غزوة بني لحيان من خلال نور اليقين 33 – معمر حبار

غزوة بني لحيان من خلال نور اليقين 33 – معمر حبار
1 | 1
غزوة بني لحيان من خلال نور اليقين 33 – معمر حبار
قال الكاتب: "بنو لحيان هم الذين قتلوا عاصم بن ثابت وإخوانه، ولم يزل رسول الله
حزينا عليهم متشوقا للقصاص من عدوهم. فأمر أصحابه ولم يظهر لهم مقصده.
لتعمى الاخبار عن الأعداء وولى على المدينة ابن أم مكتوم وسار في مائتي راكب
معهم عشرون فرسا" 176-177
دولة القصاص:
أقول: تقوم الدول، والمجتمعات على القصاص من المجرمين الذين قتلوا أبناءها،
ورموزها. ودون رحمة، ولا تراجع. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. باعتباره
-في هذه الحالة- رئيس الدولة، والقائد الأعلى للجيش. لم يتأخّر في القصاص من
الأعداء الذين قتلوا سيّدنا عاصم بن ثابت، وأسيادنا الذين كانوا معه. لأنّ القصاص
ركن من أركان الدين. وقوام أمن، واستقرار المجتمع.
خطّة حربية محكمة:
لم يخبر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. بوجهته. والسّؤال لماذا؟ والإجابة –في
تقديري-:
القصاص من العدو يتطلّب: السّرعة، والمباغتة، والضرب بقوّة، والكتمان.
واضح جدّا أنّ هناك تحالفا فيما بين قريش، ويهود المدينة. بالإضافة إلى المنافقين.
بشأن تعاطفهم مع الأعداء الذين قتلوا سيّدنا عاصم بن ثابت، وأسيادنا الذين كانوا معه.
فوجب عدم الإعلان عن المسير. حتّى يأمن صلى الله عليه وسلّم. مكرهم، وألاّ يفسدوا
عليه خطّته المحكمة المتمثّلة في القصاص من الأعداء.
وهي سنّة نبوية في عدم البوح بما يقدم عليه الفرد، والمجتمع، والدولة، والقائد. حين
يتطلّب الأمر ذلك. خاصّة إذا تعلّق بعدو يغدر بالرّجال، ولا عهد له ولا ذمّة.
عدم الإعلان عن وجهة الجيش: هي خطّة حربية تطبّق أثناء الحروب. وهي أيضا
خطّة اقتصادية، وسياسية، وعلمية. وفي كلّ قول، أو فعل يتطلّب السّرّ وعدم الإعلان.
سيّدنا ابن أم مكتوم نائب الرّئيس:
من عجائب هذه الغزوة أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. الذي أعمى عن
أصحابه رضوان الله عليهم وجهته. هو نفسه صلى الله عليه وسلّم. الذي ترك رجلا
أعمى هو سيّدنا ابن أم مكتوم رضوان الله عليه. نائبا عنه صلى الله عليه وسلّم. ما يدلّ
-في تقديري- أنّ فقد البصر ليس من العوائق التي تقف أمام من ينوب عن القائد.
والعبرة في الأداء، والأمانة، والصّدق، والقيادة الفاعلة.
لا يفهم من هذا أنّنا ندعو إلى إزاحة الأصحاء من حيث تمام العقل، وكمال الجسد.
واستبدالهم بمن دونهم. فإنّ هذا لم يقل به أحد. وكلّ معرّض للإعاقة قبل أداء
المسؤولية، أو أثنائها، أو بعد الانتهاء من أدائها. ولا يعيب السّليم على من فقد عضوا.
وما يمكنه استخلاصه، أنّ: المجتمع يبنيه أبناؤه أوّلا. وسواء كان سليما، أو معاقا.
وكلّ يحاسب، ويجازى بقدر ما قدّم أو أخطأ.
وفاء القائد لأصحابه، وفضل الدعاء:
قال الكاتب: "ولم يزل سائرا حتى مقتل أصحاب الرجيع فترحم عليهم ودعا لهم".
177
غزوة بني لحيان من خلال نور اليقين 33 – معمر حبار
2 | 1
أقول: تكمن عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. في كونه رغم الحرب،
والعدو يتربّص به، والسّعي للقصاص من القتلة الذين غدروا بأصحابه رضوان الله
عليهم. ظلّ يترحم عليهم، ويدعو لهم. لأنّ الدعاء من عناصر الانتصار. ومن الرّكائز
التي يعتمد عليها الجيش، والأمّة. ومن ظنّ أنّ السّيف الذي بين يديه يغنيه عن الدعاء
لله تعالى. فقد باء بالخسارة، والذّل، والإهانة. ولو ملك أعظم الجيوش، وأقوى
الأسلحة.
الجمعة 25 ربيع الثّاني 1447هـ، الموافق لـ 17 أكتوبر2025
الشرفة – الشلف – الجزائر