ثقافة وفنون
قصة قصيرة : سفر منتصف الليل (5) .

قصة قصيرة : سفر منتصف الليل (5) .
بقلم : رحال امانوز .
الفصل : الخامس .
تناولت طعام العشاء بأحد المطاعم وسط المدينة . ثم جلست في إحدى المقاهي . اتملى برؤية المارة على الرصيف . وبدأ القلم يغازل اناملي . لتجود بنات افكاري بإبداع أدبي جديد . انتشلني من عالمي الفكري . صوت افريقية تلتمس صدقة . ويد معروقة تمتد نحوي . ترتدي ملابس رثة وصندل بلاستيكي . على ظهرها يرقد رضيع . يضع ابهامه في فيه . والمخاط الأصفر ينساب من أنفه. تحاول ذبابة التهامه بإصرار . يطردها بيده الصغيرة . وتعيد المحاولة لمرات عديدة . وجود الإفريقية في هذا الفضاء الأنيق . بوسط المدينة الراقي . والذي أكثر مرتاديه من علية القوم : سياح الداخل وكذا المهاجرون بالخارج . الذين يقضون عطلتهم الصيفية بوجدة والسعيدية . شكل نشازا غير مقبول . ورغم ذلك تبقى نسبة الأفارقة بمدينة وجدة قليلة جدا . مقارنة مع المدن الأخرى . غادرت المقهى ودخلت محلبة مقابلة للفندق . اشتريت حليبا راءبا وقطعة حلوى . تناولتها كوجبة خفيفة للمساء . عدت إلى غرفتي واستلقيت على السرير . فجأة سمعت طرقا على الباب . فتحته لأجد نفسي وجها لوجه مع شخص . يظهر للوهلة الأولى انه غير سوي . لم يبادرني بالتحية و السلام . بل قال لي بصوت حاد : هل طرقت باب حجرتي ؟ لماذا طرقت باب حجرتي ؟ انت من طرق باب غرفتي ! قلت له : انا لا اعرفك ولم أطرق باب غرفتك . فماذا تريد ؟ كان رجلا في حوالي الستين من عمره . شخص آخر جاء من خلفه . سحبه من يده وادخله إلى غرفته . رجع عندي معتذرا : المعذرة على الازعاج . هذا ابن عمي مصاب بمرض نفسي ! قدمنا به من مدينة تاوريرت إلى هنا للعلاج . يلزمنا البقاء معه في الفندق لمدة اسبوع . ثم نعود لبلدتنا بعد ان يستكمل العلاج . الجو حار جدا والغرفة تفتقد لمكيف الهواء . فتحت النافذة الخشبية . كان هناك شباك حديدي . القيت نظرة خارج النافذة . بدت لي السماء صافية . يزينها بدر في تمام اكتماله . وتحيط به نجوم تتلألأ . تأملت البدر المنير . وامعنت النظر في النجوم السيارة . تذكرت كلمات اغنية أندلسية. يتغنى فيها صاحبها بجمال القمر والنجوم : إلى حبك القمر بكماله
ماهمك النجوم إلا مالو . ربما يشبه القمر بالحبيب . والنجوم بالعزال الغيورين . استسلمت للنوم العميق …
ابن جرير / المغرب/ 2025 .