كتب

كتاب إسرائيل التاريخية وإسرائيل التوراتية. تأليف: رينهارد كراتز

ترجمة عن الألمانية: ا.د. علي الرفاعي.

كتاب إسرائيل التاريخية وإسرائيل التوراتية.
تأليف: رينهارد كراتز
ترجمة عن الألمانية: ا.د. علي الرفاعي.
الناشر: دار البحر_الأحمر للنشر، سلسلة دراسات يهودية -كتاب رقم 25
عدد الصفحات: 368 صفحة.
تاريخ النشر: 2025م.
تاريخ النشر باللغة الالمانية : 2013 -„Historisches und biblisches Israel: Die Geschichte, die Tradition und die Archive Israels und Judas“
تاريخ النشر باللغة الانجليزية: 2015 Historical and Biblical Israel The History, Tradition, and Archives of Israel and Judah by REINHARD G. KRATZ Translated by PAUL MICHAEL KURTZ
✅مقدمة
يقدّم راينهارد كراتس في هذا الكتاب رؤية شاملة تمتد من نحو 1200 ق.م حتى منتصف القرن الثاني الميلادي، تعيد تقييم العلاقة بين التاريخ الفعلي والرواية الكتابية. يؤكد منذ البداية ضرورة التمييز بين ما تثبته النقوش والآثار وبين ما هو أدبي ولاهوتي في النصوص المقدسة. يمثل الكتاب ذروة المدرسة الألمانية النقدية التي تجمع بين تحليل النصوص والاكتشافات الأركيولوجية. يطرح كراتس أطروحة جريئة مفادها أن اليهودية التوراتية لم تكن سوى شكل واحد من أشكال التدين اليهودي في زمن الهيكل الثاني، ولم تصبح رسمية إلا في العصر الحشموني. ويبرهن على ذلك من خلال دراسة الأرشيفات اليهودية، حيث تكشف مخطوطات قمران عن النموذج التوراتي، فيما يعبّر أرشيف ألفنتين عن تقليد يهودي مختلف ومتعدد الجذور.
🔹 طبيعة الكتاب
كتاب أكاديمي بحت في مجال تاريخ الأديان والنقد الكتابي، وليس كتابًا سياسيًا أو أيديولوجيًا.
الكتاب يبحث في إسرائيل القديمة ككيان تاريخي وديني، لا كدولة حديثة.
يركز على الفترة من الألفية الأولى قبل الميلاد حتى العصر الهلنستي، أي قبل ظهور الإسلام والعرب كقوة تاريخية بزمن طويل.
وبالتالي لا يتناول الصراع العربي–الإسرائيلي أو قضايا فلسطين الحديثة بأي شكل مباشر أو غير مباشر.
✅ الفكرة المركزية
يراجع الكتاب الفروق الجوهرية بين “إسرائيل التاريخية” و**”إسرائيل التوراتية”**، أي بين الواقع التاريخي كما يمكن استعادته من المصادر الأركيولوجية والنقوش والمراجع المعاصرة، وبين الصورة التي رسمها الكتاب المقدس العبري (العهد القديم).
يرى كراتس أن الهوية الإسرائيلية التي يقدمها الكتاب المقدس ليست وصفًا دقيقًا للماضي، بل بناء أدبي ولاهوتي تشكّل لاحقًا في ظل التحولات السياسية والدينية من المملكتين إلى الشتات اليهودي.
الهدف إذن هو رسم تاريخ مزدوج: تاريخ واقعي لإسرائيل ويهوذا، وتاريخ “نصيّ” للكيفية التي أعاد بها الكتّاب اليهود تشكيل ذاكرتهم وهويتهم.
📚 فصول الكتاب
🔸 الجزء الأول: تاريخ إسرائيل ويهوذا
يرسم الإطار التاريخي والسياسي الفعلي منذ نشوء القبائل الإسرائيلية إلى فترة الحكم الروماني.
الفصل الأول: المقدمات
يحدد كراتس منهج البحث التاريخي: الاعتماد على النقوش والآثار لا على النصوص اللاهوتية فقط. يناقش مفهوم “البداية والنهاية” في تاريخ إسرائيل ويشرح مصادرنا التاريخية وموقع إسرائيل الجغرافي الثقافي بين مصر وبلاد الرافدين.
الفصل الثاني: المملكتان
يتتبع نشوء الملكية: من شاول إلى داود وسليمان، ثم انقسام المملكة إلى إسرائيل (الشمال) ويهوذا (الجنوب). يوضح أن مملكة إسرائيل كانت أكبر وأكثر ازدهارًا لكنها انهارت أولاً بيد الآشوريين، بينما نجت يهوذا فترة أطول بفضل موقعها وحجمها الصغير.
الفصل الثالث: الإقليمـان بعد السبي
يناقش التحول من مملكتين إلى مقاطعتين تابعتين للإمبراطوريات (البابلية، الفارسية، ثم اليونانية والرومانية). يبرز ظهور الشتات اليهودي في السامرة ومصر وبابل، ثم حكم الحشمونيين فالهيروديين كصيغ لاحقة للهوية السياسية.
الفصل الرابع: ملامح من التاريخ الديني
يميز بين ديانة إسرائيل القديمة (المحلية والمتعددة الأشكال)، واليهودية التوراتية التي نشأت لاحقًا كديانة توحيدية متمركزة حول النص والشريعة. يعرض كيف تحولت التقاليد إلى شريعة، والنبي إلى مفسّر للنص.
🔸 الجزء الثاني: التقليد الكتابي
ينتقل من التاريخ الواقعي إلى نشوء النصوص المقدسة وكيف تم تدوينها وتحويلها إلى ذاكرة جمعية.
الفصل الأول: المقدمات
يقدم تصورًا عن ثقافة الكتّاب والمدارس الكتابية، ووسائل الكتابة والمواد (بردي، ألواح، رقوق). يشرح كيف تطورت من نصوص محلية إلى مشروع أدبي وطني.
الفصل الثاني: التحول إلى التقليد الكتابي
يحلل خمس تيارات رئيسية:
النبوءة: من التفاؤل إلى التحذير الأخلاقي (من الوعد إلى الوعيد).
السرد التاريخي: من “شعب دولة” إلى “شعب الله”؛ إعادة تأويل الفشل السياسي كابتلاء ديني.
القانون: من العدالة الاجتماعية إلى الشريعة الإلهية.
المزامير: من مديح الملك إلى مديح الله.
الحكمة: من تعليم دنيوي إلى تقوى دينية.
أي أن الأدب العبري حوّل التاريخ السياسي إلى لاهوت أخلاقي.
الفصل الثالث: أسفار الكتاب المقدس العبري
يقدم نظرة شاملة إلى أقسام الكتاب المقدس الثلاثة:
التوراة (الناموس)
الأنبياء (نبيئيم)
الكتابات (كتوبيم)
ويعرض كذلك الأبوكريفا والأسفار المنحولة كمؤشرات على استمرار الإنتاج الديني خارج “المدونة الرسمية”.
الفصل الرابع: التاريخ الأدبي
يربط المراحل التاريخية بالتطور الأدبي للنصوص:
من زمن المملكتين إلى السبي البابلي، ثم فترة ما بعد السبي التي شهدت تثبيت النصوص وتوحيد التقاليد.
يعرض أيضًا ظاهرة “التراث الموازي” مثل نصوص قمران والأسفار غير القانونية.
🔸 الجزء الثالث: الأرشيفات اليهودية
يتناول البعد المادي للنصوص والتقاليد اليهودية، أي أين وُجدت وكيف حُفظت النصوص.
الفصل الأول: أماكن الأدب
يعرّف مفهوم “الأرشيف” كمراكز للهوية والذاكرة في العالم اليهودي القديم.
الفصل الثاني: بين ألفنتين وقمران
دراسة مقارنة لمراكز إنتاج النصوص:
ألفنتين (مصر): جماعة يهودية ذات طابع مزيج بين المحلي والعبري.
أل-يَهودو (بابل): وثائق يهودية تدل على الاندماج في المنفى.
قمران: نصوص البحر الميت كمثال على التعدد العقائدي في اليهودية المتأخرة.
جرزيم والقدس والإسكندرية: مراكز فكرية ودينية شكلت طيفًا واسعًا من اليهودية قبل الميلاد.
الفصل الثالث: إسرائيل واليهودية
يختتم الكتاب بالتأكيد على أن الهوية اليهودية الكتابية هي نتاج تاريخي منقّح: تفاعل بين الواقع التاريخي والنصوص اللاحقة.
فـ”إسرائيل التاريخية” ككيان سياسي زالت، لكن “إسرائيل الكتابية” استمرت في الذاكرة عبر التقاليد والنصوص.
📝 الاستقبال النقدي
نال الكتاب تقديرًا كبيرًا في الأوساط الأكاديمية لتوازنه بين النقد التاريخي للنصوص التوراتية وبين التحليل الأدبي للنصوص الدينية.
اعتُبر من أبرز مساهمات “مدرسة غوتنغن” في إعادة قراءة العهد القديم علميًا، إلى جانب أعمال توماس رومر وإسرائيل فنكلشتاين.
لكن بعض النقاد المحافظين رأوا أنه يُقلل من القيمة التاريخية المباشرة للكتاب المقدس ويبالغ في الطابع الأدبي أو “الاختراعي” للهوية اليهودية.
🔍 المغزى الفكري
يقدّم كراتس رؤية جوهرها أن الكتاب المقدس ليس مرآة للتاريخ، بل صانع له.فالتاريخ المقدس وُلد من رحم الانهيار السياسي، ليمنح معنى دينيًا للمأساة.الهوية اليهودية، في نظره، ليست بقايا مملكة مفقودة، بل نتاج مشروع نصي طويل جمع الذاكرة والتقليد في بنية أدبية فريدة.
👤 نبذة عن المؤلف
راينهارد ج. كراتس (Reinhard Gregor Kratz) أستاذ الدراسات الكتابية والعبرية بجامعة غوتنغن الألمانية، وأحد أبرز ممثلي المدرسة التاريخية النقدية الألمانية في دراسة الكتاب المقدس.
تتركز أبحاثه على تاريخ النصوص العبرية، وتطور الديانة الإسرائيلية إلى اليهودية، والعلاقة بين التاريخ والنص.
من أعماله الأخرى: The Composition of the Narrative Books of the Old Testament وThe Prophets of Israel.
🔚 خلاصة نهائية
يُعيد كراتس في هذا الكتاب تأسيس العلاقة بين التاريخ، والذاكرة، والكتابة في التقليد اليهودي.
إسرائيل ككيان سياسي انتهت، لكن إسرائيل كفكرة ولاهوت نشأت بعدها بفضل الكتّاب الذين حوّلوا الهزيمة إلى سردية مقدسة.
وهكذا يصبح الكتاب مساهمة أساسية في فهم كيف وُلدت “إسرائيل الكتابية” من رماد “إسرائيل التاريخية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب