“بحر من الدماء”: غزاويون يروون لـ تفاصيل صادمة عن مجزرة مدرسة التابعين

“بحر من الدماء”: غزاويون يروون لـ تفاصيل صادمة عن مجزرة مدرسة التابعين
بهاء طباسي
غزة ـ وثّقت «القدس العربي» شهادات جديدة الناجين من «مجزرة الفجر» في مدرسة «التابعين» الشرعية في حي الدرج في مدينة غزة، التي قصفها الاحتلال أول أمس السبت، ما أسفر عن سقوط 100 شهيد.
والقصف الإسرائيلي استهدف على نحو مباشر نازحين أثناء أدائهم لصلاة الفجر في مصلى المدرسة، وكذلك الجزء العلوي من المصلى المخصص لإيواء النساء والأطفال، ووفق «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان».
وقد أطلق الجيش الإسرائيلي خلال هذا الاستهداف ثلاث قنابل أمريكية مجنحة ذات قدرة هائلة على التدمير والحرق وإذابة الأجساد، فقتل أكثر من 100 فلسطيني بينهم العديد من العائلات التي قتلت، بمن فيها من نساء وأطفال، إلى جانب شخصيات أكاديمية بارزة، مثل البروفيسور يوسف الكحلوت أستاذ اللغة العربية في جامعات غزة.
وأشار إلى أن القنابل تسببت بتحول أجساد الضحايا إلى أشلاء وأجزاء ومحترقة، وكذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من الإصابات الحرجة، وذلك نظرًا للقوة التدميرية الهائلة لهذه القنابل. وحسب الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، فإن بعض القنابل المستخدمة ضد المدرسة المكتظة بالنازحين بلغ وزنها حوالي 2000 رطل.
تطايرت الجثث
كان يوسف النجار نائماً في المدرسة، استيقظ على أصوات القصف بالتزامن مع وقت صلاة الفجر، وتحرك بسرعة إلى الشارع: «استيقظنا على صوت ضربة جوية أعقبها انفجاران ضخمان، فنزلت إلى المكان، حيث أصابتني الصدمة من مشهد الشهداء» يقول لـ«القدس العربي» مضيفا: «من شدة القصف تطايرت بعض الجثث إلى الشارع. أشلاء كبار وصغار. أطفال شهداء وجدناهم مرميين في الشارع».
ويؤكد أن «جميع من استُشهدوا في تلك الغارة الإسرائيلية هم من المدنيين. مدرسة «التابعين» تابعة لجماعة التبليغ والدعوة، التي تمارس الدعوة الإسلامية بطرق سلمية، ولا تحمل السلاح، وجميع النازحين فيها كانوا مدنيين، ليس بينهم أحد من المقاومة. الضحايا قُصفوا وهم يصلون الفجر في أمان الله».
وشارك يونس زيدان، النازح من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، طواقم الدفاع المدني في عملية جمع أشلاء الشهداء من تحت الركام، قبل تسليم من استطاعوا التعرف عليه منهم إلى ذويهم: «جمعنا أشلاء الشهداء في 30 كيساً بلاستيكياً. كانت الأشلاء متناثرة بشكل مخيف. العضو الواحد مُقسم إلى قطع صغيرة. الأيدي مقطعة كل إصبع في ناحية. الأرجل نفسها كانت ممزقة. والرؤوس مشقوقة كل عضو منها في ناحية».
ويوضح أنهم لم يستطيعوا التعرف على حوالي نصف عدد الشهداء.
مرصد حقوقي: الاحتلال استهدف مدرسة بثلاث قنابل أمريكية هائلة التدمير
ويشير لـ «القدس العربي» إلى أن الأهالي وطواقم الدفاع المدني ما زالوا يعملون حتى الآن على انتشال ما تبقى من أشلاء الشهداء.
وقام الشيخ بلال رضوان متأخراً لأداء صلاة الفجرة، ولحسن حظه كان في الطابق الثاني حين تم القصف.
يقول المسن الفلسطيني: «ارتديت جلبابي وهممت بالنزول للصلاة، لكني سمعت المبنى يرتج من شدة القصف، لدرجة أن أبواب وشبابيك الفصل الذي كنت نائمًا فيه قد تطايرت وتناثر زجاجها».
ويضيف: «نزلت مسرعا إلى الطابق الأول، حيث المصلى الذي تركز عليه قصف الاحتلال، فوجدت بحراً من الدماء والأشلاء. استشهد كل من كانوا في ساحة الصلاة، أما من كانوا في دورة المياه يتوضأون فقد استشهد بعضهم وأصيب البعض الآخر بجراح خطيرة» ويوضح أنهم «حتى اللحظة يعملون على انتشال الشهداء».
كذلك وثق «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» شهادات من ناجين من المجزرة، إذ نقل عن سوزان محمد البراوي، وهي نازحة في مدرسة «التابعين» قولها: «كنا نائمين. استيقظنا على صوت الانفجار واشتعال النار، خرجنا من فصولنا لنجد النار تشتعل عند المصلى، مصلى النساء في مدرسة «التابعين» يقع فوق مصلى الرجال مباشرة، وفيه عائلات كثيرة نزحت بعد استهداف بيوتها. كان هناك ما لا يقل عن 20 عائلة، منهم نساء كبار السن وأطفال. الصواريخ سقطت بينهم فقتلوا، ومن بقي على قيد الحياة إما قُطعت أطرافه أو أصيب بحروق بليغة، ورأيت إصابات لضحايا خرجت أحشاؤهم. من بين الضحايا فتيات صغيرات أكبرهن 13 عاماً وأخرى 10 سنوات، وآخرون بعمر السنتين».
بكيت على والدي
وفي إفادة أخرى للطفل محمود نضال البسيوني، الذي فقد والده في قصف المصلى، قال: «فجر السبت، كانت العائلة نائمة وأنا مستيقظ بينما ذهب والدي لصلاة الفجر في مصلى المدرسة، رأيت الصاروخ يسقط وعرفت أن هناك مجزرة تقترب وسيقع ضحايا ولم أعرف أن والدي سيصبح واحداً منهم. رأيت النار التي اشتعلت نتيجة الاستهداف. بكيت كثيراً على والدي وجدي وعمي وكثير من آباء الأطفال الذين راحوا ضحايا لاستهداف المصلى أثناء صلاة الفجر ومن دون أن نستطيع توديعهم لأنهم أصبحوا أشلاء وقطعا من اللحم. أنا رأيت العديد من الأشلاء والجثث المقطعة في كل مكان في المصلى. القصف حدث فجأة ومن دون تحذير أو إنذار مسبق». وفي إفادة لفريق «الأورومتوسطي» قال النازح في المدرسة والناجي من الهجوم محمد الكحلوت إنه لم يلحظ أي مظاهر عسكرية أو عسكريين في المدرسة طوال فترة وجوده فيها.
وأضاف: «كنت أتجهز للذهاب للصلاة، لحظات وكان يمكن أن أكون معهم، ثلاثة صواريخ أو قنابل كبيرة أطلقتها الطائرات الإسرائيلية، وتسببت بالمجزرة، شعرت بالخوف الشديد، عندما توجهت للمكان، كانت الجثامين والأشلاء مقطعة ومتفحمة. أكوام متكدسة من اللحم المحترق.. أنا موجود بالمدرسة منذ عدة أسابيع، لم أشاهد أي مسلحين أو مظاهر مسلحة، دائما أصلي في المصلى وكل من هناك مدنيون، قتل قريبي وهو البروفيسور يوسف الكحلوت، ومثله عدد كبير من المدنيين، وفوق المصلى كان مصلى النساء وهو مخصص لإيواء النساء حاليًا وجميع من كن به قتلن».