد المواجهة في لبنان وسوريا واليمن.
يطرح هذا القرار تساؤلات خطيرة حول ما إذا كانت المنطقة تتجه نحو مواجهة عسكرية شاملة، أو أن الأطراف ما زالت تراهن على لعبة حافة الهاوية دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة
ثانياً: خلفيات القرار الإيراني
الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية في أصفهان ونطنز ومنشآت عسكرية في دمشق وبغداد.
العقوبات الأمريكية المتجددة وضغوط اقتصادية متزايدة على طهران.
فشل المسار الدبلوماسي مع أوروبا والولايات المتحدة، وانسداد أفق العودة إلى الاتفاق النووي.
التصعيد في الجبهة الشمالية مع حزب الله وتوسع رقعة المواجهة الإقليمية.
في هذا السياق، جاء قرار إيران بـ:
إيقاف بعض عمليات التفتيش المفاجئ.
منع تركيب كاميرات مراقبة إضافية.
زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم، وربما رفعها إلى مستويات قريبة من الاستخدام العسكري (60% أو أكثر).
ثالثاً: الموقف الإسرائيلي
إسرائيل تنظر إلى الموقف الإيراني باعتباره:
تهديداً وجودياً، خاصة مع فقدان أدوات المراقبة الدولية.
كسر للخطوط الحمراء، التي طالما حددتها تل أبيب بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ذريعة للتصعيد، إذ يستخدم قادة اليمين الإسرائيلي هذا التطور لتبرير عمل عسكري مباشر، خاصة في ظل الأزمة الداخلية التي تعيشها إسرائيل.
التحركات الإسرائيلية تشمل:
تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة.
تصعيد الهجمات الجوية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا ولبنان.
تكثيف الهجمات السيبرانية.
رفع حالة التأهب على كافة الجبهات، من غزة إلى لبنان والجبهة الإيرانية.
رابعاً: الموقف الأمريكي والدولي
الولايات المتحدة: في موقف حرج بين رغبتها في تجنب حرب إقليمية شاملة وبين التزامها بأمن إسرائيل ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
الاتحاد الأوروبي: يعبر عن قلق عميق، لكنه عملياً عاجز عن التأثير في المشهد.
روسيا والصين: تدعمان إيران سياسياً واقتصادياً، وتسعيان لمنع نشوب حرب مفتوحة لما لها من تداعيات عالمية.
خامساً: السيناريوهات المحتملة
- تصعيد غير مباشر (الأقرب على المدى القصير):
استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا والعراق ولبنان.
تصعيد الهجمات السيبرانية.
هجمات ضد السفن والمنشآت الاقتصادية (في الخليج والبحر الأحمر).
رفع وتيرة الاشتباكات في الجبهات غير المباشرة عبر وكلاء إيران: حزب الله، الحوثيين، الفصائل في العراق، والمقاومة في غزة.
- ضربة إسرائيلية محدودة:
استهداف منشآت نووية أو عسكرية داخل إيران.
محاولة كسر إرادة إيران دون التورط في حرب شاملة.
يعتمد هذا السيناريو على مدى التفاهم مع الولايات المتحدة ومشاركة قدراتها.
- حرب إقليمية واسعة (السيناريو الأخطر):
اندلاع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران.
انخراط حزب الله بقوة، مع جبهة غزة واليمن والعراق وسوريا.
ضرب القواعد الأمريكية في الخليج والعراق وسوريا.
إغلاق مضيق هرمز والبحر الأحمر، مع تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي.
سادساً: المؤشرات الميدانية الحالية
المؤشر الوضع الحالي
التحركات العسكرية تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية، تحريك قطع بحرية أمريكية في الخليج
الهجمات السيبرانية تصاعد متبادل بين إيران وإسرائيل
التصعيد في الجبهات غير المباشرة حزب الله يزيد من وتيرة الاستهداف، الحوثيون يصعدون في البحر الأحمر
النشاط الدبلوماسي اتصالات مكثفة بين واشنطن وتل أبيب، ووساطات محدودة من قطر وعمان
سابعاً: التقدير الاستراتيجي
الحرب ليست حتمية ولكنها أقرب من أي وقت مضى منذ 2022.
الأطراف تتجنب حتى اللحظة المواجهة المفتوحة لكنها مستعدة لها.
أي خطأ في الحسابات، أو عملية نوعية مثل اغتيال قيادي إيراني أو استهداف منشأة نووية، قد يفجر مواجهة لا يمكن السيطرة عليها
ثامناً: التوصيات
على المجتمع الدولي التحرك الفوري لإحياء المسار الدبلوماسي وتفعيل دور مجلس الأمن.
على الدول العربية، خاصة الخليجية، الاستعداد لتداعيات حرب محتملة قد تطال أمن الطاقة والممرات البحرية.
ضرورة تعزيز منظومات الدفاع الجوي للدول المجاورة لإيران وإسرائيل تحسباً لتوسع دائرة الحرب.
أهمية دور الوساطات الإقليمية (قطر، عمان، تركيا) للحد من احتمالات التصعيد.
تاسعاً: والخلاصة
قرار إيران تعليق التعاون مع الوكالة الذرية ليس مجرد ورقة ضغط، بل إعلان ضمني بأن معادلة الردع التقليدية قد انتهت. المنطقة تقف على شفير الهاوية بين خيارين: إما العودة إلى الدبلوماسية أو الانزلاق إلى حرب قد تكون الأوسع في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.