مقالات

المقاومة كمنطق تاريخي: الفعل المقاوم ومعنى “الخطأ” بقلم عثمان الحاج عمر -طليعة لبنان –

بقلم عثمان الحاج عمر -طليعة لبنان -

المقاومة كمنطق تاريخي: الفعل المقاوم ومعنى “الخطأ”
بقلم عثمان الحاج عمر  -طليعة لبنان –
 
تتحدث قنوات التطبيع ومفكروا الإستسلام، عن حجم خسائر المقاومة في العدة والعتاد، وتغرقنا قنوات الخيانة في تفاصيل الجروح والٱم… حتى تكاد تشبه المقاومة بالإنتخار، ليحدثنا مفكرو الإستسلام بكثير من الواقعية عن الجرد (bilan) فيقللون من الربح ومن حجم المكاسب، ويضخمون الخسارة/التضحيات… حتى لكأنهم يصفون الفعل المقاوم بالعبث وقد وصفوه كذلك
والحقيقة إن تقييم الفعل المقاوم لا يُقاس بالخسائر المباشرة فحسب، بل ضمن السياق التاريخي والسياسي الأوسع الذي يشكّل مسار الصراع والمقاومة. الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، رغم الكلفة الإنسانية الكبيرة والدمار الشامل، يُفهم كامتداد لنهج المقاومة التاريخي لإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد الدولي بعد سنوات من التهميش ومسار التطبيع. وينسجم هذا المنطق مع تجربة العراق، حيث لم تقتصر المقاومة على مواجهة الغزو والتحالف الدولي عام 2003، بل شملت أيضًا رفض الحكم الوطني في العراق، في مراحل مختلفة سابقة للغزو في التاريخ المذكور ، الاستسلام للضغوط الخارجية أو التنازل عن السيادة الوطنية، واختارت أن تكون التضحيات جزءا أساسيا من استراتيجية الحفاظ على الهوية وعلى الشرف وعلى استقلال القرار السياسي.
من المنظور السياسي الاستراتيجي، تكشف كلتا التجربتين هشاشة القوى الخارجية وقدرتها المحدودة على فرض إرادتها على الشعوب التي تصر على المقاومة رغم حجم عدد الشهداء وحجمةالخسائر المادية الكبير. وهكذا، يُعاد تعريف مفهوم “الخطأ” بالمنطق التاريخي والسياسي: الخطأ لا يكمن في خوض مواجهة غير متكافئة، بل في التفريط بالحق أو قبول الاستسلام للواقع القائم. إن الفعل المقاوم، سواء في فلسطين أو العراق، يظل شرطًا ضروريًا لإبقاء القضايا حية، لصياغة الوعي السياسي، ولتحقيق تأثير استراتيجي طويل المدى، رغم جسامة التضحيات والدمار الذي يرافقه.
إن خسائر العدو في كلتا الحالتين كبيرة جدا وإن كان الإستقلال والحرية هي الغاية التي تقدم من أجلها المقاومة كل تلك التضحيات، فإن خسائر العدو تذهب بدون عوض ومقابل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب