ثقافة وفنون

في البْلاَدْ، نظرة عامة عن الجزائر1904

في البْلاَدْ، نظرة عامة عن الجزائر1904

قراءة، واختيار، وتعليق، وترجمة – معمر حبار

o.de la boordonnaye. lieutenant au 4 cuirassiers. “DANS LE BLED, Esquisse Aalgéiennes”, edition henri charles-lavauzelle, editeur militaire, paris, france, Contient 106 Pages.

 

مقدمة:

وضع صديقنا الأديب البليغ  Saddam Housseyn Medjahed. الكتاب تحت تصرّفي. وقرأته في حينها. وأنهيت قراءته في يوم الغد. وأخبرته بذلك. ولصديقنا كلّ المحبّتة، والتّقدير، والاحترام. راجيا له السّداد، والتّوفيق.

الفقرات المعنية من اختيار، وترجمة صاحب الأسطر.

العناوين الفرعية من وضع صاحب الأسطر.

أوّلا: حول الكتاب:

ضمّ الكتاب: تنبيه للقارئ ودون أن يضع له عنوان، وتسعة فصول. ودون مقدّمة، ولا خاتمة. وهذا شأن الكتب الفرنسية، والغربية. التي تعتمد على السّهولة، والأسلوب المباشر، والاختصار.

عناوين الفصول: الأسواق الجزائرية: 7-14. الحَمّام: 15-24. عرس في تلمسان: 25-32. جولة في البْلاَدْ 33-42. صيد الس۟لٔوڤِي في أعالي الهضاب العليا: 43-54. الضيافة: 55-72. فنّ الحرب لدى الجزائريين: 73-80. فروسية عبر القَدَم: 81-86. تحضير: 87-94. الجيش: 95-105

من معاني عنوان الكتاب: “البْلاَدْ“:

عنوان الكتاب “البْلاَدْ”. وقد نقله الكاتب الفرنسي عن العامية الجزائرية. وقد أصاب في النّقل، والكتابة. واختاره الفرنسي عمدا -أقول عمدا-. ليبيّن بأنّه يعرف حقيقة المجتمع الجزائري، وجوهره. ومن خلال يومياته، وعاداته، وعن قرب، ومعرفة، ودراية، وتجربة، وعيان، وممارسة.

وضعية الاحتلال سنة 1904:

تم تأليف الكتاب سنة 1904. ما يعني أنّه مرّ على احتلال الجزائر 74 سنة. باعتبار الجزائر احتلّت سنة 1830. ولم يعد هناك مقاومة للاحتلال. واتّضح ذلك من خلال الاستقبال العظيم الذي استقبل به الفرنسي المحتلّ من طرف بعض الجزائريين. والضيافة المبالغ فيها التي وضعت تحت تصرّفه. وتعامل بعض الجزائريين معه على أنّه “ضيف كريم؟!”. وطيلة الكتاب لم يتحدّث عن محاولة إزعاج تعرّض لها، ولا ردّ، ولا رفض، ولا عدم قبوله من طرف الجزائريين.

ثانيا: حول الكاتب:

الفرنسي العارف بحقيقة المجتمع الجزائري:

الكاتب الفرنسي المحتلّ يعرف حقيقة المجتمع الجزائري من خلال: الأسواق، والمقاهي، والأعراس، والضيافة، والصيد، والحٙمّٙام۟ بالمفهوم الجزائري، والحدود، والجيران من النّاحية الغربية، والأكل، والشرب، والملبس، والأعراس، والرّجال، والأغا، والڤٙايٙد۟، والخدم، والعبيد، والخيم.

يصف الجزائري، وعادات الجزائري بصدق، وأمانة، ودقّة متناهية. ومهما كانت الملاحظة صغيرة لا تلفت -في نظرك- الانتباه.

اللّغة العربية الجيّدة للفرنسي:

واضح جدّا أنّ الفرنسي يتقن جيّدا اللّغة العربية. فهو يكتبها باللّغة الفرنسية كما تنطق باللّغة العربية. ويشرحها في الهامش باللّغة الفرنسية. وتتبعته جيّدا ولم أجده يخطئ في واحدة منها، ولا في شرحها. ما يدلّ على تمكّنه في اللّغة العربية. وهذا عامل من العوامل التي ساعدت الكثير منهم لفهم جوهر المجتمع الجزائري، والتّغلغل داخله، وتثبيت الاحتلال.

“العرب” لدى الفرنسي تعني: الجزائر، والجزائري:

يستعمل الكاتب وطوال الكتاب مصطلح “العرب”. ويقصد به الجزائري. ولا يقصد به العرب. هذه الملاحظة نابعة من قراءة سنوات، وعدّة كتب لفرنسيين، وغربيين كتبوا عن الجزائر قبل الاستدمار الفرنسي، وأثناءه. حتّى أصبحت الفكرة عقيدة راسخة.

مذكرات الفرنسيين الخاصّة بالجزائريين ليست بريئة:

يقول في صفحة 6 من الكتاب. وهي أوّل صفحة. وكأنّها تنبيه للقارئ. ودون أن يضع لها عنوان. وحسب ترجمتي:

الصفحات القادمة لا تعتمد على أيّة نية مسبقة. وأقولها بحرارة. كانت لي نية واحدة وأنا أخطّ هذا الكتاب، وهي: إعادة إحياء أيّامي. راجيا أن تهمّ القارئ. وأن يغفر لي.

أقول: قرأت الكثير من مذكرات الفرنسيين الحاقدين، والمنصفين. ولا أعرف أحدا أنّه كتب دون خلفية احتلال الجزائر، وتثبيته. والكاتب الفرنسي هو وسيلة من وسائل الاستدمار الفرنسي، وحبره هو الوجه الآخر للجندي المحتلّ، والبندقية لاحتلال الجزائر.

للأمانة، هناك كتّاب فرنسيين أيّام الاستدمار الفرنسي كانوا منصفين، ومن الرّافضين للاستدمار. وهم قلّة، ولم يكونوا يجهرون بمساندتهم للجزائر، والجزائريين كما يجهر المبغض الحاقد.

ثالثا: ماجاء في الكتاب:

سوق “لالة مغنية”، والخطّ الوهمي.

بدأ الكاتب الفرنسي كتابه الفصل الأوّل بعنوان: “الأسواق الجزائرية”. وتحدّث من خلاله وبالتّفصيل عن الأسواق من حيث السّلع، والعادات، والمعاملات، وما يفضّله الجزائري. لكنّه ركّز وبشكل كبير على علاقة الجزائريين بإخوانهم، وجيرانهم من المغرب الأقصى عبر السّوق. وبالتّحديد من خلال منطقة “لالة مغنية”. التي يرى أنّها جزائرية، وتابعة للجزائر. ويدخلها سكان المغرب الأقصى كأجانب، وبإذن من الاحتلال الفرنسي. ودون سلاح. ويضعون السّلاح في مدخل المدينة. ويستردونه كوديعة حين يغادرون “لالة مغنية الجزائرية. وينصرفون بهدوء، وتحت أعين الاحتلال الفرنسي.

ويتمّ أوّل لقاء بين الجزائريين، وسكان المغرب الأقصى عبر سوق “لالة مغنية”. و يقام السّوق كلّ يوم خميس. وبالتّالي اللّقاء بين الإخوة، والجيران. 8

تتمّ عملية حراسة السّوق من طرف جنود “الص۟بٙايٙح۟”. لضمان “الأمن؟ !” حسب الفرنسي المحتلّ، والاستدمار الفرنسي.

العملة الوحيدة في الأسواق هي “الدٔورٔو”. وسكان المغرب الأقصى الذين يأتون للسّوق الجزائرية يفضّلون التّعامل، بـ “الدٔورٔو الإسباني”.

وبعد غلق سوق “لالة مغنية” زوالا. يذهب سكان المغرب الأقصى لديارهم. 13

وحين تجاوز الخطّ الوهمي بين الجزائر والمغرب الأقصى. يذهبون لاستلام أسلحتهم التي تركوها في “مقهى الموريسك”. والتي تتحوّل بدورها إلى مكتب الجمارك. 13

للتذكير الكاتب الفرنسي هو الذي أطلق على الحدود مصطلح: الخطّ الوهمي. وحسب ترجمتي، وبالحرف. وتعمّدت أن أقف عنده، وألفت الانتباه إليه، وأدرجه في العنوان.

يصف الجزائريين، بـ “المٔح۟تلّٔون”. حين يلتقون بإخوانهم، وجيرانهم من المغرب الأقصى. وكأنّه يخاطب الجيران والإخوة: لا تقلقوا، سنحتلكم مثل الجزائر والجزائريين.

الكثير من الجزائريين الذين لا يتحدّثون الفرنسية:

قال الكاتب الفرنسي المحتلّ: “الآباء لا يتحدّثون الفرنسية. لكن الصّغار يتقنونها جيّدا”. 11

أقول: بعملية حسابية بسيطة. قال الكاتب هذا الكلام سنة 1904. وهو سنة تأليف الكتاب. كما هو مشار إليه في تنبيه الكتاب: جوان 1904. أي بعد 74 سنة. فإنّ المجتمع الجزائري لم يكن يتقن كلّه اللّغة الفرنسية. خاصّة في القرى، والجبال.

أنا من الجيل الذي عايش الجيل الذي شهد الثّورة الجزائرية، وما قبلها، وما بعدها. فرأيت رأيت العين، وسمعت من شهود، وعاشرت كبار السّنّ. وأجزم أنّ الكثير -والكثير- منهم لا يحسن اللّغة الفرنسية لا نطقا، ولا كتابة.

ويفهم من هذا أنّ اللّغة الفرنسية لم تنتشر في الجزائر أيّام الاستدمار الفرنسي. بالشّكل الذي كنت أعتقده -خطأ-، ويظنّه الكثير. ما يستدعي إعادة النّظر في النّظرة السّائدة. لأنّه تنبني عليها أحكام خاطئة فوجب تصحيحها بتغيير الاعتقاد السّائد حول اللّغة الفرنسية أيّام الاستدمار الفرنسي.

العامل الجزائري كما يتعامل مع الاستدمار الفرنسي:

قال: “أبناؤهم عمّال مهرة، ونساؤهم لا يتعبون من عمل البيت”. 11

أقول: هذا هو الجزائري بالنسبة للمحتل: آلة للعمل، وطريق للعبودية.

أبناء الجزائر لخدمة الاستدمار الفرنسي:

قال: “أولادهم الكُثر يُوظّفون لخدمة المستعمرة”. 11

أقول: لأوّل مرّة أقرأ أنّ الاستدمار الفرنسي لا يعارض كثرة الأبناء لدى الجزائري. لأنّه يتعامل معهم على أنّهم مخزون لا ينضب لتقوية الاحتلال من حيث كونهم يد عاملة رخيصة، ومطيعة، ومتوفّرة، وقويّة، ونشطة، ومنتجة.، ويافعة، ومقبلة على الحياة.

الرفاهية الأوروبية التي لا يريدها الجزائري:

قال: “الأهالي لا يبحثون عن الرّفاهية الأوروبية”. 15

أقول: رغم الفقر، والحاجة التي كان يعيشها الجزائري. والتّجويع، والفقر الذي فرض عليه من طرف الاستدمار. إلاّ أنّ الجزائري لم يكن يبحث عن رفاهية المحتلّ. وبالأخصّ على طريقة المحتلّ.

الذوق الجزائري وتخريب ودمار الاستدمار:

قال: “فقدان الذوق بالنسبة للأهالي. أفقد تجانس العمران”. 19

أقول: يتحدّث عن تدهور حالة الحمّامات بالمفهوم الجزائري. التي زارها. ولم يتم صيانتها.

أضيف: لا يتحدّث عن الحرائق، والدمار، والنّسف، والتّهجير، والخيول التي دنّسن مسجد كتشاوة أثناء الأيّام الأولى للاستدمار الفرنسي، وحرائق الظهرة وغيرها من الحرائق. الذي أحدثه الاستدمار الفرنسي.

والعبارة هي إهانة، وشتيمة للجزائريين بأنّهم يفتقدون للذوق العالي حسب الاستدمار الفرنسي.

المظاهر التي أفسدت عمل الجزائري:

قال: “لا يمكن للجزائري، أن يقوم بعمل دون أن يظهره -كغيره من العرب المشارقة-. ويحبّ كلّ ما يلفت الانتباه”. 37

أقول: استنكر الكاتب على الجزائريين المبالغة في الضيافة، والتّرف، والمباهاة. وأنّ الجزائري يتعمّد أن يقوم بأعمال الكرم كالأكل، والشرب علانية، وبكمية ضخمة، وعدد كبير جدّا من الضيوف. لكي يظهر أنّه القائد، والكبير الذي يطاع، ويسمع له.

أضيف مالم يذكره الفرنسي: الڤٙايٙد۟، والأغا، والأثرياء يتملّقون الفرنسي المحتلّ بالتّرحاب المبالغ فيه، والضيافة المفرطة. ليكسبوا رضاه، ويضمنوا مكانتهم، ويديموا سيطرتهم على الجزائريين المغلوب على أمرهم. ويضمنون له جلب الضّرائب من الجزائريين. وفي المقابل، رفض الفرنسي المبالغة في الضّيافة. واعتبرها تبذيرا، وبذخا لا جدوى منها.

صيد الذئاب التي اعتدت على أغنام الجزائريين بإذن المحتلّ:

تحت فصل بعنوان: “الصيد بالس۟لٔوڤِي  في أعالي الهضاب العليا”، وعبر صفحات: 73-80. وممّا جاء فيه وحسب ترجمتي: “تعرّض الأهالي لهجومات الذئاب، والثّعالب. وأقاموا صيد منظّما. حضره رئيس مكتب العرب، وبعض الضّباط في اليوم الموعود”.

أقول: حتّى عندما يتعرّض الجزائري لاعتداء من طرف حيوانات مفترسة ضدّ قطيعه. فلا يحقّ له في نظر الاستدمار الفرنسي. أن يصطاد المفترسين من تلقاء نفسه. فإنّ ذلك جريمة لا تغتفر. ولأنّ الاستدمار يتعامل مع الجزائري صاحب الأرض على أنّه قاصر. والقاصر لا يبلغ الرّشد إلاّ إذا أعلن الاستدمار ذلك. وبما أنّه لم يعلن عن ذلك. فيظلّ الجزائري قاصر وإلى الأبد.

كنت أعتقد أنّ “مكتب العرب” مخصّص لشؤون الجزائريين لتثبيت الاستدمار. إذ به يهتم أيضا بصيد الذئاب، والثّعالب وتحت إشرافه وتوجيهه. فلا يملك الجزائري شيئا من أموره اليومية، ولا حتّى حيواناته التي يراها تفترس من طرف الذئاب، وتسرق من طرف ذئاب الاستدمار الفرنسي.

احتلال الجزائر، ونهبها من الحضارة الأوروبية:

قال: “نقل الجزائري سلبياته للحضارة الأوروبية أكثر من إيجابياته. ولا يفكّر في مجال التطوّر. وعلى الأقلّ بخطوات صغيرة”. 61

أقول: يتعامل الفرنسي مع “الحضارة الأوروبية؟!” من خلال الاستدمار الفرنسي. و”سلبيات؟!” الجزائري بالنسبة لكلّ فرنسي محتل هو كلّ سلوك لا يضمن استمرار، وتثبيت، وإطالة عمر الاحتلال. و”الحضارة الأوروبية؟!” تعني بالنسبة للفرنسيين المحتلّين هي احتلال الجزائر، وتشريد شعبها، وإبادته، ونهب ثرواته، ومحو لغته. فلا تيأس، ولا تنخدع إذا قرأت عن محتلّ فرنسي مثل هذا القول في حقّ الجزائر، والجزائريين.

الفرنسي المحتلّ ليس ضيفا:

قال: “الجزائري يشكّ بطبعه، وكسول بمزاجه. لكنّه قويّ أثناء التّعب. وممتلء من الطّموح أثناء الحاجة. ولا يفقه من الوجود غير ما له علاقة بحياته اليومية”. 61-62

زيارة الرّئيس الفرنسي المحتلّ للجزائر المحتلّة:

تحدّث الفرنسي عبر صفحات 69-71 عن زيارة رئيس جمهورية فرنسا المحتلّة للجزائر المحتلّة سنة 1903. وحضور خمسة ألاف ضيف. وفي أجواء كلّها ألف ليلة، وليلة. ومن نفقة الجزائريين و”كبارهم؟!”.

مقتطفات دون تعليق:

العريس الجزائري، والعروسة الجزائرية:

قال: “يلبس العريس عادة برنوس خفيف. لأنّ الأعراس تقام في فصل الصّيف حيث الحرارة”. 27

قال: “بوصول الفتاة لسنّ 12 تلبس ما يسترها، ويحميها من النّظرات المشبوهة. وبعد عام، أو عامين تتزوّج من رجل لا تعرفه، ولم تره”. 27

الجزائري الماهر الذي لا يخطئ رميه:

قال: الجزائري لا يخطئ تقريبا هدفه. ويظهر ذلك في مطاردته للصّيد”. 79

قال: “الجزائريين سادة في إصابة الحيوانات المصابة”. 53

السّبت 21 ربيع الأوّل 1447هـ، الموافق لـ 13 سبتمبر2025

الشرفة – الشلف – الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب