مقالات

أخطر أسلحة القرن الحادي والعشرين هو الإعلام المرئي بقلم فؤاد الحاج -استراليا –

بقلم فؤاد الحاج -استراليا -

أخطر أسلحة القرن الحادي والعشرين هو الإعلام المرئي
بقلم فؤاد الحاج -استراليا –
من المعلوم أن سلاح الإعلام هو أخطر الأسلحة التي تواجه البشرية منذ الحرب العالمية الأولى وصولاً إلى يومنا هذا، خاصة بعد التطور العلمي والتكنولوجي في مجالات الاتصال السريع والتحول الكبير في عصر الانترنيت.
لذلك نجد أن الصحافة بشكل عام هي نور، ونار في آن معاً، نور لتحرير العباد وترقيتهم فكرياً وسياسياً، ليس من أجل تحرير البلاد من الاستعمار والاحتلال فقط، بل ومن أجل توعية المواطن في كافة المجالات العلمية، والثقافية، والسياسية، والاجتماعية، ونار تحرق الحقيقة فتحوّلها إلى رماد، عبر نشر وبث الأكاذيب والخداع في السياسة والاقتصاد والاجتماع.
إن أخطر أسلحة القرن الحادي والعشرين هو الإعلام المرئي، الذي يملأ عقول المشاهدين بالأكاذيب والخداع، فكما أن أخطر ما في الصحافة هو سلاح الكلمة، لأنها ذات وجهين، وتوزن بمكيالين، فالإعلام بشكل عام يُعتبر من أهم المواضيع وأكثرها مواجهة في أي من ظروف السلم أو الحرب، ففيه تتم عملية الهدم والبناء معاً، بما يستطيع أن يعكسه وبشكل مباشر على المتلقي نفسياً، بغرض تعبئة المجتمع المحلي والرأي العام العالمي، الذي يتأثر خلالها بما تقدمه وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة، كالصحافة والإذاعة والسينما والمسرح والندوات الجماهيرية المباشرة، وأهمها منذ الثلث الأخير من القرن الماضي التلفزيون.
واليوم في عصر التطور التكنولوجي، وانتشار الفضائيات، وشبكة الاتصالات العالمية (الانترنيت)، بدأ تأثير الإعلام يأخذ أبعاداً أخرى، تفرضها متطلبات المرحلة المتقدمة في عصر المعلوماتية، والسرعة الإلكترونية، خاصة بعد العام 1993 حيث شهد الوطن العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، ولادة عشرات الفضائيات العربية التابعة للأنظمة، أو لبعض الشخصيات النافذة من أصحاب الأموال والمصالح الاقتصادية، المرتبطة اقتصادياً بالغرب، وبمصالح أعداء الإنسانية بشكل عام.
ولعل تاريخ انطلاق تلك الفضائيات الناطقة بالعربية، وبكل المجالات الفنية والتاريخية والسياسية والدينية وغيرها، وما جرى من تحولات سياسية منذ عام 1991 في مواقف الأنظمة العربية من قضية فلسطين، دليل في حد ذاته على أهمية التأثير الإعلامي الجديد، الذي سيطر ولو بنسب مختلفة على العقول، من خلال غسل أدمغة الشعوب وترويضها للقبول بالأمر الواقع، مع التأكيد على أن كل تلك الفضائيات تابعة أو أسيرة لسيطرة دول الغرب عموماً، لأنها تملك كل التقنيات المسيطرة على الأقمار الصناعية التي يتم منها البث الفضائي لتلك القنوات الفضائية، بحيث يمكن للغرب أن يحجب ما لا يريد أن يصل إلى الرأي العام العالمي بشكل عام، وخاصة للعرب في بلاد المهاجر (على الرغم من تمرير بعض الأخبار المصورة)، التي يستغلها الإعلام الغربي بشكل عام في عملياته الإعلامية المضادة، وفي الوقت نفسه بسبب ارتباط تلك الفضائيات بطريقة مباشرة بهذا أو ذاك النظام العربي، وسياسته القطرية والمرحلية، الذي يعتبر بطريقة أو بأخرى امتداداً للإعلام المعادي للأمة العربية، على الرغم من بث وعرض بعض البرامج المقنعة لفظياً بعبارات ثورية أو وطنية، لأن المنطلقات القطرية الانهزامية، كانت ولا زالت تصب بشكل مباشر في خدمة مصلحة المخططات المعادية للوحدة العربية، وللاتجاه القومي.
كما يعتبر الإعلام الانعكاس الحي للواقع الاجتماعي والسياسي لأي نظام أو تنظيم في العالم، الذي من خلاله تُطرح الأيديولوجيات المختلفة بطريقة مباشرة من خلال المطبوعات أو من خلال ما تقدمه الأنظمة من برامج تلفزيونية. وعلى هذا الأساس فإن كل نظام مهما كان شكل فلسفته الاجتماعية، رأسمالياً أو اشتراكياً أو ليبرالياً، يفرض على وسائل الإعلام استخدام الحالة السياسية المرحلية، التي يستطيع من خلالها النظام، أو الحزب، أو المجموعة، التعبير عن الأفكار والفلسفة التي يؤمن بها، وإيصالها، والتأثير بها على المجتمع وعلى الرأي العام.
ولا بد هنا من الإشارة والتأكيد على أنه لا يجوز الفصل بين السياسي والاقتصادي، والاجتماعي والثقافي، رغم الاختلاف الظاهر بين هذه الصيغ، لأنها عرضة لأهداف سياسية يتلاعب بها الإعلام الموجه، من أجل تعبئة الرأي العام بأساليب مختلفة.
وإن ما نراه اليوم من تجرؤ بعض الحكام العرب الذين سبق أن تقنعوا بالتقدمية، على طرح شعارات استسلامية، وصلت إلى حد الاعتراف بأعداء الأمة والاستعداد للصلح معهم، ليس سوى نتيجة لمقدمات إعلامية طويلة، من أجل ترويض الجماهير، وتغيير مفاهيمها، بدأت مع انتقال المخطط الإمبريالي من مرحلة الدفاع أمام المد القومي العربي منذ خمسينات القرن الماضي، مروراً بانفصال الوحدة السورية-المصرية سنة 1961، وما تلا ذلك من إحباط جماهيري لعب الدور الأساسي فيه الإعلام القطري حتى الخامس من حزيران/يونيو 1967 وذيوله التي امتدت إلى حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، وصولاً إلى مرحلة الهجوم الأطلسي الأمريكي – العربي الرسمي المباشر، المكثف للتأثير على الجماهير، والذي بدأ عملياً منذ منتصف آب/أغسطس 1990 بإصدار القرارات الجائرة في هيئة الأمم المتحدة ومجلسها الأمني ضد العراق، وبذلك تم إضافة حالة جديدة من الانشقاق في صفوف تلك الجماهير المتشرذمة أصلاً، خاصة بين المثقفين والإعلاميين، نتج عنها العدوان الثلاثيني بتاريخ 17/1/1991 ضد ذلك البلد العربي. وكان الدور البارز والهام في تلك الحرب العدوانية لوسائل الإعلام الفضائية، وأهمها (سي. أن. أن.) الأمريكية، التي استخدمت التكنولوجيا الحديثة لنقل الأكاذيب المصورة والصوتية إلى أرجاء العالم، تبعها في ذلك فضائيات ناطقة بالعربية، أدت إلى الحالة الراهنة التي تمر بها الأمة من تفتيت وعدم مبالاة لدى الأغلبية من أبناء الأمة الذين أصبحوا يشاهدون القتل والذبح والدماء وكأنها فيلم سينمائي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب