مقالات

الكتابة فى زمن الحرب بقلم البخيت النعيم -السودان

بقلم البخيت النعيم -السودان

الكتابة فى زمن الحرب
البخيت النعيم
مدخل:
في مقالي بعنوان: “قراءة في دفتر الوطن، فهلا فزعناه، من لصوص الحروب”، والذي وجد تعليقات كثيرة، منها تعليق الخبير الدولي والاقتصادي المشهور الدكتور آدم بريمة حريكة، حيث كتب معلقاً:(نهنئكم على الكتابة القيمة في زمن أزيز الرصاص وقال أنكم تضحون من أجل الوطن ،من أجل توصيل الرسالة والحقيقة، حان الوقت لإنهاء حكم العسكر وتحقيق شعار الثورة (حرية سلام وعدالة ).
كما كتب الأديب والشاعر بابكر الوسيلة:
“يا كتاب السودان، يا طلائع أنواره،أكتبوا الآن، وأكتبوا وأكتبوا، إنها لحظة الكتابة لحظة موجة الموت الجماعي الغفير، هي لحظة النجاة إلى الداخل بأمان، التأمل واسترداد قيمة المكان. أكتبوا بأرواحكم وأظافركم، بألسنتكم الخشنة، أكتبوا بإرادة حرة وقلم شريف.
فإن لم تكتبوا الآن والآن فقط لاغير فما يضر الحياة بعد ذبحها؟!.
أكتبوا ضد الخيانة ولهذا التراب المقدس قولوا لا للحرب بصوت مجلجل”.
كما علق المهندس أحمد سليمان قور المقيم في فرنسا ماكتبته عن قراءة في دفتر الوطن هو ورقة شاملة ودقيقة، وقد عرفناك تاريخيا، من الكتاب والصحفيين الذين يلتزمون المهنية والمصداقية.
وعلق صديقي السياسي، كمال بولاد وقال إن كتاباتك في زمن الحرب تُبنى على معلومات مهمة وتعبِّر عن مطلوبات المرحلة، أكتب يا صديقي هذه الأيام الجميع يبحث عن الكلام الصادق والتحليل العلمي عن ما يدور في البلاد من ضحايا ومآسي الحرب.
كتب البروفسيور أبو القاسم قور الكاتب والناقد الدرامي، معلقا ً على مقالي، عن الشهيدة شادن
(وداعاً الحكامة الملهمة، قيثارة التراث السوداني)، كتب: “شكراً الأستاذ البخيت على هذا المقال ،الفخيم، وتساءل: “هل يموت مشروع شادن بقتلها، لا، الفكرة قد تبدو بسيطة لكنها عميقة ،وهي كيف تسهم الموسيقى والفنون الاستعراضية في تجسير الوعى بالقضايا الحيوية لبناء الدولة المدنية”.
في زمن الحرب يبحث الكاتب عن المعلومة عن المصادر والمراجع، اتصلت بالسياسي المخضرم الأستاذ عثمان إدريس أبو راس فوجدت منزله بالمهندسين محاصراً بالرصاص والقاذفات، قال لي مرحباً يا عمدة، قلت له عفواً وضعك لايسمح، قال: تحدث! قلت له: أبحث عن مقولة للمفكر بدر الدين مدثر ،عن مخاطر الإسلام السياسي على البلاد، وقد قال لي المقولة كاملة، ومعروف أن أبو راس هو من المراجع السياسية، فله ذاكرة قوية ويهتم بالتوثيق،كما قالت لي الصحافية الرمز آمال عباس .
عملت بصحيفة الخرطوم، سبع سنوات، ككاتب راتب، تحت رئاسة تحرير الصحافي، والأديب فضل الله محمد، من ضمن ما كتبت، مقالان، رثيت فيهما الأديب الطيب صالح وفنان أفريقيا محمد وردي. ناداني رئيس التحرير في مكتبه الأنيق، مبتسماً، فقال لي كتاباتك تتميز بمفردة وحفريات في التراث السوداني، أنت مشروع أديب.
يقول الأديب الروائي نجيب محفوظ عن فن الكتابة، إن الكاتب كائن اجتماعي لايستقيم أمره إلا إذا اشتدت الصلة بينه وبين الناس وكان صدى لحياتهم وكانوا صدى لكتاباته، فهو أجدر الناس أن يكون ذلك الحيوان الاجتماعي السياسي الذي تحدث عنه أرسطو.
ويقول الإمام علي بن أبى طالب: (عقل الكاتب في قلمه).
كما تحدث الفيلسوف غرامشي حول معنى المثقف العضوي وهو الذي يمشي بين الناس ويتبنى قضاياهم.
أصدقاء ومعارف كثيرون، قالوا إن الكتابة في زمن الحرب والاستبداد خطرة على الكتاب والصحفيين في ظل سيطرة سلطة قوة الأمر الواقع التي لا تعرف المعقول واللا معقول، والتي تختبئ تحت مقولة “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”. لذلك في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ شعبنا تم استهداف الكتاب والصحفيين وأهل الرأي من السياسيين وقبيلة الفنون والآداب لأنهم يقاومون الاستبداد والفكر الظلامي الرجعي. ويطالبون بالدولة المدنية والديمقراطية.
وأقول للأصدقاء إن الكتابة في زمن الحرب هي أقوى من الرصاصة وأزيز الطائرات الحربية التي تدمر الحياة. الكتابة هي التوثيق لكل مفردات الحرب الكارثة، كشف الحقائق والدفاع عن الحقوق المدنية، والحريات.
التوثيق للشهداء والجرحى والمشردين والنازحين وكل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان.
الكتابة في زمن الحرب تعني رصد وفضح التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة والصناعات وللأسواق ولشركات الأدوية والصيدليات والمواد الغذائية وفضح الأيادي الداخلية والخارجية التي صنعت سيناريوهات الحرب الكارثة، حرب المدن.
الكتابة فى زمن الحرب تعني العمل من أجل وقف الحرب و التبشير بالأمل وحتمية الإنتصار، وسوف تعود الحياة و ليالي أمدر والخرطوم، فالحرب استثناء والسلام حقيقة.
حرب المدن المدمرة:
الحرب التي تدور في العاصمة السودانية ومدنها (الخرطوم ، أمدرمان، والخرطوم بحري) هي حرب غير مسبوقة تاريخيا، حيث توصف أنواع الحروب والمعارك داخل المدن والأحياء والأزقة والمباني والمؤسسات الحكومية والاستثمارية، توصف وتتميز هذه الحرب بصعوبتها وهي أكثر الحروب تعقيدا لذلك تتطلب تدريباً وخبرة.
ولحرب المدن أسرارها وخفاياها وقياداتها الميدانية والعسكرية والسياسية والإعلامية، لأنها تعتمد على السرعة والحركة والاختفاء.
هنالك أمثلة عديدة لحرب المدن: كمعركة الفلوجة وبغداد في العراق التي تكبد فيها الجيش الأمريكي خسائر فادحة مما جعله يستخدم كل أنواع الأسلحة المحظورة دوليا.
أيضاً حرب مدينة كابول عام ١٩٧٩م ومدينة ستالنغراد عام ١٩٤١_١٩٤٢م، والتي واجه فيها الجيش الألماني هزيمة قاسية من المقاتلين الروس.
وأيضاً المعارك التي تدور في أوكرانيا كمعارك مدينة ماريوبول وخاركيف وباخمود وغيرها.
إن المعارك القتالية التي تدور في العاصمة السودانية بين الجيش والدعم السريع، والتي بدأت منذ 15/أبريل 2023م والتي لا زالت مستمرة قد دمرت العاصمة السودانية، دمرت معالم حضارية وثقافية وبنيتها التحتية وأغلب المناطق الصناعية والمؤسسات الحكومية وأغلب أسواق العاصمة التاريخية أم درمان وسوق ليبيا والسوق الأفرنجي والعربي وسعد قشرة وسوق بحري والمولات التجارية، فهلا اجتهدنا كشعب وقوي سياسية ومهنية واجتماعية واقتصادية ومؤسسات إقليمية دولية من أجل وقف هذه الحرب الكارثة والتي أثرت تداعياتها على المحيط الإقليمي والدول!
الكتابة في زمن الحرب والنضال:
لحظات الكتابة، هي مساحة فضاء يحاصرك مفرداته ومخيلة تسمو فوق جراحات الواقع لشوف بعيد وعزف متفرد، وهي أيضاً لحظات صلة بالواقع.
الكتابة هي مسؤولية وأمانة، هي قراءة لنبض الشارع. الكتابة هي الانفعال الذي يختلج في العقل والعاطفة هي الإحساس بقلق وهموم الناس، وهي قراءة لاتجاه الرأي العام، الذي يطالب بوقف الحرب فوراً واللجوء لصوت العقل والحكمة والحوار والتفاوض والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع، هذه الحرب فاقمت الكارثة الإنسانية ودمرت الحياة المدنية، واستهدفت الأسر وعرضت صحة الجميع للخطر. حصاد خسارات الحرب (١٨٠٠شهيد فى العاصمة ومدن إقليمَي دارفور وكردفان، ومليون نازح ولاجئ،و مئات الآلاف فقدوا مصادر رزقهم، عشرون ألف مجرم هربوا من السجون).
فمهما تصاعدت الحرب فلا غالب ولا مغلوب لأن طرفي الصراع هما أبناء شعبنا والخاسر هو الوطن؛ فهلا فزعناه وأوقفنا لعلعة الرصاص وأزيز المدافع و الطائرات الحربية فوق سماء بلادي.
يجب أن يقف كل السودانيين والسودانيات صفا واحداً في جبهة مدنية عريضة من أجل وقف الحرب ووقف قصص التراجيديا.
كتب الشاعر/ بابكر الوسيلة:
“يا سودان
“علَّمني ترابُك
صفحةً من نيل وجهك والرمال..
فلماذا كل ما ارتفع العنان..
يحرقون قرى القصيدة،
والزهور علي التلال؟!
ولماذا يشنقون مدي الجمال
كلما استجلى الزمان
والمكانة للخيال؟!
ولماذا يقطعون سبيطةً وبسيطةً للحلم
قبل الاكتمال؟!
صحيفة الهدف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب