مقالات

خارطة الاتجاهات السياسية للجيش السوداني بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-

خارطة الاتجاهات السياسية للجيش السوداني
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
تنطلق هذه المداخلة من نظرة سريعة على اتحاهات الجيش السوداني السياسية،كما أراد لها أن تكون حكم البشير الاستبدادي،الذي يريد من هذه المكونات،أن تكون بولائها السياسي والأمني له ولحكمه،ومن والاه من اتباع ترتدي الجبة الإسلامية لتكون متوافقة مع ميوله واختياراته العقيدية.
والمعروف أن الأنظمة الاستبدادية تضع في خلدها وهمومها،أن يكون نظامها السياسي في مأمن من القوى العسكرية والمعارضة عموما..*
ولهذا تُكْثِر من الأجهزة الأمنية التي تضبط حركة ونشاط القوى السياسية المعادية لها،بحيث تكون تحت مراقبتها الدائمة،وهذه المراقبة توفر الجاهزية للنظام الاستبدادي للانقضاض على أي تحرك مضاد لها،وفي اللحظة المناسبة لأمنها وبقائها على سدة الحكم.
ولاشك أن العقلية الاستبدادية،عندما تضع خارطة الجيش أمام أنظارها ،تبحث عن مزيد من الاطمئنان لسلامة حكمها،فترى في المريدين والاتباع مستويات من الاطمئنان والشك في الاخلاص لها،فتنشا في الجيش ظواهر عدّة :”الخُلَّصْ “لرأس النظام واتباعهم،والمسؤول العسكري المدعوم،وهذا ما يؤدي إلى التنافس بين قادة الجيش،فتنشأ ظاهرة الخط الثاني من الفئات العسكرية التي تبحث عن دور لها في الخطوط الخلفية،**
ومن الملاحظ أن المستبد عندما يلاحظ شدة المعارضة ضد نظامه فيلجأ إلى تكوين مجموعات عسكرية قادرة على الحركة والبطش بالمعارضة بأبشع أنواع القمع ،وتتفرد مجموعة من هذه المجاميع بالظفر بامتيازات عسكرية وامنية،وتفتح أمام قيادتها للنهب وتكوين المال والثروات لصرفها في شراء الضمائر وإشاعة عقليةالمليشياوية التي تعتمد الارهاب والنهب والفساد،وهذه العقلية تبحث عن دور لها في ظل التناقضات والصراعات في أروقة الحاكم. المستبد،*فتكون لها تحالفات مع النسق الثاني من الأتباع في الجيش،وتعد العدة للانقضاض على حكم البشير،ونجحت هذه القوى في تغيير النظام.والأطراف المتحالفة الجديدة، تتعاون لتثبيت حكمها ،المبني على تناقضات جديدة وعين كل قوة موجهة نحو التفرد بالحكم والتخلص من تحالفاتها السابقة،وكان على البرهان استجابة قهرية لضغط الشارع من جهة،وسعيه للقضاء على خصمه حميدتي إعداد العدة لهذه المهمة الميليشياوية، تحت مطلب شعبي مشروع يتمثل في دمج قوات التدخل السريع المليشياوية وإصلاح الجانب الأمني،وعندما بدأت عملية وضع النقاط على الحروف،كان على حميدتي أن يشهر سلاح مليشياته في وجه البرهان والتخلص من هذا الحليف “.المصلحجي”***
والمعروف أن في حالة مثل حالة الصراعات الميليشياوية بين البرهان،ومن خلفه من بقايا أعوان البشير ،وبين الباحث عن سلطة ومال،وصولاً لدمجهما في اسواق المال والغنى،حميدتي،يدفع السودان لقمة عيشه وآمنه الوطني،وسلامة وحده المجتمعية.
* المداخلة تنأى بنفسها عن التحليل الطبقي الكلاسيكي،وتنظر بعين انثروبولوجية الى جُبُلّةِ الجيش في أعقاب الانقلاب الذي قام به البشير السوداني،والساعي إلى تكوين خارطة عسكرية سياسية للجيش السودان**
** خارطة الجيش السوداني كمكونات واتجاهات سياسية تنتشر في عقلية مكوناتها واتجاهاتها عقلية المؤامرة ،وعقلية التحالفات ذات الصبغة العصبوية.
*** كانت قوى التدخل السريع التي أنشأها تاجر الجمال حميدتي اكثر المليشيات قمعا للمعارضة،وخاصة في اعقاب انقلاب البرهان حميدتي.
د- عزالدين دياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب