مقالات
موقف بين الحقيقة والواقع بقلم أ.د علي عطية عبدالله -أكاديمي جامعي وكاتب -العراق –
بقلم أ.د علي عطية عبدالله -أكاديمي جامعي وكاتب -العراق -
موقف بين الحقيقة والواقع
بقلم أ.د علي عطية عبدالله -أكاديمي جامعي وكاتب -العراق –
يقف الأنسانُ أحيانا متحيراً بين حقيقةٍعاشها بتفاصيلها،والحقيقة عادة نسبية غير مطلقة ،اذا ما قيست بسلوك الأنسان،فسلوكه مَن خلقه بَينَهُ وهُو مَنْ به عليم،فقد وصفه بأنه خلق هلوعا أذا مسَّهُ الشرُّ جزوعا وأذا مسه الخير منوعا، وهذا وصف حاسم باتجاه السلبية، كما وصف النفس التي تشكل عنصرا أساسيا في بناء الأنسان، بانها امارة بالسوء الا بما يرحمه هو. تلك الصورة للانسان تجعلنا نتشاءم ،وأنَّ من تأمل فيه خيرأ هو من يرحمه الله تعالى،ومن يرحمه الله أيضا واضح، هومن آمن بالله وأتقاه وحكم بما أمر وحدد ، وما بينه وحدد ناخذه معنىً لا نصًا، فالله يأمرنا بالأستقامة وأقامة العدل، وأن الانسان أخ الأنسان، خلق من ذكر وأنثى ، والشعوب والقبائل ثم الأمم هي للتعريف، فالانسان والكائن الحي عموما والمادة عموما هي ذات بناء من جسيمات طبيعية، نعرفُها أيضا عوائل وفصائل وخواص ،كي نتعرف عليها كما تتكون وتتصرف. هذا يرجعنا الى قول الله تعالى بانه خلق آدم من صلصال كالفخار(طين مشوي بنار)، ثم خلق نسله من نطفة فعلقة ثم مضغة فعظام كُسِوَتْ بلحم فانشأه انشاءًوتبارك تعالى أنه أحسن الخالقين(من يعمل أشياء معينة)، وذلك أصله ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب.ثم خلق كل شيء حي من ماء، والماءكما نعلم هو ذرتي هدروجين مع ذرة أكسجيين،وهكذا نرى كل في الطبيعة تكوِّن المادة،التي تكونها جسيمات دقيقة أصلها ذبذبات لمجالات طبيعة ذات اصل مُوَحَّدْ،لا زال عن أدراكنا وعيا ودقة معرفته بعيدا،لكن المؤمن يؤمن بكل شيء خُلق ويُخلق بقدرة ألهٍ أوحد،ونحن نعلم بعض ما يعلم بارادته،لنتعامل مع الحياة بما يخدم الانسان للعيش في حياة تحترم انسانيته كأنه يعيشُ أبدأ. لكن مطلوب منه أن لا ينسى أنه ربما يرحل للآخرة غدأ، فيؤدي واجبات تقوى الله، وجميعها تربية انسانية للانسان سيد المخلوقات، وما يتحدث به بعض المحققين الآثاريين بشأن البشرية وأساطيرها يلقونه في الآثار وبلغاتهم القديمة التي فهموها من رسوم وخطوط ونحات لمواقف فسروها وفقا لثقافة قائمة بنيت على كتب سماوية و كتب حولها تفسيرا اوتصرفا بشريا، نسجوا من خلاله نسجا يبين أن الكتب السماويةفي الواقع اساطير لقصص بشر كل بحسب تصوراته للآلهة والخلود، سنعود لتلك النظرة المبنية خطأ.
تلك مقدمة لموضوع يتعلق بتصرف الأنسان. الآن نعود الى صلب الموضوع وهوماذا نتوقع من هذا الانسان أِنْ تُرك كما يشاء، وأثر ذلك على المجتمع.؟ من يدرس العلوم بعمق ويخوض في منطلقاتها فرضاتيا وافتراضيا نحومحاولة فهم الطبيعة،والأنسان أحد أهم ألأحياء فكرا وتفكرا ،وتسخيرا لقدراته الفكرية تفاعلا مع اسرار بناء الطبيعة لتطويعها لبناء حياة افضل واعماروسائل العيش فيها،كما اراد الله له ذلك، مع بناء الذات بناءً قويما يليق بحياة دائمة تستقبله، حيث هي دار قرارٍ بظروف ومقومات مختلفة ،في ظل رب كريم ،بعيدا عن التنافس والنفس الامارة بالسوء ،حيث لا مكان لسوء في عالم جديد قي ظل رحمةضمن خلود دائم ،لهذا فالانسان حيوان متميز ،عن بقية الحيوانات لدور يختلف عنوانا وسماة وضوابط وسلوك تعامل.وحياة أمل وتأمل.أليس هو من خلق بأحسن تقويم، بقول الخالق وتقديره.؟أن التكوين للانسان بايولوجيا حيث العظام واللحم تكوينا لبناء الانسان باعظاء كل بحسب بنائه لاداء وظيفة لها، ثم الروح التي تمثل مصدر أوامر حركة الأعضاء تناسقيا كل بدوره كما رسم له،لكنها ليست مادية أنما كما صورها الله بارادته، والنفس البشرية هي محصلة كل فعل لكل جزء من بناء الانسان.أذن هي بمثابة مجال يفرز قوة فعله من خلاصة تفاعل خلايا بناء الكائن الحي،وهوالأنسان هنا. ما هوبناء تلك الخلايا؟ أنه جسيمات بناء المادة الأساسية، التي تبني الذرة ثم الجزيء ثم المادة عموما، لذا بحسب بناء المادة عموما كيميائيا وفزيائيا تشكل خواصها طبيعيا، فتفرز سلوكيات كل بحسب بنائها،وحيث تلك الجسيمات الأ ساسية كلُّ نتاج مجال طبيعي له خواصه الطبيعية،فان حصيلة السلوك والخواص للمواد حتما ستكون متنوعة، ورغم ان التكوين الحياتي للانسان يؤثر فيه العامل الوراثي فان العامل الوراثي هو بناء مادي من ذرات بناء المادة، خلاصة الفكرة هنا أن الانسان بناء مادي يتاثر بنسب مكوناته ذريا وجسيميا ومجالاتيا وطبيعة الموجات المرافقة لحركة مكونات المادة،ولا ننسى ان الماء يُكوِّن 70% من بناء الانسان وهو تكوين هدروجيني -اوكسجيني، فلنفكر اذن كم هو احتمال ان يحدث تفاعل نتاجه سلبي ،وكم يمكن ان يكون نتاجه ايجابي!!.فاذن وصف الله سبحانه لسلوك الانسان قائم على علم هو به ادرى وباحتمالات حدوثه.فنحن وأن أكتشفنا القوانين الفيزيائية والكيميائية والحياتية، فهي قوانين علم الله في سلوك ما يبني المادة من جسيمات ومجالات وامواج، كل له تاثيره وبتفاعل ما تنتج سمة ما وحركة ما وتفكير ما،وكل شيء معرض لاحتمال معين. فاذن طبيعة الأنسان كما يصفها خالقه مؤسسة على اسس علمية ضمن مجال تلعب به الاحتمالية دورا كبيرا، وتلك تفسر قوله تعالى بانَّ ما يحدث عرضة لاحتمال يحدث أو لا يحدث.فاحتمالات أي حدث هي مبنية على أسس علمية وليس أعتباطية، ولكل سببه،وان أختلفنا حول ذلك أحيانا. كل ذلك يقودنا الى الا ستنتاجات الاتية:- 1-الأنسان بحكم تكوينه معرض لكل أحتمال تفكيرا وسلوكا ولم يخلق أعتباطا بل له مسؤولية 2- لا مجال للشك أن الكون وجد بقوة وارادة خالق يمثل الحقيقة المطلقة الأبد ية. 3-لم يخلق الكون اعتباطا بل على وفق قوانين وقواعد تتحكم فيه لاداء ما محدد له أن يؤديه 4-كل مخلوق له هدف 5- كل صنف من المخلوقات يمثل أمة تتسم بصفات وسلوكيات تناسب طبيعتها ولله تُسبِّحْ كلٌّ باسلوبه صوتا وحركة 6-جميع المخلوقات تشترك في بناءها المادة الاساسية ( جسيمات ثم ذريات ثم جزيئات ثم مركب ثم مادة) لكنها بنسب متفاوته كل بحسب تركيبه حياتيا. 7-عليه كلما كبر وتعقد حجم الكائن الحي يكثر احتمال التشابه خلقا وسلوكا.وذلك لا يعني بالضرورة تطور البعض من بعض.لا ضرورة علمية لذلك. 8-ما يلاحظ من مخلوقات غريبة التكوين والبناء والتصرف والالوان والاصوات، فهودليل لصدق الخالق في وصف ما خلق فهي آيات ( حجج وادلة) على أن الله حق. 9-مهما تحدثنا عن اختلاف أمم فأن الحقيقة الجميع من اصل واحد، طين من تراب الأرض ثم ما تلا من سلالات فهي تخلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، ثم نطفة فعلقة فمضغة فعظام ثم كسوها بلحم ثم نشاة طفل، خطوات في رحم الام ، اثبت تلك الخطوات علم الاحياء اليوم. 10- ثم الارض والسماوات كانتا رتقا(أي مادة متحدة) ففتقهما أي فصلهما ، وجعل السماوات سبعة متجانسة لا تفاوت بينهما، والارض أيضا سبع طبقات( ثبتت صحتها علميا). 11-ثم السمات مرفوعة( رفعها) بدون عمد اعتياية أنما بقوى أخرى أكتشفت أولياتها 1300م ثم السماوات في توسع فضائيا 12-والسماء الدنيا تحتضن الاجرام السماوية ومنها أ-النجوم والشمس والقمر كل في فلك يسبحون( حركة سباحية،تموجية ليست مستقيمةخطيا) ب-أبعاد النجوم عظيمة بها اقسم الله،أنه قسم لو تعلمون عظيم. ج- نجوم نابضة طارقة اكتشفت في التسعينات د- ثقوب سوداء (الخنس الجواري الكنسي) التي تبتلع كل ما يقترب من مجال تاثيرها الجاذبي أكتشفت نظريا في السبعيات أكدت في التسعينات واليوم. ه- نهاية للكون ورجوعه لنقطة انطلاقه الاولى ثم يبدأ مجددا في يوم علمه عند الله. و-موت النجوم وتشكيل نجوم اخرى اوكتل مادية تجوب الفضاء.( والنجم اذا هوى) 13-مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان. ظاهرة أكتشفت في الخمسينات 14-فوق السماوات جنة بقدر الارض والسماوت 15- عرش الله فوق كل ذلك بسعة السماوات والارض، فيه الزمن نسبي بالنسبة للارض كل يوم عند ربك كالف سنة مما تعدون، أكدت هذا النظرية النسبية عام 1905م الآن نعود لتلك المعلومات الواردة في القرآن الكريم خلال( 610-634م)، تدعمها المكتشفات العلمية ،التي بدأت في القرن الثامن عشر حتى يومنا،فنقول كلام القرآن كلام من خلق الكون ويعرفه تَكُوِّناً وتطوراً واحتمال نهاية ثم عودة.معلوماتنا العلمية اليوم تطابق 80% من تلك المعلومات القرآنية.فأي عقل علمي موضوعي لا يشك بخالق خلق الكون، وهوحقيقة مطلقة أزلية ،يخلق ما يشاء من لا شيء، اذا قضى أمراً فأنَّما يقولُ له كُنْ فيكُونْ.علمه غير محدد يمنح منه ما يرى لمن يشاء،لا يمكن لبشرٍ أن يحيطَ بعلمه المطلق ويحل محله، تلك خطاً أحمر كما يقال. الا يعقل الانسان المتكبر،!! وهو بضعة بعوضية، لوقورن كونيا، وعمره بضعة دقائق في زمن خالق الكون.أم كما ذكرنا بحسب تكوينه الاحتمالي تظهر احتمالات بشرية لوعيها فاقدة ،لارباك ذري اوجزيئي تكويني.فأقول رحم الله أمرِءً عرف قدره علما وتفكيرا . من ناحية أخرى للموضوع هي قضية أجتهاد من أجتهد وفسرمن فسر،على وفق رأي كوَّنَهُ بحسب معطيات زمنه أوقدرات فكر حسب أنه أمتلكه صح.فمن يتابع تفسيراتهم وفهمهم للقرآن الكريم آيات وزمن نزول وسبب النزول وسياق الكلام، يجد الأختلاف والتناقض في نقل الروايات ووجهات نظر التفسير، لفكَّرَ كم هي الحاجة لاعادة دراسة هذا الارث الذي قاد الى مذاهب وفرق، وكل بما فهم في وقته وهدفه ثبت ما ثبت.والله تعالى يؤكد في أكثر من آية أن جعل الدين فرقا ليس عملا صالحا ،عنه يسال الله يوم اللقاء الموعود(سورة الأنعام آية 159).فهم فكروا بعد200 سنة من وفاة الرسول بجمع أحاديث من رواة ،الله اعلم بدقة ما به يتحدثون.وما حقيقة الهدف مما يفعلون.كما أن التفسيرات كانت عاجزة عن فهم المعلومات ذات النهج العلمي ،فأخطأوا بكثير من تفسيراتهم،مما يتطلب دراسة هذا الارث الفكري الضبابي ،لذا أرى أن تشكل لجنة من فقهاء لغة وفقه وعلماء كونيات وفلك وأحياء.تعيد النظر بتلك الفقهيات والتفسيرات القديمة.المصدر القرآن الكريم وسيرة الرسول الموثقة بعيدا عن تأويلات تحكمها أغراض وخلافات أجتهادية ،وعلم يطابق ما ذكر القرآن من معلومات ذات طابع علمي واضح.أكررأنا أتفهم واقع من أجتهد مخلصا على وفق واقعه العلمي وقتها.فحيث القرآن الكريم ثابت منذ 634م فهوالمصدر لحل أي خلاف أو كلام لا يؤيده أي كلام في القرآن الكريم.فالقرآن يفسر نفسه ليس حمال أوجه ،كما يظن البعض، كي يجتهدوا بما يتفق مع نواياهم.حتى ما يسمى بعلم الحديث فهو بني على تراث نعتقد بحاجة لأعادة نظر اليوم. فلا مبرر للاصرار وكانَّ ما به أُجْتُهدَ قبل قرون قرآنٌ لا يُمَسْ. وختاما لا بد من التعقيب على من يتحدث من الآثاريين ،وبعض من فكره تسوده افكار تميل الى انكار خالق(يثبته العلم لمن يعقل)، ويتحدث عن أساطير ذكرها التاريخ ووُجدت آثار لها في التنقيبات الآثارية، فهموها من خلال لغة مسمارية وصورية وتماثيل نحتية، ومن خلال خلفية ثقافية وفكرية وقصصية تداولتها كتب أديان سماوية،وفسروها كما يجتهدون.!!شأنهم شأن من فسر االأديان بحسب وعيهم وفهمهم ،فأضافوا أجتهادات أسطورية . يخبرنا الله تعالى عن خلق الكون كما مر أعلاه، وعن أساطير الأولين مستنكرها، وعن أنبياء كل ارسل الى قومه، واخبر بان هناك انبياء ورسل لم يذكرهم للرسول في القرآن،وما ذكره من معلومات عن خلقه للكون والانسان بايولوجيا ولظواهر طبيعية لم يعرفها البشر سابقا اكتشفت خلال قرنين،تؤكدان الله حقيقة،وأساطير الشعوب وسلوكياتهم عبر التاريخ اشار لها اخبارا اوقصصا.ولا مشكلة ان الطوفان هوطوفان نوح أو شخص آخر فالظواهر الطبيعة تكرر نفسها،وقضية الدنيا والآخرة واضحة سواء فكر فيها الانسان تفكيرا مختلفا ام لا، ليس بمشكلة فالانسان نفسيا ضعيف تخيفه الحياة نهاية. وأنالاأتكلم أعتباطا لغرض المعارضة والظهور ،بل مسؤولية فكرية علمية على اسس علمية. ومع الأسف أن أقول سمعت بعض من يعتبره البعض عبقري في تاريخ العراق القديم يتحدث، يذكرني بما درسته عن تاريخ العراق القديم وأساطيره عام 1952م.أول متوسطة. فأخاطب الأخوة جميعا أني أقدم وجهة نظر وموقف بين الحقيقة وواقع من هو ضحية الوهم ،بأيجاز فالموضوع يتطلب بحثا طويلا.فليعذرني من قد يتعبه الموضوع أن مرَّ عليه. تحياتي للجميع. ابوليث الرفاعي ١٨ حزيران ٢٠٢٤م