مقالات

امة الرسالة الخالدة بين حقيقة البقاء وإستحالة الفناء -بقلم خالد ضياء الدين

بقلم خالد ضياء الدين -السودان

امة الرسالة الخالدة بين حقيقة البقاء وإستحالة الفناء
 بقلم خالد ضياء الدين
(1)#الهدف:أراء حرة
ظلت الأمة العربية عبر التأريخ وفي كل مراحل صراعها ضد الغزاة عصية على الإجتثاث، وستظل كذلك، فلا الفرس والروم ولا امريكا وطفلتها المدللة التى غرست كالخنجر في خاصرة فلسطين العربية،ولا جيوش وعصابات الدنيا متحالفة ولا وكلائها الشعوبيين تملك القدرة على إنهاء دورها وكبح نهوضها القومي التقدمي الإنساني.
▪️نؤمن كمسلمين وعرب بديمومة عطاء الأمة العربية على الصعيد المحلي والأممي لأنها مؤهلة لذلك وقد ذكر الله جل في علاه:
{{انا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون}}
والذكر يحفظ بلغته ونحوه وصرفه،يحفظ بقواعده وبالناطقين به الذين يحملون ويتحملون مترتبات تكليف حمل الرسالة والتبشير بها.
▪️الا يحق لنا بعد مئات بل الاف السنين ان نتساءل:
اين الأمم السابقة..اين امبراطورية الفرس والروم،اين جيوش التتار والمغول الذين ارادو طمس هوية الأمة العربية بعد إحتلالهم بغداد الخلافة فرمو كتبها في النهر حتى تبدل لون الماء ومشت خيولهم عليها جاعلين من كتبها واوراقها جسرا يوصلهم للضفة الاخرى؟!
احتفل التتار بهزيمة حاضرة العرب،بعد ان عاسو في الارض فساد،معلنين “من طرفهم” عن إنتهاء ماظنوه “اسطورة” خلود الأمة العربية،ولكن كما العنقاء بعثت من بين الركام وتفتحت ازهارها واينعت سنابلها واتت اكلها،لتستمر تقدم عطاءها الإنساني الحضاري غير المحدود.
▪️منذ آلاف السنين سادت حضارات بعضها اندثر،لم تذكره كتب التأريخ ولا بحوث المهتمين بالاثار القديمة،وبعضها لم يبق منها غير اثار مخطوطات ورسومات يجتهد العالم حتى الأن في معرفة طلاسمها،وفي المقابل لاتزال الأمة العربية حية ترزق في ارضها وبانسانها، بالرغم من انها لم تكن الحضارة الاكبر، إلا انها ظلت باقية تتمدد بلغتها وثقافتها تضيف إلى حديقتها كل يوم ازهار جديدة تجمل هويتها وتثريها،فتقدم كل يوم عشرات الكتب والمفكرين”شعراء وادباء وفنانين وعلماء” ،ظل هذا العطاء يأخذ اشكال مختلفة تحفظه الأجيال وتتداوله قبل وبعد الرسالة المحمدية، ومنذ ان اختارها الله سبحانه وتعالى لحمل الرسالة واختار لغتها وارضها ليتنزل القرأن بلسانها ويكون خاتم الرسل من إنسانها.وقد مر استهداف الأمة في العصر الحديث بثلاثة مراحل كما اشار الكاتب جان بيير شوفتمان
1/ مرحلة محمد علي باشا
2/مرحلة جمال عبد الناصر
3/مرحلة صدام حسين
واما المرحلة الثالثة فهي الاشد قسوة وضراوة
“وعلى قدر اهل العزم تاتي العزائم”
▪️لقد حشدت الأمة العربية كل قواها فانجبت سيدنا محمد رسول الإنسانية،وظلت في كل مراحل تكوينها تقدم افضل ماعندها من ثقافة وفن ومختلف ضروب المعرفة، ولم تغفل للحظة واجب الإستمرار في نشر الدين الاسلامى
“عبادة وثقافة وتراث” ليستمر نبع العطاء ويتجلى في ظهور حزب الأمة العربية واضع نظريتها الفكرية والتنظيمية في
“الوحدة والحرية والاشتراكية”
كحالة نهوض ومعالجة ذاتية لجسد الأمة الذي يعاني حاليا من التجزئة والتبعية السياسية والفكرية كذلك من التردي الإقتصادي نتيجة تراكمات إعتلاء حكام باعوا اغلى ماتملكه الامة بابخس الاثمان.
هذا الامر لم يحبط شعبنا العربي الذي ظل ينتفض باشكال مختلفة ويثور ضد حكامه من اجل إستمرار الأمة في تقديم رسالتها ومن اجل واقع حر ديمقراطي يخرج الإبداع الموجود عند انسانها التي تحول الدكتاتوريات وانظمة البطش دون اخراجها.
▪️ان محاولة حل حزب البعث في العراق وشيطنته ومحاولة إجتثاثه من كل القطار العربية وإغتيال قياداته ومفكرية
واعدامهم بابشع الطرق ومحاولة تكبيله عبر الأجهزة الأمنية العربية العميلة،كل ذلك لم ينل من حزب الفطرة السليمة انما كان دافعا ورافعة تعلى من وتيرة نضال رفاقه الأوفياء،ولان البعث عنوان الأمة وفصيلها المتقدم في الدفاع عنها تظل دوما مصوبة نحوه بنادق اعداء الامة.
▪️كل ذلك الاستهداف لم يوقف مد البعث العربي الاشتراكي بل زاده قوة وتماسك فالامة موجودة وحزبها فاعل في كل مكان يحمل فيه ابناءها السلاح دفاعا عن هويتها واصالتها، ففي اللحظة التي يغادر فيها البعثي كرسي المكتب وقاعة الدراسة والحقل والمصنع ليتحول لمقاوم يشعل النار تحت اقدام الغزاة تتجدد الامة ويفوح عطرها وتبعث قيمها ونضمن خلود رسالتها.
لقد هرب الامريكان امام قوة مقاومة شعب العراق وحزبه الوطني القومي التقدمي ومعهم احرار الامة، وبالرغم من قوة جيوشهم وتخطيطهم لمشروعهم الاستعماري ولو الأدبار مخلفين الشعوبيين الفرس الصفويين ليقوموا بتنفيذ “حلمهم”
بذبح القومية العربية وحزبها المؤمن المجاهد من الوريد الي الوريد ولكن من فرط المقاومة وصمودها ابت السكين الا ان تحاكي حالها مع سيدنا ابراهيم،فخرج الذبيح سالما غانما وكان الفداء.
▪️النظرية القومية ليست ترف فكري ولا نزهة سياسية ولا إنتماء مظهري..القومية العربية وجدت لتحمل رسالتها الخالدة،وهي دوما في حالة مد وجزر، أخذ وعطاء وستكون كذلك الى يوم يبعثون فالرسالة الخالدة متجددة والامة ليست جامدة متقوقعة بل منفتحة تعطي افضل مالديها وعندما تتبارى الامم لاتملك الامة الا ان تقدم رسالتها الخالدة فيض الإسلام وقيمه، نقاء الامة وفطرتها السليمة،ثقافتها وتراثها من ذاك النبع الفياض الذي قال:
“وماجئت إلا لأتمم مكارم الأخلاق”.
نظرية الأمة العربية جسدها فكر البعث ارضا وشعبا واهداف،تأريخ وحاضر ومستقبل،هوية ثقافية وإنتماء حضاري، تلاقح وإمتزاح،رؤى متقدمة وفلسفة حياة،فهم متقدم للدين باعتباره روح الامة وملهمها الثورة على الباطل،النظرية نبع معرفي انساني منفتح ومتجدد باشكال مختلفة،هي بحر لا تسكن امواجه ولن تجف مياهه.
▪️ قد تمر الأمة العربية في صراعها ضد الباطل بكبوات،لكنها ابدا لن تموت..
وهذا ليس حديث عاطفي ولا امنيات واشواق إنما هو واقع الحال فثقتنا في امتنا العربية تنبع من كونها امة الرسالة الخالدة،وعلى عاتقها يقع حفظ لغة القرآن، ولانها الناطقة بلسانه يزيدنا ذلك ثقة في استحالة زوالها،وإن صدقنا بانها تمر بحالات من الصعود والهبوط،لكنها ابدا لن تموت
“كيف تموت امة شرفها الله بحمل الامانة ونشرها؟”
ومن للقرآن والتفسير والنحو غير اللسان العربي المبين؟
▪️إنتهت الحضارات القديمة،وبعضها لم يبق منه غير اطلال من الحجارة، وحتى محاولات بعضها لتخليد اممهم لم ينتج غير “مومياءات”محنطة غير متفاعلة،عكس الامة العربية التي ماتزال تعطي،وسيظل إنسانها يتحدث ويتفاعل مع محيطه الكوني المتغير، يقدم ويتطور الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
سر بقاء هذه الامة العظيمة انها لم تدعى يوما انها الافضل او هي شعب الله المختار ولم يكن في جدول اعمالها يوما إلا الإنشغال بتقديم نفسها بافضل الوسائل، ولانها على ثقة من نفسها لم يسجل عليها التأريخ انها بنت جدارا “ماديا او معنويا” يمنعها من التفاعل مع الامم الاخرى.
▪️ظل إستهداف الامة العربية مستمرا منذ وجودها الاول
“قبائل متحالفة أو متقاتلة”
لكنه اصبح اكثر قساوة بعد ظهور الإسلام الذي وحدها وشذبها ومنحها زخم حمل رسالة الحياة،فكان هو روحها ونبضها ونسقها الذي يغذيها..وقد إستمر إستهدافها،وبالرغم من ذلك ظل اسمها مسطر في سفر الخلود مكتوب عليه
“هذه الامة العربية امة ناهضة،تمر بكبوات تعقبها إنتصارات، يتشكل وجدانها من خلال تفاعلها الإيجابي مع الامم الاخرى،لم ينضب معينها يوما ولم يجف ضرعها المعطاء وستظل كذلك لانها تحمل دوما بذرة خلودها، ولانها امة الرسالة الخالدة ستبقى لانها من فيض الإسلام المتجدد المتفاعل”
نواصل
8 سبتمبر 2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب