ثقافة وفنون

الحياة مثل أغنية: ألبوم جديد لكيني روجرز بعد وفاته

الحياة مثل أغنية: ألبوم جديد لكيني روجرز بعد وفاته

مروة صلاح متولي

بعد مرور ثلاث سنوات على وفاته، صدر مؤخراً ألبوم جديد، للمغني الأمريكي الراحل كيني روجرز، بعنوان «الحياة مثل أغنية» Life Is Like a Song. يحتوي على ثماني أغنيات جديدة، كان قد أعدها وسجلها بصوته، لكنها لم تصدر في حياته، ولم يسمعها الجمهور من قبل. وكذلك يحتوي الألبوم، على أربع أغنيات قديمة، تتنوع بين أغانيه المعروفة، وأغنيات لنجوم آخرين أعاد غنائها بصوته. وإصدار ألبومات بعد وفاة المطربين، يعد تقليداً شائعاً في الغرب إلى حد ما، أو على الأقل، ظاهرة تحدث من حين إلى آخر، إذ يقوم الورثة من الأزواج والأبناء، أو من يملكون الحقوق الفنية، أياً كانت صلة قرابتهم بالمغني الراحل، بجمع النادر والمجهول مما تركه الفنان، والمشاريع التي كان يعمل عليها أثناء حياته، ولم يمهله القدر أن يصدرها، وبالتالي لم تحصل هذه المشاريع، على فرصتها في الظهور. وكذلك الأعمال التي كان يؤجل ظهورها إلى حين، يقوم الورثة بجمع كل ذلك، والاختيار من بينه بطبيعة الحال، من حيث الأكثر ملاءمة، والاكتمال الفني الذي يؤهله، لأن يتم تقديمه إلى الجمهور. وهنا في هذه الحالة، يكون دور المغني قد انتهى، ولا يستطيع أن يبدي رأيه، في الشكل الذي ظهر عليه الألبوم، وهل كان يحب ظهور هذه الأغنيات، في هذا التوقيت أم لا. وتكون عملية الإعداد النهائي للألبوم وإصداره، في يد آخرين، يقومون بتعديل وإضافة اللمسات التقنية، والتوزيع والدعاية وكل ما هنالك من أمور أخرى، ويكون النجم هو الغائب الوحيد في هذه العملية، ويتخذ حضوره شكلاً آخر مغايراً. وتعد هذه الألبومات التي تصدر بعد الوفاة، امتداداً لمسيرة المغني الفنية، ونوعاً من التغلب على مشاعر الفقد، لدى أهله ومحبيه وجمهوره، كما لو أنه لا يزال موجوداً، لا من خلال أعماله القديمة وحسب، بل من خلال الجديد غير المسموع مسبقاً أيضاً.

نجم موسيقى الكانتري

يعد كيني روجرز، الذي عاش في الفترة من سنة 1938، إلى سنة 2020، من ألمع نجوم موسيقى الكانتري، في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. كان مولده ونشأته في ولاية تكساس، وتحديداً في مدينة هيوستن. وسط سبعة من الأشقاء، تربى وكبر كيني روجرز، مع أب مدمن على الكحول، لا يعمل معظم الوقت، وإن حصل على عمل، فإنه لا يستمر فيه طويلاً، بسبب إدمانه وعدم التزامه، وفقدانه للجدية المطلوبة. وعلى العكس تماماً من ذلك الأب، كانت الأم التي حصلت على قدر قليل من التعليم، ومع ذلك كان كيني روجرز، يذكر حكمتها وقوتها وشجاعتها، ومدى تأثيرها في شخصيته، حتى آخر فترات حياته، وفي أكثر من حوار تلفزيوني. كانت أمه تعمل في ثلاث مهن مختلفة، في الوقت نفسه أحياناً، وتنفق على الأسرة، وترعى الأطفال من جميع النواحي، النفسية والتعليمية والدينية، ويقول إنه على الرغم من فقر الأسرة، في ذلك الزمن، إلا أن الحياة كانت سعيدة، ومقبولة في حدها الأدنى، حتى الأب كان لطيفاً محباً للمزاح، ولم يمارس أي نوع من أنواع العنف، تجاه الزوجة أو الأبناء. ويذكر أنهم كانوا يعيشون في مساكن جماعية، مخصصة للفقراء، والغريب أنه شهد في طفولته، داخل هذه المساكن، نموذجاً قبيحاً من نماذج التمييز العنصري، بين أصحاب البشرة البيضاء، والأمريكيين من أصل إفريقي، حيث كانت توضع حواجز حديدية، للفصل بينهما، وكان يتساءل في طفولته، لماذا يجب أن يبقى بعيداً، عن هؤلاء الأطفال، المختلفين عنه في لون البشرة.

لم يبدأ كيني روجرز مسيرته الفنية منفرداً، وإنما بدأ كعازف غيتار في إحدى الفرق الموسيقية، وانتقل منذ ستينيات القرن الماضي، بين أكثر من فرقة مختلفة، كعازف ثم كعضو من المغنين، ثم كمغنٍ رئيسي. إلى أن قرر في منتصف السبعينيات، أن ينطلق باسمه الخاص، وأن يصنع نجوميته، ويخلق شخصيته الموسيقية، في الإطار المفضل لديه، وهو إطار موسيقى الكانتري بشكل أساسي، مع وجود للبوب والروك، من حين إلى آخر، وتداخلهما مع الكانتري. والمعروف أن موسيقى الكانتري، لون من الغناء، يعتمد على الحكي في كثير من الأحيان، وسرد قصة ذات مغزى، حياتي أو اجتماعي أو عاطفي، ويتخذ الغناء نفسه شكل وأسلوب الحكي، ويتميز المطرب بقدر تمكنه من الحكي بالغناء. وتعتمد موسيقى الكانتري، على الغيتار بشكل أساسي، الذي يقوم المطرب بالعزف عليه مع الغناء، وللكانتري غيتاره الخاص، أو أنواع متعددة من الغيتار، بالإضافة إلى بعض الآلات الموسيقية الأخرى، التقليدية تماماً والمنحدرة من بيئتها. فالكانتري من الفنون التقليدية، في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو فن آتٍ من الريف، حيث الجبال والمساحات الخضراء الشاسعة، والمزارع الضخمة، والمزارعين ورعاة البقر. ويحرص مطربو الكانتري، سواء من الرجال أو النساء، على إظهار هذه الهوية على خشبة المسرح، وفي مظهرهم عموماً، وصورهم الفوتوغرافية، وإطلالاتهم التلفزيونية، وذلك من خلال ارتدائهم لملابس هذه المناطق، بألوانها وتصميماتها المميزة، وكذلك الأحذية والقبعات، والأكسسوارات المختلفة. ولم تقتصر مسيرة كيني روجرز الفنية، على الغناء فقط، فقد شارك في بعض الأفلام السينمائية، والكثير من المسلسلات التلفزيونية، والحلقات التمثيلية والبرامج. هو من نجوم الكانتري إذن، ويمتلك صوتاً جميلاً، رغم أنه أجش إلى حد ما، ومجروح في بعض نبراته، لكن هذا الأمر هو ما يميزه. وكان يستطيع أن يوظف هذه الخاصية، في علو الصوت وارتفاعه، وفي ضعفه وقوته، بل كان يستطيع أن يحوله، إلى رومانسية دافئة، لذلك يعد من المطربين الرومانسيين أيضاً، ولا شك في أن أغنية Lady هي من أشهر أغنياته الرومانسية.

من الأغنيات القديمة في هذا الألبوم، أغنية «أخبرني أنك تحبني» التي يعود تاريخ صدورها إلى سنة 2009، وهي دويتو مع دوللي بارتون، نجمة موسيقى الكانتري الأمريكية، والصديقة المقربة من كيني روجرز، إذ جمعتهما منذ أن التقيا في الثمانينيات، صداقة عميقة نادراً ما تتحقق، وتستمر على هذا النحو. وكانت صداقتهما ناجحة، على المستوى الفني والإنساني، وقدما معاً الكثير من الأغنيات، والحفلات المشتركة.

أغنيات قديمة وجديدة

من الأغنيات القديمة في هذا الألبوم، أغنية «أخبرني أنك تحبني» التي يعود تاريخ صدورها إلى سنة 2009، وهي دويتو مع دوللي بارتون، نجمة موسيقى الكانتري الأمريكية، والصديقة المقربة من كيني روجرز، إذ جمعتهما منذ أن التقيا في الثمانينيات، صداقة عميقة نادراً ما تتحقق، وتستمر على هذا النحو. وكانت صداقتهما ناجحة، على المستوى الفني والإنساني، وقدما معاً الكثير من الأغنيات، والحفلات المشتركة. «أخبرني أنك تحبني» أغنية حب جميلة وبسيطة، فيها يطلب العاشق من حبيبه، إظهار المزيد من الحب والاحتياج. وهي ذات إيقاع سريع، ويميزها هذا التناغم الشديد، بين صوت دوللي بارتون، وصوت كيني روجرز. وأغنية «هل تأخرت كثيراً» من الأغنيات القديمة أيضاً، التي صدرت سنة 1977، ونسمعها في هذا الألبوم الجديد، مع مشاركة المغنية كيم كيز، وهي من الأغنيات العاطفية الهادئة، تدور على هيئة حوار بين العاشقين، والتساؤل إذا ما كان الوقت قد تأخر، وفاتت الفرصة. ومن أغاني الآخرين القديمة، والتي أعاد كيني روجرز غناءها، أغنية «رائعة الليلة» التي صدرت سنة 1977، وهي في الأصل، أغنية نجم الروك الإنكليزي، إريك كلابتون، وهي بالطبع تلائم صوت كيني روجرز كثيراً، لأنها أغنية رومانسية، تأتي كلماتها على لسان عاشق، يتغزل في حبيبته، وجمالها وأناقتها، أثناء استعدادها للخروج، والسهر معه في إحدى الحفلات. أما أغنية «وداعاً» فهي من أغنيات، ليونيل ريتشي الأصلية، قام بكتابة كلماتها وتلحينها، وغناها هو أولاً سنة 2002، ثم غناها كيني روجرز بصوته، سنة 2009، وكان لها حظ الوجود في هذا الألبوم الجديد أيضاً، والمعروف أن ليونيل رتشي، قد كتب أكثر من أغنية لكيني روجرز. أغنية «وداعاً» كما يبدو من عنوانها، أغنية عن الفراق بين المحبين، الذي يكون عصيباً، وغير سهل أو متوقع، بعد كل ما جمعهما من حب، وأوقات سعيدة.
أما الأغنيات الجديدة، التي تُسمع لأول مرة من خلال هذا الألبوم، فهي كثيرة ومتنوعة، ومنها أغنية «الحب دواء» التي يبدأ بها الألبوم، بداية حيوية بإيقاعات الكانتري السريعة، التي تحرك الأقدام، وتوجد هذه الحيوية، في صوت كيني روجرز أيضاً، إذ يقوم بتقطيع الغناء بشكل إيقاعي. وتتحدث الأغنية عن الحب، الذي هو دواء، لا يمكن إنكاره أو تجاهله، رغم أنه سيف ذو حدين، كالزهرة والأشواك، والسعادة والألم. وأغنية «أتمنى أن تمطر» التي تدور حول عاشق، يجلس وحيداً في غرفته، يبكي على حب فقده، والأغنية هادئة أو متوسطة الإيقاع وذات لحن جميل. وأغنية «إلى الحب مباشرة» من أغنيات الحب أيضاً، وهي دويتو مع المغنية جيمي أونيل، حيث الغوص في درجة عميقة، من درجات الغرام، والغرق في جنونه، والرغبة في المزيد. وعن حب آخر، تأتي أغنية Catchin’ Grasshoppers، التي يغنيها كيني روجرز، لولديه التوأمان جاستين وجوردان، وهما ابناه من آخر زوجاته واندا، ورحل عنهما وهما لا يزالان في سن المراهقة، لكن الأغنية تتحدث عن زمن طفولتهما، وذكرياته معهما حين كانا صغيرين، يرغبان في أن يشاركهما اللعب والمرح، ورغم انشغاله كان يترك كل شيء، ليعيش معهما هذه اللحظات الثمينة. هذا بالإضافة إلى بعض الأغنيات الأخرى، مثل أغنية «أخيراً» وأغنية «قل مرحبا للنعيم» وأغنية «هذا هو الحب بالنسبة لي». أما أغنية « سوف أنتظرك» فهي من الأغنيات المميزة، في هذا الألبوم، وإن لم تقدم جديداً على مستوى الكلمات، لكن تركيبها الموسيقي لافت للغاية، وهي أغنية طويلة، تمتد لخمس دقائق تقريباً، ولها مقدمة موسيقية تمتد لأكثر من دقيقة، تعتمد الموسيقى على الغيتار، بشكل أساسي، سواء في انفراده، أو مشاركته للوتريات، أو بروزه في الخلفية، وتردد صوته مع صوت كيني روجرز، أثناء الغناء.

‏كاتبة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب