ثقافة وفنون

آخر معجزات السينما المصرية «أحمد فرحات» مخترع طاقية الإخفاء

آخر معجزات السينما المصرية «أحمد فرحات» مخترع طاقية الإخفاء

كمال القاضي

ولد الطفل المُعجزة أحمد فرحات في 23 تموز/يوليو عام 1950 فظل تاريخ ميلاده علامة بارزة في أيام السنة تماماً كما كان هو علامة بارزة في الحياة الفنية التي دخلها على يد المخرج الكبير صلاح أبو سيف الذي أسند له دور الطفل اليتيم المقيم بالملجأ في فيلم «مجرم في إجازة» بطولة عماد حمدي وصباح وفريد شوقي، فكانت انطلاقته الأولى في عالم الشهرة والأضواء.
لم تمض سوى فترة قصيرة حتى صار الطفل الصغير ذو الحجم الضئيل نجماً ملء السمع والبصر، حيث بهر بتلقائيته الشديدة وأدائه المتميز الجمهور وسرعان ما تكونت العلاقة الودودة بينه وبين ملايين المشاهدين من عُشاق السينما بعد أن صار مصدر الرفاهية والباعث على الضحك والكوميديا بدون افتعال أو تظرف.
إنها الموهبة تجلت آياتها بكل وضوح في قُدرات الطفل الاستثنائية غير المسبوقة برغم ظهور مواهب مُماثلة في مجال التمثيل والغناء والاستعراض لدى بعض الأطفال بذات المرحلة العُمرية التي لم تزد عند أغلبهم عن 8 سنوات. لكن خصوصية أداء فرحات وتكوينه الجسماني وخفة ظله جعلته لافتاً للغاية ومُفضلاً عن غيره من المواهب الصغيرة.
شارك أحمد فرحات في بداية مشواره الفني بفواصل كوميدية من خلال فرقة «ساعة لقلبك» مع أساطين الفن الكوميدي، فؤاد المهندس وخيرية أحمد وعبد المنعم مدبولي وجمالات زايد ومحمد عوض وفؤاد راتب «الخواجة بيجو» ونبيلة السيد وأحمد الحداد ومحمد أحمد المصري «أبو لمعة» وآخرين، واستطاع أن يخلق لنفسه مساحة واسعة بين هؤلاء الكبار بأدائه التمثيلي الفريد لشخصية بندق، فزادت شعبيته وتمسكت به السينما كأحد عناصر الجذب الجماهيري المهمة الداعمة بقوة لشباك التذاكر.
كان فيلم «شارع الحُب» مع عبد الحليم حافظ بوابة العبور إلى عالم الشهرة الرحب، لاسيما أن هناك مشاهد معينة جمعت بينه وبين نجم الغناء الكبير في فترة تألقه، بعدها شارك الطفل المُعجزة في فيلم «غرام في السيرك» للمخرج حسين فوزي عام 1960 مع إسماعيل يسن وبرلنتي عبد الحميد، فأضاف إلى رصيده السينمائي عملاً جديداً بديعاً رفع أسهمه وأكد موهبته وحيثيته الكوميدية في المساحة المُخصصة له كطفل ذكي يتمتع بملكات فنية غير عادية.

الخدع السينمائية

ويعد فيلم «سر طاقية الإخفاء» الذي أخرجه المخرج الكبير نيازي مصطفى عام 1959 واستخدم فيه لأول مرة الخدع السينمائية هو الأشهر والأوسع انتشاراً، كما كان الفيلم نفسه فارقاً بالنسبة لأحمد فرحات في مساحة وطبيعة الدور المهم الذي أسند إليه ونافس به كبار النجوم، عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن وزهرة العُلا.
ويختلف فيلم «سر طاقية الإخفاء» عن فيلم «طاقية الإخفاء» الذي أنتج عام 1944 وأخرجه نيازي مصطفى أيضاً، ولعب أدوار البطولة فيه كل من تحية كاريوكا والمطرب محمد الكحلاوي وبشارة وكيم، فهناك فارق زمني كبير بين إنتاج الفيلم الأول والفيلم الثاني حوالي 15 سنة تقريباً، وهو ما يُبدد فكرة الخلط بينهما ويجعل لكل منهما شكلا وعنوانا وموضوعا مستقلا.
ومن بين الأفلام الناجحة أيضاً للطفل أحمد فرحات فيلم «إشاعة حُب» بطولة عمر الشريف وهند رستم وسعاد حسني ويوسف وهبي وعادل هيكل، والعامل الكوميدي المشترك عبد المنعم إبراهيم، وهو نوعية رومانسية كوميدية استفاد منها فرحات بوصفه اكتشافاً جديداً في ذلك الوقت من عام 1961 فلم يتهيب الموهوب الصغير الجمع الغفير من النجوم، بل زاده ذلك إصراراً على التألق والنبوغ وإثبات ذاته كممثل كوميدي له نكهته الخاصة المُختلفة بكل المقاييس عن الكبار من ذوي المواهب وأصحاب الخبرة والتجارب الطويلة في التعامل مع الكاميرا في العديد من الأفلام ما بين الكوميدي والتراجيدي والاجتماعي. لقد توقف أحمد فرحات عن التمثيل بعد نكسة 67 وكان قد تجاوز بكثير سن الطفولة وبدأ مرحلة جديدة من حياته الفنية وأدواره المتباينة، وكغيره من الفنانين والنجوم تأثر بتوقف صناعة السينما في مصر وانتقال نشاطها إلى بيروت، ولأنه خريج المعهد العالي الصناعي قسم اتصالات، حاول إنقاذ مستقبله بالعمل كموظف لتأمين حياته.
وبالفعل التحق بوظيفة حكومية في تخصصه كمهندس اتصالات واستمر فيها إلى أن بلغ سن التقاعد، ليعود بعدها إلى التمثيل ليؤدي أدواراً ثانوية بسيطة لم يذكر منها الجمهور شيئاً فبقي اسمه مُرتبطاً في الأذهان بمرحلة الطفولة والأدوار التي اشتهر بها وعناوين الأفلام التي كانت سبباً في نجوميته ومن بينها بالطبع فيلم «سر طاقية الإخفاء».
رحل الفنان أحمد فرحات في الحادي والعشرين من تموز/يوليو، نفس الشهر الذي ولد فيه، عن عمر يناهز 74 عاماً ولم تُفارقه الابتسامة التي ميزته طوال مشواره الفني الإبداعي الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب