مقالات

من وحي ووعي الثورة بقلم :انس حامد

بقلم :انس حامد

من وحي ووعي الثورة
بقلم :انس حامد
الثورة تمرد واعي وفعل مفاجئ غير نمطي خلاق ومبدع، الثورة مبادرة نوعية وتجديد غير تقليدي، الثورة قيم أخلاقية وسلوكيات ترفض القديم السلبي وتجدد القديم الأصيل، الثورة فعل حضاري رسالي إنساني، ينمو مثل الجنين ثم يتخلق مولود كامل الإدراك، الثورة أسلوب حياة غير اعتيادية مصادم لكل موروث منحدر عن الرقي الإنساني الحضاري الرسالي، الثورة ضياء ينير عتمة الدياجي بوهج الحقيقة الناصع، الثورة صدق مع النفس وتجرد كامل في البذل والتضحية والفداء، الثورة طريق طويل وشاق ملئ بالتحدي، ولكن الثورة أيضاً صمود وبسالة  ومواقف ملحمية.
عندما نتحدث عن الثورة ونخرج في المواكب والوقفات الاحتجاجية وننفذ الاعتصامات والإضرابات ونشارك في المخاطبات ونوزع البيانات والقصاصات ونكتب على الحوائط والجدران، ونكتب المنشورات في الميديا والأسافير، هل في تلك اللحظات نتذكر اننا ثوار شرفاء نضحي من أجل العدل والحق والسلام والحرية، نعم لقد شاهد العالم أجمع هذا الشعب العظيم الباسل المقاوم الصادق والمقاوم للبطش والتنكيل والقمع المفرط بكل أشكاله، وفي خضم الألم والمعاناة كانت ترفرف رايات العز والإباء والشموخ، لقد أفصح جيل البطولة في ملحمة الثورة السودانية الخالدة عن أشواقه للحرية والعدالة والسلام.
ولأن الثورة فعل عميق أصيل ومتجذر غير قابل للنظرة الإصلاحية الفوقية، فكان لابد أن تأخذ مداها الزمني بالمستوى الذي يرتقي بالوعي الذهني والاستعداد النفسي للوصول إلى الغايات السامية والنهايات المنظورة، وبالاستعداد النفسي والروحي بعزم لا يلين وإرادة لا تقهر يستطيع المناضل الثوري أن يأتي بالمستقبل البعيد الذي تنشده الأماني والأحلام فيصبح واقعاً حقيقياً قابل للتحقق.
ولكن لتعزيز الإيمان بالمستقبل تأتي اللحظات التي نختبر فيها قدرتنا على أن نحمل الرسالة الى الأجيال التي تترقب ساعات الظفر والخلاص العظيم.
ولكي ما نعبر إلى شواطئ الأمان كان لابد أن نتخلص من بعض الأشياء التي لاتزال عالقة بالضمير والوجدان ومتفاعلة مع بقايا الحقبة القديمة البالية، فليس الثوري من يحمل روح الأنانية وحب الذات(عندك خت ماعندك شيل)، وليس الثوري من يتصيد الأخطاء والهنات ويتمظهر بثوب الطهر والنقاء الثوري، فإن الأخطاء نتيجة التجربة والتجارب الإنسانية تظل في حالة تصحيح ومراجعة باستمرار، ومن وعي التجارب يتم تصحيح الأخطاء ويمارس النقد بالروح الثورية التي تعالج ولا تعقد الأخطاء وترفع من الوعي بالأهداف الإستراتيجية ولا تنغمس في التفاصيل المرحلية والآنية فتبتعد عن رؤية الأهداف الإستراتيجية المستقبلية، ولأن الثورة فعل وعطاء متجدد فلابد للأفعال من أخطاء في مسيرة تمتد لأزمنة بعيدة، يتطور فيها الفعل وتتراكم التجارب فينضج الوعي بالمستقبل المنشود.
إن معاني الخير والحب والجمال والعدل والحق والصدق تعني في جوهرها مقاصد الثورة الممهورة بالبذل والعطاء والتضحيات الجسام، ومن وحي وروح التضحيات ترتوي الثورة بنهر الطهر والنقاء فيصبح النور بديلاً للظلام، والصدق بديلاً للزيف والنفاق، والحقيقة الصادقة بديلاً للتدليس والخداع.
سبحانك اللهم ان جعلت لي بصرا انظر به إلى الطيب من الخبيث وفتحت لي أذني لتسمع الحديث القويم من اللغو الأثيم، وباسمك اللهم أدعو أن تكون النهاية بمثل ما كانت البداية.
(انس حامد)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب