الانتصار العظيم للشعب الفلسطيني
بقلم مروان سلطان -فلسطين –
23.4.2024
الانجازات التي تتحقق لنصرة القضايا العادلة ما كانت لتكون دون جهود مضنية بذلت من اجل تحقيقها، ومنذ نشأت السلطة بعد اتفاق اوسلو سنة 1993، تحقق الكثير من القضايا في مجالات مختلفة في الشان الفلسطيني ، وتشكلت بكل ما تعنيه الكلمة من معنى نواة الدولة الفلسطينية الوزارات والمديريات والهيئات والمؤسسات التي تقدم من خلالها الخدمات التي اتسعت رقعتها في اراضي السلطة الفلسطينية وسهلت حصول المواطنين دون عناء او تعب الخدمات الضرورية ، واذا كان السير والتقدم يسير ببطئ فان ذلك يعود الى المعيقات التي تضعها اسرائيل امام السلطة الفلسطينية. وفي كل الاحوال بالرغم من الحصار الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية ، فان ذلك لم يمنع التوسع افقيا وعموديا للخدمات العامة وتطور النظام الالكتروني وخدمات الانترنت وتم اقامة المصارف باشراف سلطة النقد …… الخ من الخدمات الضرورية للشعب الفلسطيني. وتم ايضا بناء شبكة من العلاقات الدولية لخدمة القضية الفلسطينية من خلال العمل الديبلوماسي والذي تقلت صلاحيته الى السلطة الوطنية الفلسطينية عن منظمة التحرير الفلسطينية ” م ت ف”. بمعنى ان مؤسسات الدولة جاهزة ومكتملة لتعمل تحت مسمى دولة فلسطين بعد ان ينتهي الاحتلال من فلسطين .
كل ما تم انجازه هي جهود بذلها ابناء الشعب الفلسطيني من خلال المؤسسات الحكومية والاهلية والرياديين والقيادين من المبدعين والمختصين والمتحمسين لبناء الدولة الفلسطينية ، وهذا شكل من اشكال الانتصار الكبير للشعب الفلسطيني اذا ما تم مقارنته بالفترة التي كانت تحت اشراف الحكم العسكري الاسرائيلي او بما عرف بالادارة المدنية الاسرائيلية قبل اتفاق اوسلو. ولكن بعد اجتياح اسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية وتدمير عدد كبير من المؤسسات الحكومية الفلسطينية فان الواقع اصبح له شكل اخر ، واصبح له تدعياته لكن استمرت تقديم الخدمات بوتيرة الحفاظ على المكتسبات والانجازات التي بدئت. كل انجاز يعني انتصار انتصار للوطن للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. لقد اصبح الانتصار بفعل المضايقات والحصار المفروض على شعبنا يشكل حالة مختلفة عن اي واقع اخر في هذا العالم ، نظرا لحجم المعاناة التي يعانيها شعبنا الفلسطيني من براثن الاحتلال. ولقد تحدثت نفسي الي عما يعني هذا الانتصار لنا :
الانتصار العظيم للشعب الفلسطيني، هو ان نرى اطفالنا يذهبون الى مدارسهم ويعودون الى بيوتهم دون ان يشعر ذويهم بالقلق عليهم، الانتصار العظيم ان لا يمر اطفالنا وشبابنا وفتياتنا على الحواجز الاسرائيلية والبوابات الالكترونية والماسحات الاشعاعية دون ان يشعروا بالخوف والاهانة على ابنائهم مما يتهددهم من الجنود على تلك الحواجز التي تفصل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية عن بعضها البعض . او من تعرض المستوطنين لهم او الحاق الاذى بهم. فرحلة الخوف والقلق تبدء مع خروج الاطفال الى مدارسهم ولا تهدء النفوس الى بعد عودتهم الى بيوتهم بسبب تلك المعاناة.
الانتصار العظيم ان لا يشعر الاطفال بالخوف من مطاردة الجنود والمستوطنين فقلوبهم الضعيفة والبريئة لا تتحمل شراسة ملاحقتهم فيقضون من شدة الخوف، ولا ننسى الطفل ريان على سليمان قضاء بيت لحم حيث ارتقى اثناء ملاحقة الجنود للاطفال اثناء عودتهم لبيوتهم من المدرسة . الانتصار العظيم ان لا يشعر اطفالنا انهم اقل من اطفال العالم فلا تحمل في نفسيتهم حزنا ورعبا لا يمحوه الزمن.
الانتصار العظيم ان لا يقوم الجنود بالتعرض لهم وتفتيش الشنط المدرسية للاطفال فيسبب لهم انتكاسة من الصعب ان يمحوها الزمن. لا يوجد شيء من هذا في العالم الا هنا، انه الاحتلال.
الانتصار العظيم ان ياتي موسم الحصاد فيذهب المزارعون وعوائلهم ليقطفوا ثمار الزيتون والتين واللوز والصبر دون ان يتعرض لهم الجنود والمستوطنين كما هو الحال في كل عام، حيث يسرق المستوطنون الثمار وتشكل خسارة اقتصادية فادحة لهؤلاء الفقراء والذين ينتظرون الموسم ليقطفوا الثمار ويحصلون على الاموال التي تساعدهم في معيشتهم.
الانتصار العظيم ان يخرج الرعاة الى الحقول مع مواشيهم دون ان يعترضهم المستوطنون الذين استولوا على مناطق الرعي، ويصادروا المواشي والاغنام ويسمموا الابار مما يؤدي الى نفوق اعداد من الماشية بسبب التسمم.
الانتصار العظيم ان ينقل التجار والصناع والزراع بضائعهم بكل حرية دون تقطيع لمساراتهم التي يتنقلون عليها ، اثناء نقل بضائعهم ودون ان يشعر هؤلاء بالخوف ان تتلف بضائعهم لاي سبب كان ، سواء كان اغلاق الحواجز او تعرض المستوطنين للمسارات في الشوارع التي يسلكونها، او اطلاق الكلاب او النار عليهم.
الانتصار العظيم ان يشعر الناس بانهم امنين في مبيتهم دون ان يتعرضوا الى التهجير او الابادة الجماعية او التجويع او التعطيش او غير ذلك من وسائل التجبر في اماكن اقامتهم او تنقلهم ، كما هو الحال في مسافر يطا وبني نعيم والاغوار .
الانتصار العظيم ان تشعل امراءة فرن الطابون دونما اعتراض من مستوطن يضايق مخبزهم وماكلهم وجلوسهم وقعودهم واقامتهم، بحجة ان مدخنة الطابون تضايق على المستوطنة القريبة منهم ، فيقوم الجيش بهدم ذلك الطابون. وطابون ام الخير في مسافر يطا معروف وكانه قصة مفاعل نووي.
الانتصار العظيم ان لا يهدد سوسيا والقرى من حولها وفي الجفتلك والاغوار ومسافر بني نعيم وفي تل الرميدة وحوارة وترمسعيا ، وجود هذه القرى وهجمات المستوطنين.
الانتصار العظيم ان يتوقف هؤلاء المسؤولين الاسرائليون عن دعوتهم لضرب المدن الفلسطينية بالقنابل النووية، او الدعوة الى حرق حوارة وترمسعيا ودوما كما حدث مع الطفل الدوابشة وغيرة.
الانتصار العظيم ان يتوقف النزيف الفلسطيني وشلال الدماء في غزة والضفة . فالحرب تنال التي تشنها اسرائيل لا تطال في اغلبية من ارتقى الى العلا الاطباء والمعلمون والطلاب والزراع …الخ من ابناء المجتمع المدني.
الانتصار العظيم ان يتوقف الانهيار الاقتصادي البشع الذي يعتبر اقتصادا هشا بسبب المضايقات على المنتج الفلسطيني، وقرصنة الاموال وتسبب في عدم تسديد السلطة لالتزاماتها المالية والقطاع الاقتصادي بعدم القدرة على عدم القدرة لتسديد الاستحقاقات المالية ، فاصبح عدد الشبكات المرتجعة قيمتها المالية بالملايين.
الانتصار العظيم هو ان يتوقف القتل لاطفال ونساء غزة وشيوخها وشعبها. ان تعود مشافيها وجامعاتها ومدارسها ومراكزها الثقافية الى النور والحضارة، وتسعد البشرية في عطائها، بعد ان دمرتها القنابل والصواريخ ومزقت احشاء ابنائها.
الانتصار العظيم ان تنتهي الوقاحة بالقتل والتدمير بحجة الدفاع عن النفس ، واسقاط حق الاخرين في الرد على تلك الاستفزازات.
الانتصار العظيم ان نرى كل الذي يحدث لنا شعب فلسطين وقد انتهى الى غير رجعة، وانتهى الاحتلال وانتصرت الانسانية على العدوان. وازهر الوطن بابنائه.