
موسم إنعاش الاقتصاد السينمائي المصري بأفلام الكوميديا والأكشن

كمال القاضي
تلجأ السينما المصرية عادة إلى تعويض فاقد الأرباح على مدار العام، بالتركيز على استثمار أفلام الأكشن والكوميديا خلال أيام الأعياد، وكثيراً ما تتضاعف إيرادات شباك التذاكر، رغم ضعف مستوى الأفلام وعدم جدية محتوياتها.
وربما يأتي التميز المالي ووفرة الدخل، من ذلك التهافت الواضح في المستوى، فمعظم النوعيات المُقدمة من الأفلام تهتم بذوق الشباب والمراهقين، باعتبارهم الشرائح الأكثر استهلاكاً للبضاعة الفنية سريعة التجهيز، التي لا يستمر بقاؤها في دور العرض أكثر من عدة أيام فقط، بعدها تنتهي صلاحية الفيلم، ويُحال إلى المحطات الفضائية لتبدأ دورته الجديدة مع جمهور المنازل، شأنه في ذلك شأن الدراما التلفزيونية.
القليل من النماذج السينمائية هو ما يصمد لفترة أطول، ليُحقق مُعدلات إيرادات عالية، اعتماداً على أسماء النجوم والنجمات، وحجم الدعاية التي تتوافر له وفق الميزانية المرصودة من شركات الإنتاج وروافد التمويل السخية، سواء المحلية أو الخارجية، فهناك حسابات دقيقة تخص تلك العملية المدروسة بعناية فائقة من جانب خبراء الإنتاج والسوق.
«سيكو سيكو»
من بين الأفلام التي دخلت سباق عيد الفطر لعام 2025 فيلم «سيكو سيكو» بطولة عصام عمر وطه دسوقي وسيلمان عيد وخالد الصاوي، هذا الفيلم تدور أحداثه في إطار كوميدي اجتماعي حول مغامرة غير محسوبة للأبطال، تقودهم إلى منحنيات خطيرة تحمل بعض المفاجآت، فيضطر عدد منهم إلى التراجع لتقليل حجم الخسارة المُترتبة على الاندفاع والنزق وعدم الإحساس بالمسؤولية.
البطولة الشبابية تم دعمها بعناصر متمرسة، ولها خبرات واسعة في عالم التمثيل كالفنان خالد الصاوي والفنان سليمان عيد، فهما ضيفا شرف تم الاستعانة بهما ليُشكلا ثقلاً للفيلم، ويُكسباه مذاقاً خاصاً ويُعززان من ثقة الجمهور في المحتوى شديد الخفة والبساطة.
«الصفا الثانوية بنات»
يأتي فيلم «الصفا الثانوية بنات» ضمن الأفلام التي حققت رواجاً نتيجة طابعها الكوميدي وبفضل مجموعة الأبطال الرئيسيين، علي ربيع ومحمد أسامة ومحمد ثروت ولينا صوفيا بن حمان.
تعتمد صياغة الأحداث على المفارقة بين الشيء غير المرغوب فيه والضرورة، التي تحتم التعامل معه والقبول به، فالبطل هشام أبو طويلة يخشى التعامل مع الجنس اللطيف، ويهاب مقابلة النساء ومصادفتهم في أي مكان، ورغم حذره الشديد منهن إلا أن الظروف توقعه في مدرسة بنات ويطلب منه تدريب فريق نسائي لكرة السلة والمشاركة به في مسابقة بهدف الفوز بجائزة مالية كبرى لإنقاذ المدرسة من الإفلاس. وتمضي أحداث الفيلم في هذا المسار على نحو كوميدي ساخر، حيث تتولد المواقف وتتشعب الخطوط الدرامية، فيكتمل البناء والهيكل من مجرد إفيهات وجُمل حوارية خفيفة تُثير الضحك وتلبي رغبة جمهور الشباب الصغير، الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثالثة عشرة والعشرين عاماً، وهم قوة الدفع الرئيسية في قاطرة الاقتصاد السينمائي المتحرك والمُتنامي.
«نجوم الساحل»
ولا تختلف أجواء فيلم «نجوم الساحل» كثيراً عن بقية أجواء الأفلام الأخرى، فالأفكار تقريباً متشابهة من حيث الهدف والتوظيف الفني لطاقات النجوم، غير أن الفارق الوحيد هو تلك المسحة الرومانسية الملحوظة في فيلم «نجوم الساحل» الذي يقوم ببطولته أحمد داش ومايا السيد وعلي صبحي ومالك عماد. فكرة الفيلم تتلخص في سعي أحد الأبطال إلى الوصول إلى قلب محبوبته، وإقناعها بقبول زواجهما بعد قصة حُب تبدأ في القاهرة وتنتهي في الساحل الشمالي بعد عدة مغامرات ومواقف صعبة ومتباينة في طبيعتها وظروفها غير المتوقعة بالنسبة للبطل، الذي يرى أن الحياة كلها تتوقف على علاقته بالفتاة الأولى في حياته، قبل أن يستوعب الدرس المُستفاد من القصة فيُدرك أن ما كان يظنه واقعاً جميلاً هو في الحقيقة وهم كبير.
هناك أيضاً مجموعة أخرى من الأفلام الكوميدية، التي تم الرهان عليها لزيادة حصيلة الإيرادات، منها ما أفلح ومنها ما خاب ظن خبراء السوق فيه. من بين هذه الأفلام فيلم بعنوان «فار بـ7 ترواح» بطولة محمد لطفي وسليمان عيد ومحمد رضوان وأحمد فتحي. تتضمن الأحداث 7 قصص متصلة منفصلة يربط بينها شبح الجثة التي تنتقل من مكان إلى مكان فتثير الريبة والفوضى والخوف بطريقة كوميدية ساخرة.
الأفلام المذكورة تباينت مراكزها المالية في شباك التذاكر واختلفت إيراداتها بطبيعة الحال، لكنها أعطت مؤشراً على حجم الاستثمار السينمائي المصري خلال موسم عيد الفطر، وما يُمكن أن يُمثله بالنسبة للطاقة الإنتاجية بشكل عام إذا ما استمرت الإيرادات على مُعدلاتها المُبينة بحسابات الأرقام.