تحقيقات وتقارير

الدكتورة نائلة فايز الوعري: مؤرخة القدس والقضية الفلسطينية – دراسة مستفيضة وأشهر مؤلفاتها

اعلام فلسطينيه
الدكتورة نائلة فايز الوعري: مؤرخة القدس والقضية الفلسطينية – دراسة مستفيضة وأشهر مؤلفاتها
اعداد المحامي علي ابوحبله وعبد البري
📌 السيرة الذاتية
· النشأة والتعليم: الظروف التاريخية وأثرها على المسار الشخصي والأكاديمي.
· المسيرة الأكاديمية والمهنية: التخصص والتميز في حقل التاريخ الفلسطيني.
· النشاط الفكري والبحثي: الجمع بين الأكاديميا والنضال الوطني.
· أشهر المؤلفات: تحليل عميق لأبرز إنتاجها الفكري وتفاصيله.
· الإشادات والتأثير: تأثير أعمالها على المستويين الأكاديمي والجماهيري.
· تقييم شامل لإرثها الفكري والنضالي.
1 النشأة والتعليم: القدس والشتات
وُلدت الدكتورة نائلة فايز الوعري في مدينة القدس عام 1953، ونشأت في حارة السعدية داخل البلدة القديمة، والتي تُعدّ قلب المدينة التاريخي وغنيًّا بالإرث الحضاري والإسلامي. تلقت تعليمها الابتدائي في مدرسة خولة بنت الأزور في حي وادي الجوز، مما غرس فيها منذ الصغر ارتباطًا عميقًا بتراث المدينة وهويتها.
كانت حرب حزيران/يونيو 1967 نقطة تحول مصيرية في حياتها، حيث هُجّرت قسراً مع عائلتها إلى عمّان في الأردن، وذلك بسبب عمل والدها هناك. لم يكن هذا الرحيل مجرد انتقال جغرافي، بل كان نقلةً وجوديةً حملت معها ذاكرة القدس وألم التشرد، مما سيطر على جزء كبير من اهتماماتها البحثية لاحقًا. انتقلت لاحقًا للإقامة في مملكة البحرين، حيث تقيم حتى اليوم، دون أن تفقد ارتباطها بهويتها الفلسطينية المقدسية الأصلية.
2 المسيرة الأكاديمية والمهنية: تخصص وعطاء
تميزت مسيرة الدكتورة الوعري الأكاديمية بالتنوع والعمق، حيث حصلت على مؤهلات في تخصصين متكاملين يعززان البحث التاريخي:
· ليسانس في الوثائق والمكتبات من جامعة القاهرة (عام 1976 أو 1978 وفقًا لبعض المصادر).
· ليسانس في التاريخ الحديث والمعاصر من جامعة بيروت العربية (عام 2002).
· ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر من الجامعة اللبنانية في بيروت (2006).
· دكتوراه دولة (Ph.D) في التاريخ الحديث والمعاصر، متخصصة في تاريخ فلسطين والقدس، من جامعة بيروت العربية (2010)، تحت إشراف المؤرخ اللبناني المرموق البروفيسور حسان حلاق.
عملت الوعري في مجالات عدة جمعت بين البحث الأكاديمي والعمل المؤسسي، منها:
· العمل مع الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي في مشروع “بروتا” (PROTA) للترجمة من العربية إلى الإنجليزية.
· رئاسة “مؤسسة المنارة لنشر الثقافة” لعدة سنوات، للإشراف على النشر والتوزيع في البلاد العربية.
· تأسيس ورئاسة “تجمع نساء من أجل القدس” (البحرين، 2003)، الذي توسع لاحقًا ليشمل فروعًا في عدة دول عربية وأجنبية.
كما شغلت عضوية العديد من المؤسسات الفكرية والبحثية، مثل:
· منتدى الفكر العربي (عمّان).
· مجلس أمناء مركز سمو الأمير الحسن بن طلال لدراسات القدس.
· مجلس أمناء مركز الدراسات الشرق أوسطية في جامعة القاهرة.
· جمعية مقاومة التطبيع (البحرين) وجمعية مناصرة فلسطين (البحرين).
3 النشاط الفكري والبحثي: بين الأكاديميا وال-national struggle
تتمحور اهتمامات الدكتورة الوعري البحثية حول تاريخ القدس والتاريخ الاجتماعي والسياسي الفلسطيني خلال الفترة الحديثة والمعاصرة، مع تركيز خاص على تحليل الوثائق والاستعانة بالأرشيفات المحلية والدولية. وهي باحثة متفرغة ومحاضرة متطوعة في هذا المجال، وترأس “منتديات فلسطين للفكر والرأي الحر” على منصات التواصل الاجتماعي.
شاركت في عشرات المؤتمرات الدولية والمحلية، قدّمت فيها أبحاثًا مهمة عن القدس، نذكر منها:
· مؤتمر “المرأة العربية” في تونس (2005).
· مؤتمر “التضامن مع المرأة الأفريقية” في جنوب أفريقيا (2006)، حيث قارنت بين نضال المرأة الأفريقية والفلسطينية ضد التفرقة العنصرية.
· مؤتمر “القدس عاصمة الثقافة العربية” في عمّان (2009).
· مؤتمر “القدس في الضمير” في عمّان (2009)، حيث قدمت ورقة عن دور مؤسسات المجتمع المدني في خدمة المدينة.
· مؤتمر “القدس: تحديات وصمود” في إسطنبول (2010).
· المؤتمرات الدولية لتاريخ بلاد الشام في الجامعة الأردنية، حيث قدمت أبحاثًا عن الأوقاف الإسلامية في القدس وحارة المغاربة.
موقفها من قضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي واضح وحازم، وقد جسدته في مقالها الشهير “أنا والقدس وذكرى الرحيل” (2013) حيث قالت: “القدس مدينتي ومسقط رأسي، لا أُطبِّع مع عدوي، ولا أقبل تأشيرة صهيونية مباشرة أو عن طريق تنسيق أمني مع السلطة الفلسطينية في رام الله”.
4 أشهر المؤلفات: موسوعة التاريخ الفلسطيني
أثرت الدكتورة نائلة الوعري المكتبة العربية بعدة مؤلفات أساسية أصبحت مراجع indispensables في مجالها، وقد أوصى بها للتدريس في أقسام التاريخ في جامعات فلسطين مثل جامعة القدس والجامعة الإسلامية في غزة وجامعة الأقصى. وفيما يلي دراسة مفصلة لأشهرها:
📘 1. دور القنصليات الأجنبية في الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين 1840–1914
· سنة النشر ودار النشر: صدر عام 2006 (أو 2007 وفق بعض المصادر) عن دار الشروق في عمّان.
· الموضوع والمحتوى: يبحث هذا الكتاب في الدور الخفي الذي لعبته القنصليات الأجنبية (خاصة البريطانية، الفرنسية، الروسية، الألمانية، النمساوية) في تسهيل الهجرة اليهودية وترسيخ الاستيطان في فلسطين خلال الفترة العثمانية. يعتمد الكتاب على وثائق أرشيفية سرية وغير سرية من الأرشيف العثماني في إسطنبول، والأرشيف الصهيوني في القدس، وأرشيفات وزارات الخارجية في الدول المعنية.
· الأهمية والقيمة: يكشف الكتاب الآليات الدبلوماسية والقانونية التي مهدت الطريق لاحقًا لإقامة الوطن القومي اليهودي، معتمدًا على أدلة وثائقية دامغة. وقد أشاد به الصحفي جهاد الخازن واعتبره من أهم الكتب التي كتبت عن القضية الفلسطينية.
📗 2. موقف الولاة والعلماء والأعيان والإقطاعيين في فلسطين من المشروع الصهيوني 1856–1914
· سنة النشر ودار النشر: صدر عام 2012 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
· الموضوع والمحتوى: يُعتبر هذا الكتاب تطويرًا لرسالة الدكتوراه الخاصة بها التي أشرف عليها المؤرخ حسان حلاق. يتناول مواقف النخب المحلية الفلسطينية المتنوعة (الولاة العثمانيون، العلماء، الأعيان، الإقطاعيون) من الاستيطان الصهيوني المبكر، مستندًا إلى مراسلات أرشيفية ورسائل تكشف مدى معرفة هذه النخب بالمشروع الصهيوني وردود فعلهم تجاهه، والتي تباينت بين القبول والرفض والمواقف المتخاذلة.
· الأهمية والقيمة: يسلط الضوء على الديناميكيات الداخلية للمجتمع الفلسطيني وأسباب ضعف المواجهة المبكرة مع المشروع الاستعماري، مما يقدم تحليلاً عميقًا لجذور القضية الفلسطينية. وقد أشاد الدكتور حلاق بأهميته في تقديم الكتاب.
📙 3. فلسطين في كتب الجغرافيين والرحالة العرب والمسلمين (القرن 3–14 هـ)
· سنة النشر ودار النشر: صدر عام 2014 عن دار ورد الأردنية للنشر في عمّان، وهو موسوعة مكونة من جزأين.
· الموضوع والمحتوى: عمل موسوعي ضخم يجمع ويحلل ما دونه مئات الجغرافيين والرحالة العرب والمسلمين (مثل المقدسي، وياقوت الحموي، والبيروني، وابن بطوطة) عن فلسطين على مدى اثني عشر قرنًا. يغطي الكتاب أوصاف المدن، والمعالم الجغرافية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدينية، مما يؤكد الوجود العربي والإسلامي العميق في الأرض.
· الأهمية والقيمة: يُعدّ مرجعًا أساسيًا لإثبات الرواية التاريخية العربية والإسلامية لفلسطين، وردًا على الروايات التوراتية والصهيونية التي تحاول تزوير التاريخ. قدمت له ندوات خاصة تحت رعاية الأمير الحسن بن طلال.
📕 4. القدس عاصمة فلسطين السياسية والروحية 1908–1948
· سنة النشر ودار النشر: صدر عام 2022 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
· الموضوع والمحتوى: يتتبع هذا الكتاب تطور دور القدس كمركز سياسي وإداري وروحي لفلسطين خلال أربعة عقود حاسمة، من بداية الحكم الدستوري العثماني (1908) حتى النكبة (1948). يعتمد على مصادر فلسطينية وعربية متنوعة، ويبرز كيف تشكلت في القدس مؤسسات الدولة الحديثة والهوية الوطنية الفلسطينية المعاصرة.
· الأهمية والقيمة: يؤكد الوجود السياسي الفلسطيني المتقدم في القدس قبل النكبة، ويدحض الادعاءات الصهيونية بأن القدس كانت “بلا شعب”. تم تقديمه في ندوات عبر Zoom ونوقش في عدة عواصم عربية.
📒 5. مسيرة النضال الشعبي في القدس 1917–2025 (قيد الإصدار)
· سنة النشر ودار النشر: من المقرر صدوره عام 2025 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
· الموضوع والمحتوى: كما هو واضح من عنوانه، ستركز هذا الكتاب على توثيق أشكال النضال والمقاومة الشعبية التي خاضها أهل القدس طوال أكثر من قرن ضد الاحتلالات المتعاقبة (البريطاني ثم الصهيوني)، مسلطًا الضوء على أبرز المحطات والأحداث الوطنية.
جدول يلخص أشهر مؤلفات الدكتورة نائلة الوعري
اسم الكتاب سنة النشر دار النشر المحتوى والأهمية
دور القنصليات الأجنبية… 2006/2007 دار الشروق (عمّان) يكشف الدور الخفي للقنصليات في تسهيل الهجرة اليهودية بناء على وثائق أرشيفية.
موقف الولاة والعلماء… 2012 المؤسسة العربية (بيروت) يحلل مواقف النخب الفلسطينية من المشروع الصهيوني، مبني على أطروحة الدكتوراه.
فلسطين في كتب الجغرافيين… 2014 دار ورد (عمّان) موسوعة من جزأين تثبت عمق الوجود العربي والإسلامي في فلسطين عبر روايات الرحالة.
القدس عاصمة فلسطين… 2022 المؤسسة العربية (بيروت) يوثق دور القدس كمركز سياسي وروحي لفلسطين في الفترة 1908-1948.
مسيرة النضال الشعبي في القدس 2025 (قيد الإصدار) المؤسسة العربية (بيروت) سيتناول تاريخ المقاومة الشعبية في القدس ضد الاحتلال منذ 1917.
5 الإشادات والتأثير: بصمة لا تُمحى
حظيت أعمال الدكتورة الوعري بإشادات نقدية واسعة من قبل مؤرخين وإعلاميين مرموقين. وقد لخّص الصحفي اللبناني الكبير جهاد الخازن في جريدة “الحياة” مكانة مؤلفاتها بقوله:
“لو اخترت أهم كتابين عن تاريخ القضية الفلسطينية لاخترت كتاب نائلة الوعري ‘دور القنصليات الأجنبية في الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين’ وكتاب ‘موقف الولاة والعلماء والأعيان والإقطاعيين من المشروع الصهيوني'”.
كما امتد تأثيرها beyond الأوساط الأكاديمية، حيث أصبحت مرجعية إعلامية تُستشار في الشؤون الفلسطينية والتاريخية، وظهرت لها مقابلات ومقالات تحليلية في منصات إعلامية عربية مختلفة.
6 ونختم تاريخ وفكر الدكتورة نائلة الوعري: إرثٌ من العلم والنضال
تُمثّل الدكتورة نائلة فايز الوعري نموذجًا فريدًا للمثقف العضوي الذي يربط العمق الأكاديمي بـ الالتزام الوطني، فهي لم تكتفِ بتأريخ الماضي بل سخرت معرفتها للدفاع عن الحاضر والمستقبل. جعلت من قضية القدس وهوية فلسطين التاريخية شغلها الشاغل، محاولةً بذلك مواجهة محاولات الطمس والصهر التي تتعرض لها الرواية الفلسطينية.
أعمالها الموسوعية القائمة على الوثيقة والأرشيف ليست مجرد إضافة أكاديمية فحسب، بل هي أدوات نضالية تساهم في حفظ الذاكرة وتثبيت الحقوق. وهي تبقى ابنَة القدس الوفيّة التي حملت راية مدينتها ووطنها بالعلم والقلم، لتبقى قضية فلسطين حية في الضمير الإنساني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب