منوعات

د. غسان أبو ستة: مقاومة مجتمعية وحياة تشاركية لإعادة بناء ومنع تهجير غزّة

د. غسان أبو ستة: مقاومة مجتمعية وحياة تشاركية لإعادة بناء ومنع تهجير غزّة

زهرة مرعي

بيروت – بيروت – «القدس العربي»: أطلق مسرح المدينة في بيروت سلسلة ندوات بعنوان «من بيت لحم إلى غزّة سلام»، استضاف في باكورتها جرّاح التجميل والترميم الفلسطيني البريطاني الدكتور غسّان أبو ستة. قدّم شهادة حية عايشها في غزة، حيث أمضى ما يزيد على الشهر ونصف الشهر متنقلاً بين مستشفياتها. وركز في كلمته على المقاومة المجتمعية التي برزت بقوة لدى المواطنين.
الطبيب، الذي أدرك منذ البدايات أنّ المخطط الممنهج للعدوان على القطاع الصحي، يشكّل واحداً من أشكال الإبادة الجماعية والتهجير القسري.
ر كز بداية على القطاع الصحي، ووجده مثالاً عن المقاومة. فعلى الرغم من الاستهداف اليومي، الذي طاله ما زال يجري العمليات الجراحية، ويسعف الجرحى. وأشاد بالموقف الوطني الجامع، الذي رفض اخلاء المستشفيات، رغم اتصالات الإسرائيليين وتحديدهم مدّة زمنية لقصفها. وأوضح أن عجز مستشفى الشفاء، بدءاً من 17 أكتوبر/تشرين الأول عن استقبال مزيد من الجرحى، تمّ نقلهم إلى المستشفى الأهلي المعمداني لإجراء العمليات لهم. لكنّ المعمداني قُصف في اليوم نفسه، واستشهد 480 طفلاً وامرأة ورجلاً.
وقرأ في قبول العالم بالرواية الصهيونية أن قصف المعمداني تمّ بقذيفة فلسطينية، بمثابة موافقة على الاستمرار في تدمير القطاع الصحي. واستغرب أن أحداً من وسائل الإعلام لم يتصل بأي من الأطباء العاملين في المعمداني مستفسراً. ورغم استهداف المستشفيات جميعها تقريباً، فإن الطواقم الطبية كانت تنتقل من المستشفى، الذي تتوقف خدماته، إلى آخر يعمل.
وقال: إن العنف المُمارس ضدّ القطاع الصحِّي وتدميره هدفه تسهيل عملية طرد السكّان، وخلق الظروف الملائمة لاستحالة العيش في قطاع غزّة. وكلّما حاول أي مستشفى إعادة بناء قدرته يستهدفه الجيش الإسرائيلي مُجدّداً. ويأخذ الاستهداف أشكالاً عدة من القصف، والقنص بالمسيّرات، وإطلاق النار على الجرحى لمنعهم من الوصول إلى المستشفيات.
وقال: خلال فترة تواجدي في مستشفى المعمداني، جرى في يوم واحد إطلاق النار على عشرين جريحاً وعائلاتهم أثناء انتقالهم إلى المستشفى. وفي إحدى الليالي تركّزت عمليات الجيش الإسرائيلي على استهداف ألواح الطاقة الشمسية، التي تغذّي المستشفيات. هكذا تعمل الطواقم الطبية منذ ثمانين يوماً من دون توقّف، ولكنها تقف عاجزة أمام تدمير المنشآت وانقطاع الأدوية.
وتصدرت كلمة الدكتور غسان أبو ستة ما عايشه من مقاومة وتضامن مجتمعي في غزة في مقابل آلة القتل الصهيونية المدعومة عالمياً مباشرة، أو عبر الصمت. وقال: ثمّة بطولات مذهلة تسطّر. ثمّة مقاومة مجتمعية وحياة تشاركية تتحدى هذه المظالم. غاب الفرد لصالح الجماعة، التي تدافع عن إنسانيتها وحضارتها بوجه البربرية المُجرمة. لقد تطوع طلاب الطبّ للعمل مع الطواقم الطبّية. ورشّد الصيادلة استخدام الأدوية في غرف العمليات. وتخاطر طواقم الإسعاف بحياتها للتنقل من مستشفى إلى آخر لإحضار قليل من الدواء لا يكفي لإسعاف بضعة أعداد من المرضى. تشارك الناس المنازل وما تبقى من مُستلزمات تدعم صمودهم.
وروى: «أثناء عملي في المستشفيات تعرّفت إلى حلاق رجالي تطوّع لقصّ شعر الأطباء والممرّضين، ومساعدة المرضى والاهتمام بترتيبهم. وأذكر طفلاً في الثالثة من عمره، هو الناجي الوحيد من عائلته، أجريت له عملية بتر، واهتمّت به سيدة كانت ترافق طفلها الجريح في المستشفى. هذه القصص والشهادات تقو إن المجتمع الفلسطيني قرّر الارتقاء بحضارته الإنسانية بأسلوب الدفاع عن أضعف الأفراد فيه».
واستنتج: إن هذا الإجرام لن ينتهي بانتهاء الحرب. يحاول الإسرائيلي في السلم تحقيق ما عجز عنه في الحرب. وتالياً سيكمل الحصار ما بدأته الحرب. إن منع إعادة بناء المدارس والجامعات والمستشفيات، سلاح يستخدمه الإسرائيلي لاستهداف سبل الحياة في قطاع غزّة، مما سيدفع الناس للرحيل. يراهن الإسرائيلي على صمود لسنة أو سنتين، وأنه ذو نهاية.
وخلُص للقول: هنا يأتي دورنا، نحن المقيمون في الخارج، لمنع الإسرائيلي من تحقيق ما عجز عن تحقيقه في الحرب. لا بدّ من إعادة إعمار غزّة وإعادة بناء كلّ معالم الحياة فيها، ودعم صمود ناسها. فالفدائي في جحر الديك تسلق الكثبان حافي القدمين. واجبنا تجاهه أن نحمي أسرته ونعالجها.أطلق مسرح المدينة في بيروت سلسلة ندوات بعنوان «من بيت لحم إلى غزّة سلام»، استضاف في باكورتها جرّاح التجميل والترميم الفلسطيني البريطاني الدكتور غسّان أبو ستة. قدّم شهادة حية عايشها في غزة، حيث أمضى ما يزيد على الشهر ونصف الشهر متنقلاً بين مستشفياتها. وركز في كلمته على المقاومة المجتمعية التي برزت بقوة لدى المواطنين.
الطبيب، الذي أدرك منذ البدايات أنّ المخطط الممنهج للعدوان على القطاع الصحي، يشكّل واحداً من أشكال الإبادة الجماعية والتهجير القسري.
ر كز بداية على القطاع الصحي، ووجده مثالاً عن المقاومة. فعلى الرغم من الاستهداف اليومي، الذي طاله ما زال يجري العمليات الجراحية، ويسعف الجرحى. وأشاد بالموقف الوطني الجامع، الذي رفض اخلاء المستشفيات، رغم اتصالات الإسرائيليين وتحديدهم مدّة زمنية لقصفها. وأوضح أن عجز مستشفى الشفاء، بدءاً من 17 أكتوبر/تشرين الأول عن استقبال مزيد من الجرحى، تمّ نقلهم إلى المستشفى الأهلي المعمداني لإجراء العمليات لهم. لكنّ المعمداني قُصف في اليوم نفسه، واستشهد 480 طفلاً وامرأة ورجلاً.
وقرأ في قبول العالم بالرواية الصهيونية أن قصف المعمداني تمّ بقذيفة فلسطينية، بمثابة موافقة على الاستمرار في تدمير القطاع الصحي. واستغرب أن أحداً من وسائل الإعلام لم يتصل بأي من الأطباء العاملين في المعمداني مستفسراً. ورغم استهداف المستشفيات جميعها تقريباً، فإن الطواقم الطبية كانت تنتقل من المستشفى، الذي تتوقف خدماته، إلى آخر يعمل.
وقال: إن العنف المُمارس ضدّ القطاع الصحِّي وتدميره هدفه تسهيل عملية طرد السكّان، وخلق الظروف الملائمة لاستحالة العيش في قطاع غزّة. وكلّما حاول أي مستشفى إعادة بناء قدرته يستهدفه الجيش الإسرائيلي مُجدّداً. ويأخذ الاستهداف أشكالاً عدة من القصف، والقنص بالمسيّرات، وإطلاق النار على الجرحى لمنعهم من الوصول إلى المستشفيات.
وقال: خلال فترة تواجدي في مستشفى المعمداني، جرى في يوم واحد إطلاق النار على عشرين جريحاً وعائلاتهم أثناء انتقالهم إلى المستشفى. وفي إحدى الليالي تركّزت عمليات الجيش الإسرائيلي على استهداف ألواح الطاقة الشمسية، التي تغذّي المستشفيات. هكذا تعمل الطواقم الطبية منذ ثمانين يوماً من دون توقّف، ولكنها تقف عاجزة أمام تدمير المنشآت وانقطاع الأدوية.
وتصدرت كلمة الدكتور غسان أبو ستة ما عايشه من مقاومة وتضامن مجتمعي في غزة في مقابل آلة القتل الصهيونية المدعومة عالمياً مباشرة، أو عبر الصمت. وقال: ثمّة بطولات مذهلة تسطّر. ثمّة مقاومة مجتمعية وحياة تشاركية تتحدى هذه المظالم. غاب الفرد لصالح الجماعة، التي تدافع عن إنسانيتها وحضارتها بوجه البربرية المُجرمة. لقد تطوع طلاب الطبّ للعمل مع الطواقم الطبّية. ورشّد الصيادلة استخدام الأدوية في غرف العمليات. وتخاطر طواقم الإسعاف بحياتها للتنقل من مستشفى إلى آخر لإحضار قليل من الدواء لا يكفي لإسعاف بضعة أعداد من المرضى. تشارك الناس المنازل وما تبقى من مُستلزمات تدعم صمودهم.
وروى: «أثناء عملي في المستشفيات تعرّفت إلى حلاق رجالي تطوّع لقصّ شعر الأطباء والممرّضين، ومساعدة المرضى والاهتمام بترتيبهم. وأذكر طفلاً في الثالثة من عمره، هو الناجي الوحيد من عائلته، أجريت له عملية بتر، واهتمّت به سيدة كانت ترافق طفلها الجريح في المستشفى. هذه القصص والشهادات تقو إن المجتمع الفلسطيني قرّر الارتقاء بحضارته الإنسانية بأسلوب الدفاع عن أضعف الأفراد فيه».
واستنتج: إن هذا الإجرام لن ينتهي بانتهاء الحرب. يحاول الإسرائيلي في السلم تحقيق ما عجز عنه في الحرب. وتالياً سيكمل الحصار ما بدأته الحرب. إن منع إعادة بناء المدارس والجامعات والمستشفيات، سلاح يستخدمه الإسرائيلي لاستهداف سبل الحياة في قطاع غزّة، مما سيدفع الناس للرحيل. يراهن الإسرائيلي على صمود لسنة أو سنتين، وأنه ذو نهاية.
وخلُص للقول: هنا يأتي دورنا، نحن المقيمون في الخارج، لمنع الإسرائيلي من تحقيق ما عجز عن تحقيقه في الحرب. لا بدّ من إعادة إعمار غزّة وإعادة بناء كلّ معالم الحياة فيها، ودعم صمود ناسها. فالفدائي في جحر الديك تسلق الكثبان حافي القدمين. واجبنا تجاهه أن نحمي أسرته ونعالجها.

القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب