
بريءٌ من تهمةِ النحل

سمير القضاة
بريءٌ من كل شيء،
أعني ما يراه الناس فِيّ،
جبانا إنما محصَّنا.
الكتابة لتزجِيَةِ الوقت فعلٌ مريض،
وتصيرُ منفّرةً حين تستجدي الاهتمام.
من يعرف باب الله حقاً،
عارٌ عليه أن يطرقَ بابَ جارِه.
الزمان الجديد يعيش بعيداً عنا،
فما زلنا نسأل عنترةَ عن قانون الجاذبية،
وهو يجيب بكل طلاقة.
الجريمة المروعة ستحصل غداً،
الأطفال لن يجدوا الحروف،
لقد ألقيناها بالنهر في غمرة الطوفان،
والسفينة وصلت خرساء.
بريءٌ من سواد الليل،
منعني أبي من دراسة الهندسة الكهربائية،
فنمتُ بعد المغرب مباشرة.
إذا كانت أهمُّ مشاريعِنا الدكاكين والمطاعم،
فيجب أن نعيشَ في الكهوف.
في الظروف الصعبة علينا أن نتكيّف،
في الظروف السيئة علينا أن نتغيّر،
في ظرفنا الحالي علينا أن ننقرض.
بلادي لم تعدْ تستهويني،
ولا حتى نساؤُها.
بريءٌ من متلازمة الشبَق،
أرى المرأة كالشمس،
أطلبها لأشعرَ بالدفء،
وحينما تشتدُّ حرارتُها،
أهرب إلى الظل.
أن تُمسكَ العصا من المنتصف،
يضمنُ لك أن تكونَ تافهاً فقط.
من لا يواجه الخصمَ ينجو،
لكنه عندما يعود من الحقل مساءً،
سيسمع أصواتاً لن تعجبَهُ داخل بيته،
وسينجو أيضاً.
للحقيقة عدةُ وجوه،
لم نرَ أيّاً منها،
ها نحن نتابعُ الأخبار.
الخلاص الفردي يفني الجماعة،
العربي ابتدعَ الفروسية،
الآخرون ابتكروا كرةَ القدم.
بريءٌ من تهمة النحل،
لم أقطعْ زهورَ الحمضيات،
ولم أخلط العسل بالسكّر،
كي لا يجلدني عمر بن الخطاب.
النهاياتُ صادمة،
خاصةً عندما نصل إلى المحطة الخطأ،
خاصةً عندما لا نموت في حادث السيارة.
سأسافر إلى هناكَ وحدي،
لا أريد أن أزعج أحداً في الطريق،
حتى حماري سأتركُهُ هنا،
وربما زوّادتي أيضا.
الألواحُ التي تُعلّم الناس،
الألواح التي تُفرّق البشر،
فارغةٌ تماماً،
حتى من الأسماء.
هذه حياةٌ مروعة،
تليقُ بالشياطين والمرابين والزناة،
لا بأطفالٍ عراة،
يزحفون على شاطئٍ إسفلتي.
الجندي بريءٌ من دم الضحايا،
أرسله القائد ليتفاوض معهم على الآخرة،
فوافقوا وماتوا.
الشوك نبتةٌ مشؤومة،
كرهَها جدي من دون سبب،
إلا قناعاته البلهاء،
فأحرقها أشقائي في الصيف.
بريءٌ على بوابةِ السجن،
لم أقتل أحداً سوى أمي،
لأنها ولَدَتْني.
كاتب من الأردن