مقالات

التطبيع مع الاحتلال مساس بالسيادة والامن القومي. بقلم المهندس: محمود الصيفي* –

التطبيع مع الاحتلال مساس بالسيادة والامن القومي

بقلم المهندس: محمود الصيفي* –

ان المتتبع لتاريخ الصهيونية العالمية منذ عقد المؤتمر الصهيوني الاول في مدينة بال السويسرية عام 1897 برئاسة تيودور هرتزل وانبثاقها عنه والتي كان لها الدور الكبير في اقامة دولة الاحتلال على ارض فلسطين بدأت بنسج علاقات مع الحركات والاحزاب العالمية ومن خلالها مع الحكومات بغية الوصول الى اهدافها في اقامة وطن قومي لليهود على ارض فلسطين، وهذا ما حققته لاحقا من خلال تنظيم موجات المهاجرين الى فلسطين بمساعدة ودعم تلك الدول وخاصة بريطانيا المنتدبة على فلسطين وبعد اقامة دولة الاحتلال على ارض فلسطين عام 1948 خططت الصهيونية العالمية لحمايتها من محيطها العربي والاسلامي وساعدها في ذلك وقوع البلاد العربية تحت الاستعمار الغربي الامر الذي هيأ لها اقامة العلاقات مع الانظمة العربية والتي بدورها سهلت عمليات هجرة اليهود العرب الى فلسطين .

وبعد حرب 1967 والتي ادت الى احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة واراضي عربية اخرى من قبل الكيان الصهيوني استمرت الحركة الصهيونية في سعيها لحماية مولودها المسخ الكيان الصهيوني حيث امتدت يدها هذة المرة الى اكبر دولة عربية وهي جمهورية مصر العربية لتحييدها عن الدفاع عن القضية الفلسطينية وخاصة الجيش المصري ومع عقد اتفايات كامب ديفيد عام 1977 اصبحت مصر خارج جبهة المقاومة ضد الاحتلال.

لم تكتفي الحركة الصهيونية بتحييد جمهورية مصر العربية بل نسجت علاقات سرية مع الكثير من الانظمة العربية الامر الذي ادى الى محاصرة الثورة الفلسطينية جغرافيا وماليا واجبارها الى الدخول في تطبيع جديد مع الكيان الصهيوني وايهامها باقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967 فيما عرف باتفاق اوسلو ومع اوسلو ووادي عربه مع الاردن ومحاصرة العراق واحتلاله لاحقا حيث ارادت الصهيونية ازالة اخر عقبة تعترض طريقها نحو استباحة البلاد العربية وفرض سيطرتها عليها في جميع النواحي فحرضت جميع قوى الشر والمعادية لامتنا العربية لاحتلال العراق والقضاء على النظام الوطني فيه وتم ذلك في عام 2003 حيث هاجمت الولايات المتحدة الامريكية العراق الشقيق في حرب عدوانية مع اكثر من 80 دولة تدور في فلك الصهيونية العالمية مستعينة ايضا بالنظام الايراني الحاقد مما ادى الى احتلال العراق بالكامل، وبذلك فقدت فلسطين والامة العربية السند والمعين، واصبحت الانظمة العربية بل البلاد العربية رهينة في يد الصهيونية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لا حول لها ولا قوة، وذهبت الصهيونية العالمية الى ابعد من ذلك للوصول لما نحن فيه اليوم حيث خططت لما سمي بالربيع العربي الذي ادى الى انهيار الانظمة العربية وظهور حكام جدد من صنيعتها، ومع هذا الوضع المؤلم الذي تعيشه الامة العربية واصلت الصهيونية العالمية في تنفيذ مخططها لإكمال السيطرة الكاملة على البلاد العربية من خلال ما سمي بإقامة علاقات تطبيعية بين الانظمة العربية والكيان الصهيوني، وفي السنوات الثلاث الاخير ازيح الستار عن علاقات تطبيعية وطيدة مع الكثير من الانظمة العربية وكان اخرها استقبال عبد الفتاح البرهان زعيم الانقلاب العسكري في جمهورية السودان الشقيق لوزير خارجية الكيان الصهيوني في العاصمة الخرطوم عاصمة اللاءات الثلاث لا صلح لا تفاوض لا اعتراف بالكيان الصهيون .

ان مقاومة التطبيع يعتبر شكلا من اشكال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني لذلك لابد من وضع برنامج لمقاومة التطبيع مع الاحتلال وهذا يقع على عاتق الاحزاب السياسية والمؤسسات على اختلاف تخصصاتها اضافة للشخصيات الناشطة في الاقطار العربية المناهضة للاحتلال والتطبيع معه وتبدأ في تنظيم لقاءات وعقد مؤتمرات تهدف الى توحيد جهودها ووضع برامج عمل للتصدي لأي حالة تطبيع جديدة وكذلك العمل على محاصرة الانظمة المطبعة جماهيريا والاستفادة من مظاهر الرفض الجماهيري العربي للوجود الصهيوني في قلب الوطن العربي، والذي بدا واضحا في مونديال قطر العالمي وايضا العمل على دعم وتفعيل حركة المقاطعة العالمية للكيان الصهيوني المعروفة ( BDS) والعمل على ايجاد اجسام ثقافية على غرارها في الاقطار العربية والاستفادة من نجاحاتها في وقف تعامل عشرات الشركات في العالم مع الكيان الصهيوني وهنا لابد من التأكيد ان المستفيد الوحيد من التطبيع هو الكيان الصهيوني في كافة المجالات اقتصاديا وماديا وامنيا وغيرها وبذلك استسلمت الانظمة العربية بتقديمها تطبيع مجاني مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، ضاربة عرض الحائط تضحيات الشهداء وعذابات الاسرى وانهاء حلم الشعب العربي الفلسطيني بإنهاء الاحتلال الصهيوني واصبح التطبيع معه في وضح النهار والذي يعد ايضا مساسا بسيادة الاقطار العربية وامنها القومي .

*م . محمود الصيفي – عضو المجلس الوطني الفلسطيني

المنبر الثقافي العربي والدولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب