مقالات
حين يصبح الدين أداة حرب صعود القداسة المضللة في المشهد السوداني بقلم امجد احمد السيد-الهدف السودانية –
بقلم امجد احمد السيد-الهدف السودانية -

حين يصبح الدين أداة حرب صعود القداسة المضللة في المشهد السوداني
بقلم امجد احمد السيد-الهدف السودانية –
في أوقات الأزمات الكبرى، يزداد التمسك بالدين. لكن الأخطر حين يُختطف هذا التمسك ويحول إلى أداة للقتل بدلا من أن يكون وسيلة للسلام تعيش بلادنا واحدة من أعقد الحروب في تاريخها الحديث لا من حيث السلاح وحده بل من حيث ما يُبث في عقول الناس وما يُزرع في قلوبهم فالحرب الدائرة اليوم تتجاوز ميادين المعركة إلى مساحات الوعي حيث يوظف الخطاب الديني بشكل مكثّف لإضفاء الشرعية على العنف وتبرير استمرار الحرب خطاب الفتنة والبغي والنفير لم يعد حكرا على المنابر التقليدية بل انتقل إلى الفضاء الرقمي حيث تنتشر المقاطع المصورة والرسائل التعبوية والمقولات الدينية المجتزأة لتصب في اتجاه واحد شيطنة الخصم وتقديس القتال المقلق في هذا السياق أن الأمر لا يقتصر على فئة من المتطرفين بل صار خطابا منتشرا تغذيه منصات إعلامية واجتماعية يديرها أفراد وجماعات لهم مصلحة في إطالة أمد الحرب يتم فيه توظيف التاريخ الإسلامي والايات القرآنية وسِير الصحابة لبناء سردية روحية حول الحرب تجعل القتال جهاد وتجعل القتل نصرة للدين. تُلبس الحروب السياسية ثياب الدين الحنيف
وفي هذا المناخ تبرز ظاهرة تجنيد الشباب وحتى الأطفال عبر هذه الروايات الدينية المشحونة التي تغري بالجنة وتعد بالنصر وتغرِق العقل الجمعي في فكرة أن الحرب قدر مقدس لا يجوز رفضه لكن الحقيقة التي يجب أن نقولها مهما كانت قاسية أن هذا التدين المسلح لا يمت إلى جوهر الإسلام بصلة الدين الذي نعرفه في السودان والذي نشأنا عليه في بيوتنا وزوايانا ومساجدنا لم يكن يوما دين دماء ولا دين شقاق بل ولا دين تجييش بل هو دين التسامح والصبر والصفح المطلوب اليوم هو إعادة فتح نقاش جاد حول الخطاب الديني في زمن الحرب. ليس فقط لفضح الاستخدام السياسي له بل أيضا لتحصين المجتمع خاصة الشباب من الوقوع في فخ التدين المضلل نحتاج إلى أصوات دينية عاقلة تعيد تعريف الجهاد الحقيقي وتفكك خطابات التحريض وتعيد للدين وجهه الإنساني فإن كانت الحرب قد جرّدت السودانيين من كل شيء فلا يجب أن تجردهم أيضا من دينهم.