ثقافة وفنونمقالات

” ليل غزة الطويل ” بقلم ، أ . خضير بشارات

بقلم ، أ . خضير بشارات

” ليل غزة الطويل “
بقلم ، أ . خضير بشارات
يستمر شلال الدم في غزة و تستمر المحرقة الصهيونية تجاه كل الذين مازلوا يتنفسون الحياة هناك ، لا تجد الكلمات طريقها لتعبر بها عن الكارثة التي أصابت ما تبقى من البشرية و الإنسانية في القطاع الذي انقطع عنه العالم أجمع، تخلى عنه القريب و الصديق و البعيد و تركته الدول و الشعوب يلاقي وحشية العدو وحيدا ، يواجه أهله جرائم الاحتلال، قصف المنازل و المشافي بل إحراقها ، لتخرج عن الخدمة الإنسانية التي ينتظرها المواطنون، ضربوا بصواربخهم ما دمرته الآليات لمرات عدة حولوا الشوارع و المدارس و الأزقة إلى أكوام من السكن و الرماد ، لم يعد الإنسان قادرا على الحديث فالصور تعبر و تكشف حجم المعاناة قتلوا الصحافة فهي لسان حال المنكوبين، يا ويحهم أيفلتون من نقمة الزمان مهما اتسع الظلم ؟ تنقل الأخبار الأحداث متتالية تصور بؤس الناس ، يشتكون، يندبون حظوظهم ، لا يرجون الفرج إلا من الله ، أوضاعهم تدمي القلوب و العيون و تقد الصدور و تمزق أحشاء الإنسان إن أتاحت له الحرب البقاء على هذه الأرض ،
تزيد الحرب وحشية و ضراوة في فصل الشتاء ، تتعمف المأساة في الخيم و بين الردم الذي يسكن فيه الناس ، فهم لا يجدون ما يحميهم و أبناءهم من المطر و البرد و غارات الاحتلال الهمجية التي لا تنقطع ، رجل مسن يحمل عكازته يصرخ و عيونه تتلوى حيرة و حسرة يؤشر بيده و يقول : انظروا لا أكل و لا شرب و لا دواء و لا خيم تقينا المطر و برودته، المياه تغرق ما تبقى من الخيم ، المياه العادمة تفيض بين السكان ، الناس تموت تعبأ ، فقدنا كل مقومات الحياة ، حنى الهواء يأتينا ملوثا ، بكلمات حرى و بلسان دعكته صعوبة المناظر يخرج كل
الألم الذي تغلغل في جسده المتعب ،
أطفال يغرقون في المياه ، يقتلهم البرد ، كل يوم تعلن الصحة عن وفيات ، أمر الاحتلال بإخلاء المشافي إنها نازية العصر و صهيونية الفكر و عدوانية الممارسة ، يجر الناس مرضاهم على ألواح الخشب فيقتلهم الوجع و البرد و غطرسة الاحتلال، تجتمع عليهم كل الظلمات ، يعتقلون الطاقم البشري من المشافي ، الأطباء و مدير المشفى و الممرضين ، فهم يريدون القتل و الخراب و الدمار ، يهدفون إلى مسح غزة عن وجه الأرض فقد أذاقتهم الموت الزؤام ، و عملت فيهم الأعاجيب و مزقت هيبة كيانهم المسخ ، و كسرت نظريات الأمن التي يتغنى بها قادتهم و هم يتربعون على مكاتبهم و يطلقون العنان لصواريخهم الغاشمة،
ليل غزة طويل و مظلم ، يحيط الجنود بالأسرى ، يجرجرون أنفسهم تكبلهم القيود في أيديهم، يخلعون كل ما يستر عوراتهم إلا من قطعة الكلسون ، يحملون أنفسهم على المشي ففيهم كبار السن و منهم المرضى و منهم صغار السن فقد يلاحقهم الخوف إضافة إلى البرد و وحشية الاحتلال، يريدون النيل من كرامة الفلسطيني و من معنوياته بهذه التصرفات الغوغائية و لا يدركون أنها شارة نصر و راية تُرفع عليها كرامة الوطن ،
لم يكن حسام أبو صفية مدير مشفى كمال عدوان الفلسطيني الأول الذي يواجه بطش الاحتلال وحيدا أعزل لا يملك سوى إرادته و هويته الفلسطينية التي واجه بها آلة الحرب الصهيو أمريكية ، كان شاهدا حيا على عظمة هذا الشعب و هو يخرج من بين الأنقاض رافع الرأس متجها إلى الميركافا غير خائف و لا متردد
بل يمشي شجاعا ، فلسطينيا ، دافعا كل اوهام العدو خارج أسوار التاريخ و راميا بها أبعد من حدود الجغرافيا
الفلسطينية ، ليثبت للعالم الأعمى أن لا وجود للغرباء هنا
، فهنا أرضنا، وطننا، فلسطيننا ، و هم العابرون بين أزقة هذا الزمن مثل الحشرات العابرة.
31_12_2024م ،الثلاثاء ، 44 : 05 ، مساء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب