مالك بن نبي والثقافة بقلم الدكتور عزالدين دياب
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2023/03/عزالدين-ذياب.jpg)
مالك بن نبي والثقافة بقلم الدكتور عزالدين دياب
منذ عقود عدة اهتممت بالمفكر العربي الجزائري مالك بن نبي ،وخاصة جدل التعامل بين أضلاع مثلثه التكويني:الإنسان-التراب-الزمن، والتأثيرات المتبادلة بينهم ،وما ينتج عن هذا التأثير من علاقات وظواهر وعادات وتقاليد وأعراف ونتاج مادي وحضاري مثل الاختراعات والبناء والسكن والحدائق والشوارع..إلخ.
وأطلق علم الأنثروبولوجيا على ما ينتج داخل هذا المثلث التكويني على حد تعبير مالك بن نبي، الثقافة.
وأراد مالك من الثقافة فهمها وتاثيرها على الإنسان وصال وجال في تفسير كثرة من الظواهر من منظور المنهج الإسلامي.
وكتبه المتعددة المكتوبة أصلا باللغة الفرنسية”1″والمترجمة بإتقان إلى اللغة العربية وكان ما يرمي إليه الوصول إلى الإنسان المسلم”2″الذي يتطابق سلوكه اليومي مع أقواله، ووقف عندها وقفة جادة وذكية، وقفها وهو ينظر إلى الشخصية المسلمة التي تتوفر فيها مقومات الشخصية الحضارية القادرة على مناضلة التحديات التي تواجهها والتغلب على الصعوبات التي تطرحها تلك العلاقة بين أضلاع المثلث التكويني.وخلص مالك في معالجته للحياة العربية/الاسلامية إلى نتائج وحلول نأخذ منها ،اختصاراً والتزاما بما حددناه مهمة لهذا البحث قضية معركة التغيير داخل النفس البشرية وبخاصة شخصية الإنسان العربي، التوافق المطلق بين ظاهر هذا الإنسان وباطنه والانسجام بين معتقداته وسلوكه اليومي بين ما يقوله وما يفعله، وخلص إلى قانون إلهي وجده في الآية الكريمة من سورة الرّعد “إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم-الآية العاشرة” وشكلت هذه الآية هاجساً في جوّانيتي وحرّضت في وعيي وازع المراقبة لسلوك الإنسان في الحي والمدرسة والجامعة والحزب حتى أثقلتني بكثرة الاستفسار والاحتجاج وعلت بداخلي نبرة المعارضة المبنية على مراقبة دقيقة وجادة لم أراه وألاحظه من ظواهر،شكلت في تفكيري وحكمي عليها بانها ظواهر مرضية.وإليكم لقطات ومشاهد متفرقة:
الاستقواء في الأسرة ،الذكر على الأنثى والكبير على الصغير والقوي على الضعيف ،والغني على الققير، والحاكم على المحكوم…إلخ
في الحزب/ النادي الولاء للجهة على حساب البلد والوطن والأمة والنفاق للمسؤول وصاحب السلطة، وتغليب الانتماء للمصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة والولاء للأخطاء على حساب المواقف والاختيارات السليمة والصحيحة.
وبين الأولى والثانية “الاستقواء والحزب او النادي والعائلة إلخ بإمكان القارئ أن يضيف الكثير من الظواهر التي يراها ويختارها .
في لقاء مع الداعية الإسلامية العربية الدكتور محمد عمارة في جامع مكرم في ميدان التحرير القاهرة بترتيب من هيثم الكيلاني وبطلب من محمد عمارة غداة قراءته لمقالي في القدس العربية:”العروبة والإسلام بين ميشيل عفلق وعصمت سيف الدولة. وكنت أحدثه عن ضرورة الاهتمام في فكر مالك ومدرسة ابن باديس بالجزائر، وإذا صدفة أحد المصلين ينهض من صلاته ويقول لصاحبه: افتكرت وأنا عم صلي”..” وهو يقول كدا وكدا..انا اخرب بيته”.
فسألت عمارة ما رايك بهذه الظاهرة وحدثني آن غاية الصلاة التواصل مع الله ومحاكاته والتأمل في آياته وأذكر أنه قال ما معناه” وإذا طبقنا الالتزام بحقيقة التواصل مع الله في الصلاة لأعدنا للإسلام دوره ومهماته التاريخية ولرفعنا الغلبة عن هذه الأمة.فهل لنا بمصل يحقق التواصل مع ربه في صلاته بدل أن يفكر بإيذاء زميله وصديقه وابن حارته وجاره. وهل لنا بمناضل يبحث عن الأفضل منه نضالاً وفكرا وأمانة وقدرة ويسلمه المهمة بدل آن يردد شعاره وهو يفكر بإزاحة زميله ورفيقه و…….إلخ
1- مفهوم المسلم في كثرة من الجزائريين يعني العربي ،وفي فكر ابن باديس العروبة هي الإسلام والإسلام يتجلى في العروبة. هذا ما استخلصته من قراءتي لفكره.
2- لا أجد تناقضا بين مفهم المسلم والعربي في الأدب الجزائري والحوار بين أبناء الجزائري.