في هذا المنزلِ الخالي، أتهجّاك قيروان
دونما أقباء تُدْمِي غيابك
أتهجّى كلّ قطعةٍ من السماء، على خطواتِ أبوابك
في غبار الشوارع الذي يتطاير
ناسجا الغيوم بِصُوفِ الزرابي
***
وقتَ الصلاة، أسمع صوتكَ أنت، بدءا من حواشي القيروان
الركبتان ملتصقتان بالأرض.. أراهما من خارج
إذن من جعلك أزرقَ؟
أيّها الباب.. أيّها الشبّاك.. أيّها القوس.. أيّها الرصيف..
يا جَنِيسَ الأبيض؟
إذن من جعل القيروان سماء منتصف النهار؟
وأرضا؟ إلاّ أنّ حائكاً يَخِيط الليل أمام بابه..
إلاّ أنّ كلّ الألوان والقطط تنبش القمامات..
أطعمة محفوظة وعلب صغيرة فوق الأدراج حذو الكوكاكولا.
***
أطرقُ بيتك لكي نستضيف المنزل
قبل أن يستضيفني.
أَسِرّةٌ حيث نجلس
لنشرب سرّ النبيذ، على حين تتلاقى
أيدينا في صحنٍ واحد.
نبلّل الخبز والفم
ما بين «القاف» و»الضاد» في ثرثرة الليل
وبكلمات نُهَدْهِدُ المدينة
تلك الخالية في هذه الساعة بالذات.
***
وكلّ يوم تصنع السماء من نفسها لوحاً للباب
إسمنتاً للقوالب، وسبعَ لفتاتٍ للشارع الضيّق
ذاك الذي يقيّده الدليل للسائح، قبل الدينار.
***
أيّتها الزاوية، اتركيني أتَهجَّ اسمَ وليّك..
أيّها المسجد، اتركني حوالي اللاشيء،
هنا حيث يكون لفلسطين بيت
وقل لي كم ذرّة غبار سآكل؟
كم من أزرق أسكب؟
حتى يكون لك منزل.
***
وأنا أقول إنّ بيتي مقفر.. المائدة وحدها هي المائدة..
والصحن غير موزّع.. لكي لا يكون البحر والسماء جسداً
في جسد المدينة..
ليكون ثمّة تفسير للغيوم التي ليست غبار خطواتي.
لكنّ الأزرق أحمرُ في لسانك حيث الكلمة
ليست حتى بيتاً.
المشبّكات تشتعل داخل النوافذ..
داخل الرئتين اللتين لا تتنفّسان..
اللتين تحتملانك.
***
فلسطين.. قدماي ستتهجّيان أرضك
مثلما يتهجّى فمي القيروان
حيث يكون جسد السماء في منازلك.
***
أبتعد مثل القطّ الذي يتكوّر تحت الحائط..
الطائرة التي تقلّني على الكرسيّ الشاغر.
***
قلْ إنّك تراني أعبر السوق..أطرق بابي في المدينة..
قلْ إنّي أزرقكَ فوق الأرض..
عندما ننام في أعمق بئر في القيروان..
هنا حيث تنعكس السماء.. ما بين أجنحتنا..
القيروان توحّدُ الضفّتين..
ضفّتيْ قلبي مثل نخلة ذكر وأنثى.

روزا أليس برنكو .. شاعرة برتغالية ولدت 1950
شاعر تونسي