تحقيقات وتقارير

هل أصبح التصعيد وشيكا بين إسرائيل وحزب الله؟ الاعتبارات الإسرائيلية

هل أصبح التصعيد وشيكا بين إسرائيل وحزب الله؟ الاعتبارات الإسرائيلية

إسرائيل تجد نفسها أمام معضلة صعبة بعد نحو 9 أشهر من الحرب على قطاع غزة، وذلك في ظل الضغوط السياسية التي تتعرض لها حكومة نتنياهو لتوسيع الحرب على لبنان في ظل تصاعد حدة المواجهات الحدودية. ما هي الاعتبارات الإسرائيلية؟

تتخذ المواجهات بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني شكلا ينذر بتصعيد خطير بعد أكثر من ثمانية أشهر من العمليات القتالية المستمرة على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك في ظل تصاعد الدعوات الإسرائيلية إلى شن حرب واسعة تستهدف الوجود اللبناني في الجنوب.

وبحث كابينيت الحرب الإسرائيلي تصاعد حدة المواجهات مع حزب الله، في جلسة عقدها الليلة الماضية، فيما أجرى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، جولة ميدانية قرب المنطقة الحدودية مع لبنان، في حين صدر عن وزراء في الائتلاف والليكود تصريحات تدعو إلى المبادرة بتصعيد المواجهات مع حزب الله.

ورغم أن الوضع الأمني بات يتدهور مع دخول الحرب على غزة شهرها التاسع، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في وقت سابق الأربعاء، إن إسرائيل مستعدة للقيام بـ”عملية عسكرية قوية” في الشمال، علما بأنه كان قد هدد بتحويل بيروت “إلى غزة” ثانية إذا وسّع حزب الله من هجماته.

وفي ظل الانتقادات الشديدة التي صدرت عن مسؤولين في ائتلافه بشأن التعامل مع جبهة لبنان والمطالبة بتوسيع الحرب ضد حزب الله ولبنان عموما، شدد نتنياهو في جلسة للحكومة عقدت الأربعاء، على أن “الوضع في الشمال لا يمكن أن يستمر” كما هو عليه الآن، وأضاف أنه “سنناقش ذلك في المنتديات المناسبة”.

واستدرك نتنياهو قائلا إنه أطلع الوزراء “على أكثر من اللازم” بهذا الشأن، مشيرا بذلك إلى سرية المداولات والقرارات ذات الصلة؛ فيما انتقد عدد من الوزراء بحدة إدارة المواجهة مع حزب الله، وقال الوزير ميكي زوهر إن “تأجيل المواجهة مع حماس أوصلنا إلى 7 أكتوبر؛ حان الوقت لشن هجوم على حزب الله”.

“ليس قبل الانتهاء من رفح”

ولفتت الإذاعة العامة الإسرائيلية (“كان – ريشيت بيت”) إلى “إشارات تصدر عن الأجهزة الأمنية مفادها أن عملية في لبنان (تصعيد عسكري إسرائيلي) غير ممكنة إلا بعد انتهاء العملية في رفح”، في حين أشار موقع “واللا” إلى أن التقديرات في الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن العملية في رفح قد تنتهي نهاية الشهر الجاري.

وتصاعدت التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، في الأيام الماضية، وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أمس، إنه “نقترب من النقطة التي سيتوجب فيها اتخاذ القرار، والجيش جاهز ومستعدّ جدا لهذا القرار. نحن نهاجم حزب الله على مدار ثمانية أشهر، حيث يدفع حزب الله ثمنًا باهظًا جدًّا”.

وفي موازاة هذه التهديدات، صادقت الحكومة الإسرائيلية، الأربعاء، على قرار يسمح للجيش الإسرائيلي بزيادة قوات الاحتياط التي سيتم استدعاؤها ليصل عددها إلى 350 ألف جندي احتياط، وذلك حتى نهاية شهر آب/ أغسطس المقبل. لكن مسؤولين في وزارة الأمن قالوا إن “هذه زيادة طبيعية وروتينية للمنظومة القتالية”.

ووصفت مصادر عسكرية إسرائيلية أقوال هليفي أنها “محاولة لإعداد الجمهور في إسرائيل لحرب واسعة في لبنان”، وادعت أن “التخوف في الجيش هو أن الجمهور لا يدرك التبعات على الجبهة الداخلية إذا بدأ قتالا مكثفا في الشمال، والذي بحسب التقديرات، سيلحق ضررا بالغا في وسط البلاد أيضا”، حسبما نقلت عنها صحيفة “هآرتس”، الأربعاء.

المواقف في كابينيت الحرب

وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن كبار المسؤولين على المستوى السياسي في إسرائيل أجروا جلسة مغلقة، الثلاثاء، على خلفية “التصعيد في الشمال”، وأفادت بأن الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اعتبرا أن “على إسرائيل أن تسعى جاهدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس من أجل التفرغ للمعركة” مع حزب الله.

وذكرت القناة أن رئيس الحكومة، نتنياهو، اعترض على هذا التوجه وقال إن “تحقيق أهداف الحرب في غزة هو الأولوية القصوى”، وشدد على أنه “بعد تحقيق أهداف الحرب في الجنوب (على غزة) فقط، سيكون من المناسب التعامل مع الجبهة الشمالية”، علما بأن شركاءه في اليمين المتطرف يدعون إلى تصعيد المواجهة وتوسيع رقعة الحرب.

وخلال المداولات في كابينيت الحرب، قال وزير الأمن، يوآف غالانت، إنه يجب تصعيد “مستوى ردود الفعل” ضد حزب الله، مشددا على ضرورة عدم الذهاب إلى معركة واسعة “إلا إذا أدركتم أنه لا توجد طريقة للتوصل إلى اتفاق رهائن (اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس) واتفاق دبلوماسي” ينهي المواجهات مع حزب الله.

في المقابل، يشدد المسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بحسب القناة 12، على أن “هناك فرصة إستراتيجية قد تشكلت لشن حرب في الشمال، ولكن من الأفضل إنهاء القتال في رفح قبل ذلك الحين”، وذلك في ظل التقديرات العسكرية بأنه بحلول نهاية الشهر، سيصل الجيش إلى نهاية العملية في رفح.

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل تقف أمام معضلة وتمتنع عن اتخاذ قرار بشن حرب شاملة ضد حزب الله، وذلك لاعتبارات متناقضة، والتي ناقشها المسؤولون السياسيون والأمنيون في إطار كابينيت الحرب وفي اجتماعات مغلقة.

الادعاءات الداعمة للحرب:

  • إلحاق ضرر حقيقي لقدرات حزب الله لأول مرة منذ 2006.
  • لا يوجد تقديرات بشأن نهاية الحرب في الجنوب، في حين لا توفر الحكومة استجابة للوضع في الشمال.
  • الإسرائيليون لن يقبلوا باتفاق بدون حرب.
  • تجديد الردع، وإبعاد خطر المواجهة المقبلة.
  • الحرب قد تمكن إسرائيل من التطبيق الصارم لبنود اتفاق قد يتم التوصل إليه بعد الحرب.

الادعاءات الرافضة للحرب:

  • التركيز على الحرب في غزة.
  • حتى لو بدأت الحرب، مصيرها أن تنتهي باتفاق.
  • لن يتم التوصل إلى اتفاق مع حزب الله قبل انتهاء الحرب على غزة.
  • حزب الله لن يسمح لإسرائيل بـ”الشعور بالانتصار”.
  • الهدف الأقصى في مواجهة حزب الله: تدمير القدرات، وهذا غير ممكن في هذه المرحلة.
  • إزالة تهديد وحدة الرضوان (التابعة لحزب الله) باحتلال الجليل، لن تتم دون احتلال جنوبي لبنان.

وخلال جلسة الحكومة، قال الوزير زوهر (الليكود) أن “تأجيل معركة تدمير قدرات حزب الله سيجلب لنا كارثة أكبر وأفظع، ونحن ندفع بالفعل أثمانا باهظة، في حين أن الذروة لم تأت بعد”، واعتبر أن “الوقت قد حان للتخلي عن المماطلة وشن هجوم استباقي قوي يعطل قدرات حزب الله”.

وخلال مشاركته في مسيرة الأعلام الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة، قال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، من ساحة البراق، إن “في طريقنا إلى هنا سمعنا عن حادث خطير أسفر عن سقوط ضحايا في الشمال. أدعو رئيس الحكومة من هنا: عليك استمداد القوة من المتواجدين هنا، أعط الأمر بشن حرب شاملة ضد حزب الله”.

وأضاف “عليك أن تكون حاسما ونقل الشريط الأمني من الجليل إلى جنوبي لبنان”، في إشارة إلى احتلال مساحات من الجنوب اللبناني بحجة إبعاد مقاتلين حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني شمالا.

غانتس لسكان الشمال: ما تعيشونه مجرد البداية.. استعدوا لقتال صعب

وعلى غرار نتنياهو، أجرى الوزير في كابينيت الحرب، الأربعاء، جولة ميدانية في الشمال اجتمع خلاله مع رؤساء السلطات المحلية للبلدات القريبة من الحدود مع لبنان، وصدرت عنه تصريحات وصفت بـ”المتشائمة”، إذ طالب رؤساء السلطات المحلية بـ”الاستعداد لقتال أكثر صعوبة”، معتبرا أن “ما يعيشونه في الشمال هو مجرد البداية”.

وجاء في تصريحات غانتس التي صدرت عنه خلال الاجتماع الذي وصفه بنفسه بأنه “صعب” مع رؤساء السلطات المحلية في الشمال إنه “استعدوا لقتال أكثر صعوبة، استعدوا لفترة أكثر صعوبة. الأمر قد يصل إلى حرب (شاملة). أنا أقول لكم بصراحة، إن الأمر قد يتطور لحرب”.

وتابع “لا تقلقوا بشأن الحاضر، فكروا في المستقبل على مستويين؛ الأول قصير المدى آمل أن نتمكن من أن نوفره على أنفسنا؛ والآخر على المستوى البعيد؛ للجانبين (الإسرائيلي واللبناني) هناك اعتبارات أمنية واعتبارات أخرى، أنا أتحدث عن الطرفين، عنا وعنهم”.

وأضاف أنه “أعتقد أن الحكومة اللبنانية لا تريد حربا واسعة النطاق، وحزب الله لا يريد حربا بنطاق أوسع؛ ومن الممكن ومن الواجب ممارسة ضغوط شديدة على حزب الله بينما ننقل التشكيلات العسكرية من الجنوب؛ وعلينا أن نكون مستعدين لحرب واسعة؛ وبعدها علينا أن نرى إذا كنا سننجح بتحقيق هذا الهدف (إزالة تهديد حزب الله) أو الذهاب إلى حرب واسعة”.

واستدرك قائلا إن “هذا لن يحصل دون دفع أثمان باهظة؛ سنلتقي في ظروف صعبة وموجعة كثيرا بعد أن يحصل كل ذلك؛ لن نهرب من المسؤولية، وكذلك أنتم، لن تتمكنوا من الهروب من المسؤولية، أنتم قادة كل القصة التي تحدث هنا. هذا لن يحصل بالاعتماد على الأقوال فقط؛ هذا سيحصل فقط إذا ما بادرنا إلى شيء ما؛ هذا هو الواقع وفقا لتقديراتي”.

واشنطن تحذر من أن “تصعيدا” في لبنان سيعرض أمن إسرائيل للخطر

بدورها، حذرت الولايات المتحدة، الأربعاء، من “تصعيد” في لبنان، معتبرة أن توسيع المواجهات من شأنه فقط أن يضر بأمن إسرائيل. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، “لا نريد أن نرى تصعيدا للنزاع سيؤدي فقط إلى مزيد من الخسائر في الأرواح سواء لدى السكان الإسرائيليين أو اللبنانيين”.

وأضاف في حديثه للصحافيين إن تصعيد المواجهات الحدودية “من شأنه أن يلحق ضررا هائلا بأمن اسرائيل والاستقرار في المنطقة”، قلل من أهمية المؤشرات إلى حرب وشيكة مع لبنان رغم التهديدات الإسرائيلية، وقال إن “التصريحات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية تفيد بأنهم مستعدون لعملية عسكرية، إذا لزم الأمر، وتختلف عن قولهم إنهم اتّخذوا القرار بتنفيذ عملية عسكرية”.

وأضاف “ما زلنا في مرحلة نعتقد فيها أنهم يفضلون حلا دبلوماسيا”. وقال إن الولايات المتحدة تتفهم “الوضع غير المقبول بالنسبة لإسرائيل” على حدودها الشمالية. وقال: “هناك عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين غير القادرين على العودة إلى منازلهم في شمال إسرائيل نظرا إلى أن ذلك غير آمن بسبب قصف حزب الله المتواصل والهجمات بالمسيّرات في المنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب