إسرائيل بعد “كلهم” الترامبية.. “زوبعة في فنجان” أم خلافات على هيئة “مصدر سياسي كبير”؟

إسرائيل بعد “كلهم” الترامبية.. “زوبعة في فنجان” أم خلافات على هيئة “مصدر سياسي كبير”؟
استغرق الكابنيت أمس أربع ساعات للبحث في بيان حماس عن تأجيل الدفعة التالية لتحرير المخطوفين الثلاثة يوم السبت. كان القرار في الكابنيت الوحيد الذي يقبله العقل في ضوء عربدة مدير الحملة الأمريكي الجديد لنتنياهو. كان هذا قراراً لمواصلة السير على الحبل الرفيع. عدم اتخاذ خطوة كبيرة أو متسرعة، بحيث نجد أنفسنا في مكان لا نريد أن نكون فيه. من جهة عدم التبني -بشكل رسمي على الأقل- اقتراح ترامب، الذي يبدو دوماً بشكل وكأنه هو الذي ابتكره في أثناء الحديث، مثلما حصل ليلة أول أمس، عندما قال إنه يجب عودة كل المخطوفين حتى السبت في الساعة 12:00 ظهراً، وإلا فستفتح بوابات الجحيم.
ومن جهة أخرى، ألا تبدو عديمة الكياسة وتغضب الرئيس الأمريكي وترفض اقتراحه بفظاظة، الاقتراح الذي لو تبنيناه لخاطرنا بالصفقة وبعودة المخطوفين.
إذن ما العمل؟ بعد بضع ساعات من انتهاء جلسة الكابنيت، خرج نتنياهو بتصريح يستهدف الحفاظ على ما هو موجود، الصفقة كما هي، وفي الوقت نفسه محاولة عدم إهانة الرئيس والإعلان بأن الكابنيت يؤيد مطلب ترامب تحرير مخطوفينا حتى السبت – فقط بدون ذكر “كلهم”.
ماذا خرج من هذا؟ نوع من بيان متشقلب لنتنياهو. لأنه إذا لم تعد حماس المخطوفين، سيتوقف وقف النار وسيعود الجيش الإسرائيلي إلى قتال قوي. حتى متى؟ “حتى هزيمة نهائية لحماس”.
هل يبدو هذا معروفاً؟ قديماً إلى حد ما؟ 2024 تقريباً؟ أليس هذا ما وعدونا به منذ سنة ونصف؟
بعد ذلك، جاء النقد من جهة سموتريتش الذي دعا نتنياهو ليعلن بأن الحديث يدور عن “كل” المخطوفين، مثلما أعلن ترامب. رداً على ذلك، صدر بيان إضافي – هذه المرة عن “مصدر سياسي كبير” – بموجبه “نتنياهو والكابنيت يلتصقان ببيان رئيس الولايات المتحدة – ترامب في موضوع تحرير المخطوفين؛ أي أن يخرجوا كلهم يوم السبت”. وهكذا، كل واحد يمكنه أن يختار من يصدق – فكل ما لا يقوله نتنياهو بصوته أم ما يسربه، فهو تحت الاسم السري المعروف.
أعترف بأن ليس لدي فكرة عن أي أبواب جحيم يقصد ترامب. من زاوية نظر معظم مواطني إسرائيل، سبق أن فتحت هذه البوابات على الطرفين في حرب 7 أكتوبر. ما الذي قد يكون جحيماً أكبر مما مر على كيبوتسات وبلدات الغلاف وعلى الدولة كلها، ومن جهة أخرى هذا بالتأكيد ما يشعر به سكان غزة، الذين خربت بيوتهم ولا مأوى لهم.
تعالوا. نتنياهو لا يهمه تفجر الصفقة. كل تفجير كهذا يطيل جلوسه على الكرسي، فما بالك أنه يطيل محاكمته التي لا تنتهي. هذا ليس شيئاً جديداً، كما تبين لنا بعد رحلته إلى واشنطن وانغلاق حسه لعودة ثلاثة المخطوفين في السبت – لكنه ما كان يريد أن يظهر كمن يفجر الصفقة، لسبب بسيط واحد: مشاعر الرأي العام أصبحت حرجة منذ السبت، عندما عاد المخطوفون الثلاثة على هيئتهم تلك، والصدمة التي أثارتها عودتهم لدى الجمهور.
ما الذي يمكن لنتنياهو أن يفعله ولم يفعله؟ مثلاً إرسال وفد رفيع المستوى إلى الدوحة، وعلى رأسه رون ديرمر. للدخول فوراً إلى المفاوضات وتبلغ ترامب بروعة خطته، لكن تحقيقها سيكون في المدى البعيد، وحتى ذلك الحين ينبغي إعادة المخطوفين، وبالتالي يجب مواصلة الصفقة كالمعتاد.
ومع ذلك، ينبغي أن تقال أيضاً بضع كلمات عن تأجيل حماس لهذه الدفعة. المفاوضات على المرحلة الثانية من الصفقة كان ينبغي أن تبدأ في غضون 16 يوماً. ليس بعد، بل في غضون. وتعلن إسرائيل بأن لا نية لها للدخول فيها. فماذا كان يفترض بحماس أن تفهم من ظهور سموتريتش الإثنين غير هذا السبب. ويدور الحديث عن وزير كبير له علاقات وثيقة مع رئيس الوزراء، وكل التقديرات تشير إلى أن هذا قيل بعد حديثه مع نتنياهو. ما الذي قد يفهم من هذا غير أنه لا يقين حول وقف نار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
رؤية ترامب هي الأخرى خلقت عدم يقين وتشويشاً إلى أين تسير هذه الصفقة على الإطلاق. في المرحلة الأولى، يفترض بحماس أن تحرر 33 مخطوفاً مع انسحابات جزئية. في المرحلة الثانية، تحرير كل المخطوفين مع انسحاب الجيش ووقف الحرب. أين ينخرط قسم إخلاء غزة من سكانها؟ في نهاية المرحلة الأولى؟ الثانية؟ وإذا كانت هذه خطة ترامب – فلم كل هذه الصفقة؟
نتنياهو، انطلاقاً من غريزة التزلف لدى ترامب وانطلاقاً من الإحساس بالراحة والاعتراف بالجميل – يبث أصوات تأييد لخيالات الريفيرا خاصته. لكن ليس لدى حماس فكرة إلى أين يسير الأمر. هم يقولون لأنفسهم أنه مهما يكن – فمن الأفضل الوصول إلى النهاية مع 39 مخطوفاً وليس مع 10 أو 20. هذا ذخرهم. وعندما يتواجدون أمام انعدام يقين، وحين تبدو الصفقة وكأنها تشوشت تماماً، يتمسكون بالذخر الوحيد الموجود. هذا مثلما يتقرر الحفاظ على كل التوفيرات ليوم الأمر. واضح أنه إذا لم يكن سير واضح وقاطع من جهتنا إلى المرحلة الثانية، ولا يتضح بأن رؤية ترامب شطبت إلى الأبد، فإنهم سيتوقفون عن الدفع بالمال النقدي الذي لديهم – مخطوفينا.
وكلما كان انعدام اليقين والتشوش أكبر، فسيقل ميل تبذير هذا المال النقدي.
سيما كدمون
يديعوت أحرونوت 12/2/2025