دراساتمقالات

البحر الأحمر في الاستراتيجية الإسرائيلية  بقلم علي رهيف الربيعي

بقلم علي رهيف الربيعي

البحر الأحمر في الاستراتيجية الإسرائيلية
 بقلم علي رهيف الربيعي
من المعروف ان الدول المشاطئة لهذا البحر ثمان عربية ثم الحبشة وإسرائيل . وتشكل السواحل العربية فيه 90٪ من مجموع سواحله (1). والمنطقة ذات موقع استراتيجي هام. والصراع فيها متعدد الأبعاد ، يشمل قوى ودول من الجزيرة والمشرق العربي وأفريقيا ودول عظمى ، وبخاصة أمريكا واوربا وروسيا والصين.
والبحر الأحمر ممر النفط من الخليج إلى أوربا ، عبر باب المندب وقناة السويس، وهو الذي يصل بين البحر المتوسط والمحيط الهندي . وتنبع أهميته الاستراتيجية من قربه من حقول النفط في الخليج العربي، ومن كونه ممرا لها ، ومن موقعه الجغراسياسي، وقربه من مصادر المواد الأولية في أفريقيا.
ومن الطبيعي ان يكون للبحر الأحمر مكان في الاستراتيجية الإسرائيلية ، وبخاصة بعد أن كان له دور هام في الحروب العربية – الإسرائيلية أعوام 1956 و 1967 و 1973 وهو دور معروف لا حاجة إلى استذكار تاريخه.
ويستند هذا الدور، اصلا، إلى التوسعية الإسرائيلية المرتبطة بالعقيدة الصهيونية ، وفيها مقولات تاريخية ودينية، ترسم حدود لإسرائيل الكبرى تمتد من النيل إلى الفرات ، وتضم، اضافة إلى فلسطين ، سورية ولبنان والعراق والاردن وجزء من مصر ، وجزء من العربية السعودية عرضه عرض الحدود الاردنية _ السعودية ، وطوله يمتد إلى جنوبي المدينة المنورة، ومعه ذلك الجزء الشمالي من البحر الأحمر ، وفيه قناة السويس وخليج العقبة (2).
ولأن البحر الأحمر ذو أهمية خاصة في إطار الاستراتيجية الإسرائيلية ، فإنه يشكل ميدان مواجهة عربية – إسرائيلية محتملة ، ذلك أن لإسرائيل في هذا البحر واطرافه مطامع واضحة ، إضافة إلى كونه شريان إسرائيل إلى العالم الذي ينعش الاقتصاد الإسرائيلي أخذا وعطاء.
وعلى هذا، فإن اي صراع عربي _ إسرائيلي في البحر الأحمر، قد يمتد إلى مناطق أخرى، وقد تشترك فيه قوى اقليمية ودولية . ” إن الآثار المترتبة على نشوب حرب عربية _ إسرائيلية في البحر الأحمر يمكن أن تكون أشد خطرا على السلم والاقتصاد العالميين من الحروب السابقة . حتى لو تمت تسوية الصراع العربي _ الإسرائيلي في شأن فلسطين ، فإن البحر الأحمر يمكن أن يظل مصدرا لمواجهة عسكرية ، فإسرائيل بحكم حاجاتها الاستراتيجية والاقتصادية الشاملة للتنمية فيها، يحتمل ان تستمر في سياستها العدوانية في المنطقة ” (3).
بدأت الاستراتيجية الإسرائيلية حيال البحر الأحمر بتأسيس الوجود الإسرائيلي في خليج العقبة، بهدف الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق البحر الأحمر، وكان الهدف الثاني التغلغل في البحر الأحمر حتى تصبح إسرائيل قوة مسيطرة عليه.
اصطدمت هذه الاستراتيجية بالاستراتيجية العربية التي كانت تهدف إلى محاصرت إسرائيل بإغلاق البحر الأحمر في وجهها . وقد حدث ذلك في حربي 1967 و 1973، حينما اغلقت مصر مع بعض الدول العربية المشاطئة مضايق تيران وباب المندب.
في مواجهة هذه الاستراتيجية، راحت إسرائيل تساند اي مسعى يعارض تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة عربية، وتساعد الدول المتشاطئة ذات المصالح المتعارضة مع المصالح العربية.
ومنذ ان احتلت إسرائيل النقب، وفتحت لها منفذا على البحر الأحمر حينما انتهكت اتفاقية الهدنة مع مصر، وعبرت خطوط الهدنة، لتحتل موقع ” ايلات” على خليج العقبة (1949)، أصبح البحر الأحمر ، تدريجيا، جزءا من المجال الجغرافي _ الاستراتيجي للصراع العربي _ الإسرائيلي.
المراجع :
(1) محمود توفيق محمود، البحر الأحمر في الاستراتيجية الدولية ” مجلة السياسة الدولية ع _ 57، تموز 1979، ص37.
(2) خريطة إسرائيل الكبرى، كما وردت في : محمود نعناعة، إسرائيل والبحر الأحمر، مكتبة الخانجي، القاهرة 1974، ص149.
(3) د. عبد الله عبد المحسن السلطان، البحر الأحمر والصراع العربي _ الإسرائيلي، التنافس بين استراتيجيتين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1984 ص258
2024 نيسان 8

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب