مقالات

الموقف من الطغيان والاستبداد خط أخلاقي لا يُباع بقلم امجد السيد -الهدف السودانية –

بقلم امجد السيد -الهدف السودانية -

الموقف من الطغيان والاستبداد خط أخلاقي لا يُباع
بقلم امجد السيد -الهدف السودانية –
الموقف من الطغيان والاستبداد ليس قضية سياسية عابرة ولا خيارا تكتيكيا يمكن تبديله وفق الظروف بل هو موقف أخلاقي وإنساني قبل أي اعتبار آخر فالاستبداد لا يعني فقط فساد الحكم أو انحراف الإدارة بل هو نفي لجوهر الكرامة الإنسانية وسلب لحق الناس في الحرية وتكميم لأفواههم وتحويلهم إلى رعايا خانعين بدل أن يكونوا مواطنين أحرارا
إن قول لا للطاغية هو قول نعم للحق نعم للعدالة ونعم لحق الإنسان في أن يعيش بلا خوف ولا إذلال ولهذا فإن التنازل عن هذا الموقف والانتقال إلى الضفة الأخرى ليس تحولا سياسيا عاديا بل انهيار أخلاقي عميق أشبه بخلع جلد الضمير قد يكون ذلك تحت ضغط الخوف أو طمعا في سلطة ومال. أو انسياقا وراء خطاب مزيّف يجمل القبح لكن النتيجة واحدة سقوط المعيار الذي كان يوما ما بوصلة الإنسان.
في السودان عرفنا عبر التاريخ شخصيات وحركات رفعت شعارات الحرية في مواجهة أنظمة عسكرية أو شمولية ثم ما لبثت أن تحالفت معها أو بررت جرائمها تحت شعارات الواقعية أو المصلحة الوطنية بينما الحقيقة أنها منحت الطغيان غطاءً سياسياً يحتاجه للبقاء
والعالم مليء بأمثلة مشابهة لثوار ومناهضين للاستعمار أو الديكتاتورية تحولوا بعد وصولهم للسلطة إلى طغاة جدد من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية حيث استُبدلت أنظمة القهر القديمة بأخرى تحمل نفس الجوهر وإن بدّلت الشعارات
خيانة الموقف ضد الاستبداد لا تضر صاحبها وحده بل تمنح الطغيان شرعية لم يكن ليحصل عليها دون سقوط أصحاب المواقف النبيلة والأسوأ أن هذا الانهيار يتسرب إلى ثقافة المجتمع فيصبح الصمت عن الظلم عادة، وتبرير القهر أمراً مألوفا والخوف فضيلة مزعومة.
في معركة الحرية لا توجد منطقة رمادية إما أن تكون مع الكرامة أو ضدها مع الحق أو مع القهر هذا الموقف ليس بنداً تفاوضيا في برنامج سياسي بل هو امتحان أخلاقي دائم من يخونه فقد خان إنسانيته قبل أن يخون أي قضية
قد يخسر الأحرار معاركهم أمام الطغاة إلى حين وقد تُكسر الثورات أو تُسرق لكن الثبات على المبدأ يبقى انتصارا في ذاته. لأن الإنسان حين يحافظ على موقفه ضد الظلم فإنه يحمي إنسانيته من الانكسار. ويترك للأجيال القادمة مثالا على أن الكرامة أغلى من الحياة تحت الذل فالطغاة يملكون السلاح والمال والسلطة. لكنهم يخشون الكلمة الحرة أكثر من الرصاص ويخافون ضميرا لم يُشترَ ولم يُرهب.
الهزيمة الحقيقية ليست أن تسقطك يد الطغيان بل أن تسقط من داخلك وتبرر له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب