
بسم الله الرحمن الرحيم
اتفاقيه خور عبد الله… قراءة قانونية تاريخية
كثر الحديث عن اتفاقية خور عبد الله أو اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بعد ما يقرب من 12 سنة على توقيعها وتصديقها وذلك بعد ان أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في
4 /أيلول/ 2023 قراراً بعدم دستورية قانون تصديقها. وارتفعت حرارة الأصوات مع ارتفاع درجات الحرارة وربما لقرب موعد الانتخابات النيابية… منها ما يسند آرائه الى قواعد قانونية والأخرى سياسية أو.. وطنية أو حتى دعائية. ومهما يكن من مقاصد الآراء والأصوات منها ما أصاب الحقيقة أو من جانب الصواب. فإننا هنا نحاول ان نبسط الأحداث من خلال قراءة قانونية تاريخية, ولما أسندت إليه هذه الاتفاقية ونترك المجال لإسقاط الاحكام القانونية على الأرضية المطروحة .
أولا : ما هي اتفاقية خور عبد الله؟ اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله؟
هي اتفاقية حُررت في بغداد بتاريخ 29/4/2012 بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دوله الكويت. وقعها عن حكومة جمهورية العراق وزير النقل هادي فرحان العامري.
وعن حكومة دولة الكويت وزير المواصلات سالم مثيب الاذينه.
وتم تصديقها من قبل العراق بالقانون رقم 42 لسنه 2013 في 25/11/2013
وقد اعتبرت نافذة من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) التي صدرت بالعدد 4299 في 25/11/2017 .
وقد أودع الكويت الاتفاقية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة .
والاتفاقية تشتمل على 16 مادة .
بينت المادة / 1 الغرض منها وهو التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبد الله بما يحقق مصلحة كلا الطرفين.
وقد نصت المادة / 6 منها
لا تؤثر هذه الاتفاقية على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنه 1993 .
وقد أختمت الاتفاقية بالمادة / 16
1- تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تبادل الإشعارات التي يخطر بها الطرف الأخير الطرف الآخر باستيفائه الاجراءات القانونية الداخلية اللازمة لنفاذها .
2 تبقى هذه الاتفاقية سارية المفعول لمدة غير محددة. ويجوز لكل طرف إنهاءها بإشعار كتابي الى الطرف الآخر أمده ستة أشهر على ان يتم الإنهاء بموافقة الطرفين.
3 يجوز تعديل الاتفاقية باتفاق الطرفين .
والاتفاقية بمنطوقها لا تُحدث جديداً في الحدود بين العراق والكويت ولا تؤثر على الحدود المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993 .
وهنا يقتضي المقام الرجوع الى قرار مجلس الأمن المشار إليه والقرارات ذات الصلة .
ثانيا : قرار مجلس الأمن 833 لسنة 1993
اصدر مجلس الأمن (كمّاً) كبيراً من القرارات الأممية اثر دخول القوات العراقية الكويت في 2 /آب/ 1990 .
حيث صدر قرار مجلس الأمن رقم 660 في2/ آب/1990 وفق المادتين 39 و40 من ميثاق الأمم المتحدة بإدانة الغزو العراقي للكويت. ومطالبة العراق بسحب جميع قواته فوراً ودون قيد أو شرط الى المواقع التي كانت تتواجد فيها في 1/آب/1990… لتتوالى القرارات الأممية لتناهز الثلاثين قراراً في بحر عقد واحد اتجاه دولة واحدة .
وبالعودة الى القرار 833 الصادر في 27/ أيار/ 1993
نجد ان القرار يشير الى تقرير الأمين العام المؤرخ 2/ أيار/1991 المتعلق بإنشاء لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت.
وإذ يشير في هذا الصدد الى ان اللجنة من خلال عملية تخطيط الحدود لم تقم بإعادة توزيع الأراضي بين الكويت والعراق.
بل بمجرد انجاز المهمة التقنية الضرورية للقيام لأول مره بشان تحديد دقيق لإحداثيات الحدود الواردة في المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت وجمهورية العراق بشان إعادة علاقات الصداقة والاعتراف والمسائل ذات الصلة الموقع عليه بين الطرفين في 4/تشرين الأول/ 1963 .
أي ان قرار مجلس الأمن 833 الذي ترتكز عليه الاتفاقية لم يصنع حدوداً . إنما رسم الإحداثيات بتقنية وفقاً لاتفاقيه 1963 .
وبالعودة الى الاتفاقية المذكورة نجد …
ثالثاُ : المحضر المتفق عليه بين العراق والكويت حول الحدود واستقلال الكويت٠ بغداد في 4/تشرين الأول/1963
جرت المفاوضات في بغداد. وكما جاء في مقدمتها , انطلاقاً من إيمان الحكومتين بذاتية الأمة العربية وحتمية وحدتها. وبعد ان اطلع الجانب العراقي على بيان حكومة الكويت الذي القي بمجلس الأمة الكويتي بتاريخ 9/ نيسان/ 1963 والذي تضمن رغبة الكويت في العمل على إنهاء الاتفاقية المعقودة مع بريطانيا في الوقت المناسب.
اتفق الوفدان على ما يلي …
أولاً : تعترف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق بتاريخ 21 /تموز/ 1932 والذي وافق عليه حاكم الكويت بكتابه المؤرخ في 10/آب/1932.
ثانياً : تعمل الحكومتان على توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين يحدوهما في ذلك الجانب القومي والمصالح المشتركة والتطلع الى وحدة عربية شاملة .
ثالثاً : تعمل الحكومتان على إقامة تعاون ثقافي واقتصادي بين البلدين وعلى تبادل المعلومات الفنية بينهما .
وتحقيقاً لذلك وقع كل من رئيسي الوفدين على هذا المحضر.
وقد وقعه رئيس الوفد العراقي اللواء احمد حسن البكر رئيس الوزراء.
ووقعه رئيس الوفد الكويتي صباح السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.
(المحضر مسجل لدى الأمم المتحدة, الوثيقة رقم 7063 الأمم المتحدة مجموعة المعاهدات 1964).
وكان الوفد العراقي إضافة لرئيسه . يتألف من ..
الفريق الركن السيد صالح مهدي عماش وزير الدفاع وزير الخارجية وكالة
الدكتور محمود محمد الحمصي وزير التجارة
السيد محمد كيان وكيل وزارة الخارجية .
أما الوفد الكويتي فكان إضافة لرئيسه يتألف من ..
سعادة الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح وزير الداخلية وزير الخارجية وكالة
سعادة السيد خليفه خالد الغنيم وزير التجارة
سعادة السفير عبد الرحمن سالم العتيقي وكيل وزاره الخارجية .
والحكومة العراقية لم تطرح محضر الاتفاق على المجلس الوطني لقيادة الثورة ــ الذي كانت له صفة تشريعية ومراقبة الحكومة ــ ولم يصادق عليه رئيس الجمهورية المشير الركن عبد السلام محمد عارف. لذلك يبقى الشك قائماً بشرعية الاتفاق وقانونيته .
وبتاريخ 2/1/1964 أرسل وزير خارجية الكويت صباح الأحمد الصباح كتاباً الى وزارة الخارجية العراقية طالباً تعيين لجنة مشتركه تقوم بتحديد خط الحدود الموصوفة في الخطابات المتبادلة بين رئيس وزراء العراق وحاكم الكويت في 21/7/1932 و 10/8/1932 على التوالي, وفي جميع المعاهدات والوثائق الدولية الأخرى.. والتي كان آخرها المحضر المتفق عليه بين البلدين في 4/تشرين الأول/1963 .
وفي أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية الأول في القاهرة زار شيخ الكويت عبد الله السالم الصباح رئيس الجمهورية عبد السلام محمد عارف في مقر إقامته في يوم 12/1/1964 وفتح الشيخ موضوع تخطيط الحدود حسب الاتفاقية الأخيرة .
فأجابه الرئيس عبد السلام ممد عارف
لا حدود بيننا فكلنا عرب وحدودنا جميعاً هي حدود الوطن العربي الكبير .
وأثناء الدعوة التي أقامها وزير الخارجية العراقي صبحي عبد الحميد على شرف وزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد الصباح فاتح الأخير الأول بضرورة البدء بسرعة في مفاوضات جادة لتحديد مواقع الحدود حسب الاتفاق الذي تم في شهر تشرين أول 1963 . فأجابه الوزير العراقي ..
انه يمثل حكومة وحدوية لا تؤمن بالحدود القائمة الآن بين البلاد العربية. هذه الحدود التي رسمتها معاهده (سايكس ــ بيكو) أثناء الحرب العالمية الأولى والتي تقاسمت فيها فرنسا وبريطانيا البلاد العربية فيما بينهم… ونحن نسعى لتحطيم هذه الحدود. وان كنتم متلهفين على تحديد الحدود فاعتبر حدودكم الشمالية تمتد من زاخو, وأنا اعتبر حدودنا الجنوبية تمتد الى أقصى نقطة في جنوب الكويت… ولو أني اعتبر ان حدودنا جميعاً هي حدود الوطن العربي الكبير… وعلى كل أننا ندرس رسالتكم التي تسلمناها في بداية الشهر الماضي وسنرد عليها بعد إكمال دراسة الموضوع بدقة وعناية .
.. (مذكرات صبحي عبد الحميد , العراق في سنوات الستينات ص 114)
شكل مجلس الوزراء لجنة من ممثلي وزاره الخارجية, ووزارة الدفاع, ووزارة الداخلية, ووزارة النفط. ووزارة الإصلاح الزراعي, ومصلحة الموانئ العراقية.
وكان أهم ما توصلت واتفقت عليه اللجنة هو ما يلي ..
1ــ يجب ان تكون المداخل البحرية كافة المؤدية من الخليج الى ميناء أم قصر والأراضي المحيطة بالميناء عراقية . وهي خور عبد الله وخور صبيه وخور بوبيان وخور الشيطان.
2 ــ ان تعود جزيرتا وربه وبوبيان الى العراق لتامين استخدام ميناء أم قصر بصورة جيدة من الوجهة الملاحية والعسكرية.
3 ــ ان يمتد خط الحدود من قصر صبيه الى الحنابيه والى جنوب صفوان بمسافة لا تقل عن 10 كيلومترات وبذلك تبتعد الحدود عن ميناء أم قصر.
4 ــ ان يسترد حقل نفط الرميلة الجنوبي لغزارة نفطه وتأثيره على نفط حقل الرميلة الشمالي.
5 ــ ان تجري المفاوضات في أعلى المستويات لتثبيت ما جاء أعلاه. وبعد الاتفاق يترك الأمر الى اللجان الفنية لتثبيت دعامات الحدود.
وافق رئيس الجمهورية ووزير الخارجية على قرارات اللجنة واعتبرها الاساس في أية مفاوضات قادمة. (تقرير وزارة الخارجية العراقية عن الحدود الكويتية الصادر في شباط 1966)
رابعاً : كتاب رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد في 21/7/1932
ندون في أدناه نص كتاب رئيس الوزراء نوري السعيد. والذي هو جواب على مقترح المعتمد البريطاني في بغداد السير فرنسيس همفريز, بضرورة تثبيت الحدود العراقية الكويتية, والذي تسلمه السيد جعفر العسكري وكيل رئيس الوزراء في 17/7/1932 مرفقاً به مسودة تضمنت نص الرسالة التي يطلب الى رئيس الوزراء العراقي توجيهها إليه, يعترف فيها العراق بخط الحدود المثبت بها والذي تريده بريطانيا.
وفي 18/7 أحالت سكرتارية مجلس الوزراء اقتراح المعتمد البريطاني مع المسودة الى وزارة الداخلية لبيان ملاحظاتها.
وأعطت صورة منها الى رئاسة الديوان الملكي ووزارة الدفاع.
فأجابت وزارة الداخلية يوم 21/7/1932 بان لا ملاحظات لديها.
وبنفس اليوم وجه السيد نوري السعيد رئيس الوزراء الى المعتمد البريطاني الكتاب المذكور وهو مسودة المعتمد نفسها
عزيزي السيد فرنسيس همفريز افتكر ان فخامتكم توافقون على ان الوقت قد حان الآن لأن يكون من المرغوب فيه إعادة تثبيت الحدود الحالية بين العراق والكويت. عليه أرجو اتخاذ التدابير اللازمة لاستحصال موافقة السلطة أو السلطات ذات الصلاحية في الكويت على الوصف الآتي للحدود الحالية بين البلدين
(من تقاطع وادي العوجه بالبطن ومن هناك نحو الشمال على طول البطن الى نقطة واقعة تماماً في جنوب خط العرض ومن هناك نحو الشرق مارة بجنوب آبار صفوان وجبل سنام وأم قصر تاركة هذه كلها للعراق وهكذا الى ملتقى خور الزبير بخور عبد الله . وان جزائر وربه وبوبيان ومسكن أو (مشجن) وفيلكه وعوهه وكبار وقارو وأم المرادم تعود الى الكويت).
المخلص نوري السعيد
وكانت سكرتارية مجلس الوزراء قد أرسلت نسخاً من الكتاب الى رئاسة الديوان الملكي ووزارة الدفاع.
كما أرسلت وزاره الدفاع كتاباً الى مجلس الوزراء تستغرب فيه إرسال الموافقة الى المعتمد البريطاني مبينة ان وزارة الدفاع تصرّ على ان تكون جزيرتا وربه وبوبيان ضمن الأراضي العراقية لأنها متداخلة بأرض العراق. ومسيطرة على خور عبد الله وخور الزبير.
هذه الحدود التي رسمتها بريطانيا ولم تجر مفاوضات أو لقاء بين الكويتيين والعراقيين بشأنها.
والكتاب العراقي الموجه الى المعتمد البريطاني الذي أرسله الى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت, والذي قدمه بدوره الى حاكم الكويت وكان العراق خاضعاً للاحتلال البريطاني. وكانت بريطانيا تساوم العراق على تقديم مشروع الاعتراف به دولة مستقلة الى الجمعية العامة لعصبة الأمم في اجتماعها القادم في تشرين الأول 1932 .
وهكذا زرعت بريطانيا مشكلة بين العراق والكويت ستبقى مثار جدل وخلاف حتى يستعيد العراق الجزيرتين…
وللفائدة ولإعطاء تصور أكثر وضوحاً نقدم لمحة موجزة عن تاريخ الكويت وعلاقته بالعراق. كانت الكويت جزءاً من الدولة العثمانية. وكانت قضاءً تابعاً لولاية البصره.
وفي أواخر القرن التاسع عشر امتد النفوذ البريطاني الى الكويت من مشيخات الخليج العربي وأصبحت محمية تابعة للتاج البريطاني في الهند.
وفي 23/1/1899 عقد عاهل الكويت الشيخ مبارك الصباح معاهدة مع المقيم البريطاني في الخليج (م .ج . ميد) قبل بموجبها الحماية البريطانية على الرغم من بقاء ولائه لحاكم البصرة العثماني.
وفي 29/تموز/1913 تم في لندن التوصل الى مسودة اتفاقية بين الحكومتين البريطانية والعثمانية منحت بموجبها شيخ الكويت ممارسة حكم ذاتي محدود ضمن
منطقه تمتد من فتحة خور الزبير (مصب خور الزبير في خور عبد الله) وتتجه نحو الغرب وتمر من جنوب صفوان وجبل سنام حتى وادي الباطن ثم تنزل نحو الجنوب بمحاذاة حفر الباطن ثم تتجه نحو الجنوب الشرقي الى الجبه ثم تتجه شرقاً نحو الخليج قرب جبل منيفه .
إلّا ان هذه الاتفاقية لم تـصدّق ولم توقع لنشوب الحرب العالمية الأولى سنه 1914.
لذلك لا أهمية أو سند قانوني لها. وأهملت تماماً حتى قيام الحكم الوطني في العراق.
وعند نشوب الحرب العالمية الأولى أرسل المعتمد السياسي البريطاني في الخليج (سي. اتش. نوكس) رسالة الى حاكم الكويت يطلب إليه مهاجمة أم قصر وصفوان وجزيرة بوبيان والاستيلاء عليها. ثم يتفق مع أمير نجد عبد العزيز آل سعود وشيخ المحمره الشيخ خزعل للتقدم نحو البصره واحتلالها.
وهذا يدل على ان جزيرة بوبيان لم تكن داخلة ضمن مشيخة الكويت المحمية.
وبعد تأسيس الحكم الوطني في العراق سنه 1921 فصلت بريطانيا الكويت عن ولاية البصره بعد ان أصبحت البصره متصرفية (محافظه) في العراق الحديث.
قررت بريطانيا توسيع أراضي الكويت على حساب أراضي العراق فأوعزت الى شيخ الكويت احمد الجابر الصباح ان يبعث برسالة الى المندوب السامي البريطاني في العراق يطالب فيها بضم جزيرتي وربه وبوبيان الى الكويت.
وفي 19/نيسان/1923 أرسل المندوب السامي السير بيرسي كوكس الى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت يطلب منه إبلاغ شيخ الكويت موافقة الحكومة البريطانية على وصف الحدود العراقية الكويتية كما ورد في الاتفاقية البريطانية العثمانية سنه 1913 .
ومما جاء في كتاب السير بيرسي كوكس المرقم س ــ 52 في 4/نيسان/ 1923
يفهم منه انه يدعي ان حدود الكويت هي :
من تقاطع وادي العوجه مع الباطن ومن هناك شمالاً في محاذاة الباطن الى نقطة تقع جنوب صفوان ثم من هناك شرقاً مارة جنوب آبار صفوان وجبل سنام وأم قصر تاركة إياهم للعراق وهكذا تسير الحدود الى ملتقى خور الزبير بخور عبد الله. وفي عين الوقت يدعي الشيخ احمد بعائدية جزر وربه وبوبيان ومسكن أو (مشجن) وفيلكه وعوهه وكبار وقارو وأم المرادم للكويت.
وفي الاستطاعة إخبار الشيخ بان ادعائه بالحدود والجزر المبينة أعلاه معترف به بقدر ما يتعلق بحكومة صاحب الجلالة.
وبذلك تكون هبة وربه وبوبيان من قبل المندوب السامي لشيخ الكويت غير شرعية لان بريطانيا كانت دولة محتلة للعراق.
والقانون الدولي لا يجيز لها منح أية أراضٍ عراقية لدولة اخرى.
(مذكرات صبحي عبدالحميد, العراق في سنوات الستينات ص 116)
استمرت المطالبات العراقية المتعاقبة تطالب بعودة الكويت للعراق.
وبعد ثورة 8/شباط /1963 (14 رمضان) وفي أثناء مباحثات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق جرى اجتماع تمهيدي في بيت جمال عبد الناصر حضره رئيس الوفد العراقي علي صالح السعدي ورئيس الوفد السوري . أثار فيه السعدي موضوع الكويت من زاوية تعيين حدود دولة الوحدة الجديدة. وبيّن الحجج القانونية والتاريخية التي تثبت ان الكويت جزء من العراق ولابد ان تعود إليه…
فاعترض عبد الناصر ملخصاً الأمر بالقول ان الغرب وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية ستحاربنا من اجل الكويت. ولا يمكن ان تجد دولة الوحدة الجديدة نفسها لحظة ميلادها داخلة في حرب لا تستطيع تحمل مسؤوليتها . (محمد حسنين هيكل , حرب الخليج ص274).
خامساً : اتفاق خيمة صفوان :
قد يهمز البعض عن قصد أو جهل الى اتفاق خيمة صفوان ان تكون ربما أشارت الى حدود أو ترسيم حدود بين العراق والكويت. ولاطلاعنا على محضر المباحثات فإننا نثبت هنا ما يخص الحدود.
واتفاق خيمة صفوان هو محضر مباحثات وقف إطلاق النار بين قوات التحالف والعراقيين في مطار صفوان في العراق . يوم الأحد 3/آذار/ 1991
المشاركون عن قوات التحالف :
الفريق الأول نورمان شوارزكوف قائد القيادة المركزية الأمريكية
الفريق خالد بن سلطان ابن عبد العزيز قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات.
المشاركون عن العراق :
الفريق الركن سلطان هاشم احمد رئيس أركان القوات المسلحة العراقية
الفريق صلاح عبود محمود قائد الفيلق الثالث .
وقد بدأت الساعة 11 والدقيقه 34 بالتوقيت المحلي لمدينة الرياض .
والمواضيع التي تمت مناقشتها حسب الصلاحيات الواردة في بيان الصلاحيات هي :
1 ــ موضوع أسرى الحرب والمفقودين .
2 ــ تبادل المعلومات حول الألغام التي زرعت في ارض الكويت وحقول الألغام في المياه خارج الكويت .
3 ــ معرفه مواقع الذخائر . كيماويه أو بيولوجية أو نووية مخزونة داخل الكويت .
4 ــ الحديث عن تدابير الأمن .
5 ــ الاتفاق على خط فاصل بين قوات التحالف والقوات العراقية حسب مواقعها الآن ..
الفريق سلطان هاشم احمد : نتفق مبدئياً ان هذا ليس خطاً دائماً.
الفريق أول شوارزكوف؛ ليس خطاً دائماً على الإطلاق.
الفريق سلطان هاشم احمد : ولا علاقة له بأي حدود .
الفريق الأول شوارزكوف : لا علاقة له بالحدود بشكل مطلق أؤكد لكم ان الخط لا علاقة له بالحدود اكرر لا علاقة له بالحدود الدائمة. هو مجرد إجراء امني فقط وأؤكد لكم كذلك انه ليس في نيتنا إبقاء قواتنا داخل الأراضي العراقية بصفة دائمة وبمجرد توقيع وقف إطلاق النار سننسحب. ولكن حتى ذلك الوقت فإننا ننوي البقاء في مواقعنا.
الفريق الركن سلطان هاشم احمد : بعد انسحابنا من الكويت وإعلان ذلك في التلفزيون والإذاعة لم نكن نتمنى ولا نعتقد أنكم ستدخلون الأراضي العراقية .
6 ــ الاتفاق على كيفيه تحليق الطائرات والمركبات الأخرى لأي طرف فيما وراء هذا الخط.
7 ــ الموافقة على تحليق الطائرات العراقية العمودية حتى وان كانت مسلحة فوق الأراضي العراقية ومعاملتها معاملة المركبات …
(الحرب على العراق يوميات ــ وثائق ــ تقارير 1990 الى 2005 مركز دراسات الوحدة العربية ص 426 الى 440)
الخــلاصــة
نخلص مما تقدم من معاهدات واتفاقيات ومحاضر ورسائل, المصادق عليها وغير المصادق عليها :
1 ــ ان خور عبد الله وخور الزبير مياه عراقية .
2 ــ لم تقم بخصوص خور عبد الله وخور الزبير إشكاليات أو نزاع أو مطالبات سابقه.
3 ــ الإشكالية التي قامت والاعتراض على اقتطاع بريطانيا جزيرتي وربه وبوبيان من العراق ووهبتهما الى الكويت.
4 ــ الاعتراض أضافة الى انه اقتطاع أراضٍ عراقية من قبل دوله محتلة. وهبتها الى دولة اخرى. ان هاتين الجزيرتين تسيطران على خور عبد الله وخور الزبير وتؤثران على خط الملاحة العراقي والدولي في المياه الإقليمية العراقية.
5 ــ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله لم تقسم المياه ولم ترسم خطوطاً. إنما منحت الكويت مشاركة العراق في تنظيم الملاحة في مياه عراقية (خور عبد الله) .
المعــالجــة
أولاً : الاتفاقية اختتمت موادها بأحكام علاجية في حال الاعتراض. أو عدم استيفاء الشكل القانوني. أو عدم تحقيق المصلحة العليا للدولة. منها :
1 ــ المادة 16/1 بينت ان دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بعد تبادل الإشعارات التي يشعر الطرف الأخير الطرف الآخر باستيفائه الشكلية القانونية اللازمة لنفادها.
والطرف الأخير هنا هو العراق الذي لا زال الجدل والإشكال القانوني قائماً بصدور قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية. أضافة الى ما يثار من جدل حول انعقاد مجلس النواب ومدى إمكانية تصديق الاتفاقية مجدداً بقرار واضح صريح معلناً بحيثياته وأسبابه.
2 ــ المادة 16/2 نصت على أن هذه الاتفاقية تبقى سارية المفعول لمدة غير محددة.
ويجوز لكل طرف إنهائها بإشعار كتابي الى الطرف الآخر أمده ستة أشهر. على أن يتم الإنهاء بموافقة الطرفين.
3 ــالمادة 16/3 أشارت الى جواز تعديل هذه الاتفاقية باتفاق الطرفين.
ثانيا : اتفاقيه فيينا لقانون المعاهدات التي دخلت .حيز التنفيذ في 27/12/1980
1 ــ نظمت الاتفاقية المذكورة دخول المعاهدة حيز التنفيذ والتي تؤكد المضامين الواردة في المعاهدات المعقودة بين الدول منها بهذا الخصوص المادة 24/2 .
2 ــ المادة 41 منها نصت على حق الطرفين في تعديل المعاهدة التي تضمنت موادها هذا البند.
3 ــ أشارت الاتفاقية الى حق الدولة الطرف المطالبة بإبطال المعاهدة إذا اثبت إفساد ممثلها حيث نصت المادة/ 50 إذا تم التوصل الى تعبير الدولة عن رضاها بالمعاهدة عن طريق إفساد ممثلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل دولة مفاوضة اخرى يجوز لتلك الدولة ان تحتج بالإفساد كسبب لإبطال رضاها الالتزام بالمعاهدة .
ثالثا : اتفاقية جنيف (البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة لسنه 1958)
1 ــ حيث نصت المادة/ 12 عند تعذر الاتفاق لا يحق لأي دولة ان تمد بحرها الإقليمي الى ما وراء الخط الوسط الذي تقع كل نقطة منه على أبعاد متساوية من اقرب النقط لخط الاساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي لكل دولة,
2 ــ كما نصت المادة/ 13 عندما يصب نهر في البحر مباشرة فان خط الاساس يكون خطاً مستقيماً مرسوماً عبر مصب النهر بين نقاط محددة على شاطئيه في حالة الجزر المنحسر.
خامسا : ميثاق الأمم المتحدة الذي حرر في 26/6/1945 في مدينه سان فرانسيسكو
نصت المادة / 103 منه, في حال تعارض التزامات أعضاء الأمم المتحدة وفقاً لمقتضيات هذا الميثاق, والالتزامات الملقاة على عاتقهم بموجب اتفاق دولي آخر, فتكون الأفضلية لالتزامهم بهذا الميثاق .
وبالرجوع الى أحكام المادة الأولى الفقرات /2 و 3
نجد ان أهداف المنظمة هي التزام الأعضاء على تنمية علاقات الصداقة بين الأمم وتحقيق التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني.
مما يجب تغليب أحكام وأهداف هذا الميثاق على أحكام اتفاقية دولية فيها غبن أو عدم مساواة, قد ينتج عنها ما يمكن ان يخل بالسلم أو الأمن أو العلاقات الدولية .
الموصل 5/ صفر/ 1447 30/تموز/2025