إسرائيل وتدخلها في أحداث السويداء: نحن من يقرر مصير سوريا واللعبة الإقليمية

إسرائيل وتدخلها في أحداث السويداء: نحن من يقرر مصير سوريا واللعبة الإقليمية
ظهر الأربعاء، أدركت هيئة الأركان بأن الأحداث الجارية في جبل الدروز بسوريا قد تهدد بتصعيد يخرج عن السيطرة، لهذا نقلت قوات من ساحة غزة إلى الجولان.
ثمة معضلة في لُباب أي قرار استراتيجي تعمل بين طرق لا يستوي أحدها مع الآخر. فقد كان في اعتبارات وقف أعمال الجيش السوري في السويداء ادعاءات مع وضد، مع مدى لا بأس به من المنطق. من جهة، ما كان يمكن لإسرائيل أن تتجاهل توقعات مواطنيه الدروز بالهرع لحماية أبناء الطائفة في سوريا، ممن تعرضوا للاعتداءات، بل وذبحوا بوحشية. من جهة أخرى، يجدر بإسرائيل أن تفكر جيداً بخطواتها في التدخل في دولة سيادية ترى احتمال لإنهاء حالة الحرب بمسيرة تسوية.
الاضطرار الذي دفع الجيش الإسرائيلي للتدخل المباشر ضد جيش سوريا الجديد وضرب رموز الحكم في دمشق، ينطوي على بعدين من المصالح الاستراتيجية: يندرج البعد الأول في الاعتبار الأخلاقي الصرف – ذبح مواطنين دروز على أيدي عصابات جهادية. كان متوقعاً من كل زعماء الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة، الاعتراف بواجبهم الأساس بعمل كل ما في وسعهم لوقف أعمال ذبح كهذه.
البعد الثاني استراتيجي – براغماتي. في سوريا بعد نظام الأسد، تشارك بضع دول مجاورة تسعى لتحقيق نفوذ وقوة. والأتراك، بتنسيق مع قطر، يعملون على توسيع مجالات سيطرتهم الإقليمية. أما السعودية والأردن والعراق وكذا إيران، فلهم مصالح تتمثل في التواجد والنفوذ في سوريا. ولهم جميعاً مصلحة في التأثير على ميول تطور سوريا في المستقبل. في هذه النظرة، إسرائيل، كجارة، مهدد لا يحق لها أن تغلق على نفسها في نطاق “فيللا في الغابة”، متوقعة بموقف سلبي لشيء ما جيد يحصل.
احتكاك يستوجب استيضاحاً ثاقباً
إن حماية الدروز من قوات إسلامية جهادية، ستوفر لإسرائيل فرصة لأعمال عسكرية وإنسانية في المجال السوري وبث قوة تعبر عن مصلحة في نفوذ فاعل على ميول تطور سوريا.
ثمة من يحذرون من أن التدخل الإسرائيلي يحدث تغييراً سلبياً من حيث موقف نظام دمشق من إسرائيل لدرجة تفويت إمكانية التسوية والسلام، وكأن بضربها للجيش السوري، حرقت إسرائيل جسر السلام. غير أن مثل هذا الجسر لن يكون جسراً من ورق. أي جسر متين لنيل التسوية يجب أن يقوم على أساس اعتراف متبادل بالمصالح المتبادلة، وبينها المصلحة الإسرائيلية في حماية حقوق الطائفة الدرزية وباقي الأقليات في سوريا.
الشرع يعرف ويفهم مدى الالتزام الإسرائيلي بحماية الدروز، وإذا كان تجاهله عن وعي، فقد تلقت إسرائيل بذلك تعبيراً عملياً عن تقدير حقيقة التسويات مع السوريين. في هذا الجانب، وفرت أحداث هذا الأسبوع في جبل الدروز فرصة لإسرائيل كي تفحص مصالح الشرع في ميل التسوية مع إسرائيل، انطلاقاً من احتكاك يستوجب استيضاحاً ثاقباً.
الطريق الذي ستنجح إسرائيل في إيضاحه لكل الجهات في المنطقة بواجبها لحماية الدروز في سوريا، سيسمح لها أيضاً بالتأثير انطلاقاً من موقف قوة على اتجاهات تطور سوريا الجديدة. سيكون لأعمال إسرائيل تأثير في مفترق طرق بين الطريق إلى الاستقرار والازدهار في العلاقات المتبادلة، وبين نظام حدود يستمر في تهديد متبادل. في مثل هذا الموقف من السير السياسي الإسرائيلي إزاء سوريا، كان القرار بالتدخل العسكري هذا الأسبوع ضرورياً تماماً.
اللواء احتياط غيرشون هكوهن
إسرائيل اليوم 18/7/2025