في غزة اطفال يحملون هم الحياة بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين
بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين

في غزة اطفال يحملون هم الحياة
بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين
21.11.2024
https://www.falestinona.com/flst/Art/205948#gsc.tab=0
في غزة اطفال ولدوا كبارا، هي الاقدار ان يكون الاطفال هم من يحمل هموم الحياة عندما اجبرت ظروف الحرب، اختفاء الكبار . الاباء والامهات بعضهم او جلهم استشهدوا في تلك الحرب الملعونة. فقدت الاسر في معظمها معيلها او مصادر رزقها بسبب تعطل الحياة .
الغزيون فقدوا مصادر رزقهم ، وسكنهم، وتعدد النزوح من مكان الى اخر ، مما تسبب في الماسي بما لا يتصوره العقل البشري . والنتائج بسبب ذلك افرزت معطيات اخذ يتحملها اطفال غزة. في ظل هذه المعطيات يصادف مرور ذكرى “اليوم العالمي للطفولة”.
واظن ان العالم نسي ان في غزة يوجد اطفال يحلمون في حياة سعيدة، تختلف في مسارها ونتائجها عما يحدث في ان قدرهم نشأوا في الحرب. في كل العالم يحصل الاطفال على الحماية والرعاية والتعليم والغذاء المجاني ، والعلاج من المرض دون عناء او تكلفة. في غزة تم اغتيال الحلم ، فترك الاطفال احلامهم فرحهم وسرورهم، ، وتعليمهم، وغذائهم، وعلاجهم ليتصدروا هم الحياة في توفير ما يمكنهم واسرهم من العيش في ظل الحرب.
الاطفال في غزة ينطلقون مع كل صباح اما ليوفروا بعض لترات من الماء في كل صباح ، او توفير وجبة غذائية توزعها بعض المؤسسات الاغاثية العاملة في غزة لاسرهم لانه لم يعد هناك إمكانية لشراء المواد الاغاثية التي هي اصلا مفقودة في غزة. او لعلهم يبحثون عن بعض انواع من شوادر بلاستيكية تقيهم المطر او تاويهم في منامهم.
لم يعد هناك مدارس ،يذهبون اليها لتلقي تعليمهم ، لقد سوت القذائف في الارض المدارس ، والمساكن، وسويت المؤسسات العامة والخاصة والمؤسسات الصحية، والجامعات. لقد استهدف حق التعليم للاطفال في غزة فلم يعودوا يذهبون اليها ، لان التجهيل هو الهدف الذي يريده العدو لاطفال غزة. كل الذي استهدف هو بهدف له تاثيره في غزة، ولم يعد هناك ماوى للعائلات بعد ان هدمت بيوتهم، وانتشرت الامراض بعدما منع عنهم الدواء، وانتشرت المجاعة بسبب الحصار ومنع تزويد غزة بالغذاء. هنا في غزة تم اغتيال الانسانية.
مع كل صباح كان هؤلاء يصطفون في الطابور الصباحي في المدرسة يحيون العلم ، ويقرأون سورة الفاتحة ويلقون الاناشيد الصباحية ، ثم يدخلون الصفوف ويلتقون معلميهم لتلقي تعليمهم. لقد حلت الحرب على غزة لتستبدل الصفوف المدرسية ، بصفوف وطوابير طويلة امام مصادر المياه الشحيحة اصلا، او موزعي الطعام ، للحصول على بعض الماء والطعام.
كيف تتمحور هذه المتضادات في عقل الطفل الغزاوي الصغير. ليجد هذا الطفل نفسه امام سلوكيات ومسؤوليات لم تكن يوما من مفرداته، تحتاج الى تقويم نفسي طويل ليمحو اثار تلك الذكريات الاليمة.، وهو الذي يمضي اقرانه في كل العالم في الملاعب ، ومراكز الترفيه، ومراكز حماية الطفولة.
هنا في غزة من حق هذا الطفل غدا ان يتهم من اسقط حقه في التمتع بالطفولة، واغتال حقه في الحياة، من حقه ان يحاسب العالم على التقصير في تطبيق المبادئ التي أشبعتنا فيها مؤسسات حقوق الطفل اطراءا ، وسقطت عند اول زاوية اصدم فيها العالم مع نفسه.
في غزة اطفال مثل كل اطفال العالم يفرحون ، ويبكون ، ويخافون. يفرحون ويضحكون وهم يلعبون على اثار الخراب والدمار، ربما تكون هذه البنايات التي سويت في الارض بيوتهم، وربما تكون مدارسهم، فرغم حزنهم يجدون مكان للفرح قليلا ولكنهم يالمون. انهم يخافون وكيف لا يفزعون من اصوات المدافع وازيز الطائرات ، وطلقات الرصاصات . انهم يعيشون الحسرة والالم والفرح الممزوج بكل هذا الذي صنعه التاريخ لهم.
شاءت الاقدار ان يعيش اطفال غزة كبار ، ولكنهم لا ينسون.
لعل اهم بنك اهداف العدو في هذه الحرب هو النيل من الاطفال الفلسطينين، لانهم امل الغد، لان العدو يخافهم فعمل فيهم قتلا ، هم وامهاتهم هذه كانت وما زالت بنك اهداف العدو . هذه الحرب اهم سماتها ان جيشا يعمل بكل قوته العسكرية بين المدنيين العزل فلا جيش يقابله ، فالحرب تنعقد من طرف واحد ، الجيش الاسرائيلي بعتاده وطائراته واستخباراته في هذا الملعب . فكان اكثر من %70 من ضحايا الحرب هم من الاطفال وامهاتهم. لقد كانت هذه الضحايا من الاطفال التي رفرفت باجنحتها الى العلا ، هدايا الجنود الاسرائيلين الى احبائهم وزوجاتهم ، والى رؤساء العالم الذي شاركوهم تلك المذبحة للابرياء ووقفوا صامتين امام تلك المجازر، ولم يقوموا بايقافها الى اليوم.
اطفال فلسطين في غزة يموتون اليوم جوعا وعطشا وقهرا ، على مشهد ومراى هذا العالم المتخاذل ، ولا يحرك ساكنا فيهم. لقد ماتت الضمائر وصمت الاذان، هذا هو الكفر بعينه لا يريدون ان ان يسمعوا صرخات وانين اطفال غزة. ولكنهم سيحاسبون ، لن تذهب دماء الابرياء عبثا لله درك يا غزة ، ولو ان القران ما زال ينزل على الارض لكنتم من ذكره القران في تلك المحرقة.