الصحافه

صحيفة إسرائيلية: اتفاق نووي أم حرب مع إيران… ماذا تقول السعودية؟

صحيفة إسرائيلية: اتفاق نووي أم حرب مع إيران… ماذا تقول السعودية؟

 الجدول الزمني الذي وضعه الرئيس ترامب للتوقيع على اتفاق نووي جديد مع إيران آخذ في النفاد وبسرعة. في 7 آذار، أعلن ترامب بأنه أرسل رسالته إلى الزعيم الروحاني علي خامنئي، ولكن لأن الرسالة وصلت إلى هدفها في 12 من ذلك الشهر، فمسموح الافتراض أن الموعد النهائي الرسمي سينتهي في نفس الموعد في أيار، قريباً من موعد زيارة ترامب للسعودية. ولكن المواعيد للتوقيع على الاتفاقات ليست محفورة في الصخر دائماً. وإزاء وتيرة المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران والتقدم الأخير، على الأقل حسب تقارير الطرفين، يمكن التقدير بأن الاتفاق مع إيران قد يحظى بفترة سماح إضافية حتى استكماله، هذا إذا حدث ذلك.

 بيان وزارة خارجية عُمان أمس حول اللقاء الذي خطط لإجرائه في روما بين الوفدين سيتم تأجيله “لأسباب لوجستية” إلى موعد يتفق عليه الطرفان، وهذا يدل على أن للجدول الزمني حياة خاصة به. على الرغم من بيان وزير خارجية إيران عباس عراقجي، الذي بحسبه إيران مستعدة لتسريع وتيرة المفاوضات، فمن غير الواضح سبب تأجيل المحادثات التي قيل بأنها كانت “مفيدة” و”جيدة جداً”، وأنها دفعت قدماً باحتمالية التوقيع على الاتفاق. وبمفاهيم “أسباب لوجستية”، يمكن الافتراض أن الفندق الذي ستنزل فيه الوفود ربما يحتاج إلى تجهيز الشراشف أو ملء البار بمشروبات غير كحولية للإيرانيين حتى يوم السبت.

مرحلة المحادثات الحالية ربما تكون الأكثر تعقيداً التي سيناقش فيها الطرفان ما يسمى بـ “الجوانب التقنية” للاتفاق. هذه الجوانب قد تشمل تحديد سقف التخصيب، وإبعاد فائض المواد المخصبة إلى دولة ثالثة، وعدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران تشغيلها (إلى جانب تحييد الأجهزة الزائدة التي ركبتها إيران أو إعادة تشغيلها منذ 2019)، وترتيبات الرقابة على تطبيق هذه البنود، وإجراءات رفع العقوبات عن إيران، والضمانات التي تطلبها إيران حتى تنفذ الولايات المتحدة الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه.

هذه القضايا طرحت سابقاً في مفاوضات الأسبوع الماضي بين بعثات الخبراء من الطرفين وبين عراقجي والأمين العام للوكالة الدولية للطاقة النووية رفائيل غروسي، الذي زار طهران الأسبوع الماضي. ولكن قضية المفتاح الرئيسي لم تحل بعد.

هل تستطيع إيران أن تواصل تخصيب اليورانيوم حتى بالمستوى المتدني الذي يبلغ 3.67 في المئة كما يسمح الاتفاق النووي الأصلي؟ أم عليها تدمير المشروع النووي كلياً، مثلما تطالب إسرائيل (“نموذج ليبيا”)؟ هذا طلب يؤيده وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك وولتس، الذي يتوقع إنهاء منصبه في القريب، ولكن لم يسمع حتى الآن موقف ترامب النهائي، الذي قال بأنه لن يسمح لإيران بالحصول على السلاح النووي.

من المهم التذكير بأن إيران وافقت على استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة على أساس فهم بأنه حتى لو أخذت على عاتقها قيوداً على تخصيب اليورانيوم فيمكنها مواصلة المشروع النووي “لأغراض سلمية”. هذا فهم يستند إلى أقوال صريحة لستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط، وإلى بعض الأزمات الدولية التي يسعى ترامب بحسبها إلى إقامة آلية رقابة ناجعة تمنع تطوير السلاح النووي. بعد ذلك، نشر ويتكوف أقوالاً مناقضة لتصريحه الأول، لكن حقيقة أن إيران لم توقف المفاوضات تدل على أن الأمور التي سمعها مندوبوها في غرف المفاوضات كانت مختلفة عن التي تسمع في وسائل الإعلام، وأن الشرط الأساسي الذي طرحته لمواصلة المفاوضات ما زال قائماً حتى في نظر الولايات المتحدة.

لكن إيران لا تكتفي بافتراضات عمل التي استقرارها يرتبط بمزاج الرئيس ترامب، خاصة عندما لا يتوقف الرئيس الأمريكي عن تهديدها بفتح باب جهنم إذا لم توقع على الاتفاق. بناء جدار سياسي واق هو ما تطمح له إيران حتى تعوض ضعف موقفها العسكري نتيجة الحرب في غزة، التي أدت إلى انهيار حزب الله الذي كان محوراً مركزياً في “حلقة النار” التي أسستها خلال عقود، إلى جانب سقوط نظام الأسد.

روسيا والصين، حليفتاها الاستراتيجيتان، تتم إبعادهما عن مضمون المحادثات مع الولايات المتحدة. وحسب الاتفاقات الاستراتيجية التي وقعت بينهما وبين إيران، فهما غير ملزمتين بمساعدتها في حالة هجوم عسكري ضدها. من ترجح الكفة هي الجارات العربيات، بالأساس السعودية والإمارات. في 17 نيسان، هبط وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شقيق محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، في طهران محضراً معه رسالة من الملك سلمان إلى علي خامنئي.

كانت زيارة تاريخية دوت في كل المنطقة، وجرت بعد عقود لم يصل فيها أي ممثل رفيع للعائلة المالكة إلى إيران. التوقيت، عشية جولة المحادثات الثانية بين أمريكا وإيران، ليس صدفياً. الأمير خالد شخص معروف في واشنطن، وكان منذ فترة طويلة سفير السعودية في الولايات المتحدة أثناء تفجر قضية الصحافي جمال خاشقجي على يد عملاء المخابرات السعودية. كانت هذه القضية التي حولت بن سلمان إلى شخص غير مرغوب فيه في واشنطن، إلى درجة أن السناتور ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي الآن، قال عنه بأنه أصبح “رجل عصابات يحول علاقات الولايات المتحدة مع السعودية إلى غير ممكنة”.

بعد ذلك، أصبحت العلاقات ممكنة أكثر. وتمكن الأمير خالد من الالتقاء مع روبيو ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الذي يشرف الآن على مشروع تسلح السعودية بالسلاح الأمريكي بمبلغ ربما يتجاوز 100 مليون دولار. كان المرشح ليكون المسؤول عن البرنامج النووي السعودي بعد الاتفاق عليه مع الإدارة الأمريكية. زيارة الأمير خالد لإيران وصفها السفير الإيراني لدى السعودية، علي رضا عنايتي، بـ “لقد دخلنا عهداً جديداً في علاقات الدولتين مع زيارة وزير الدفاع السعودي”.

بعد سنتين على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، يصعب تشخيص خطة مبلورة لتحالف اقتصادي بينهما، ناهيك عن تحالف استراتيجي. ولكن الرسالة واضحة، وهي أن السعودية، مثلما صرحت علناً، لا تريد حرباً إقليمية جديدة، أمريكية – إسرائيلية ضد إيران. حسب تقرير في موقع “أمواج”، الذي يختص بشؤون إيران والعراق، فإن رسالة الملك سلمان لخامنئي تتضمن تأييداً واضحاً للمفاوضات التي تجريها إيران مع الولايات المتحدة، وهو يشجع طهران على التوصل إلى اتفاق يجلب الاستقرار للمنطقة، خلافاً لموقف السعودية في 2015، حيث عارضت الاتفاق النووي الأصلي بشدة في حينه.

يقول “أمواج” أيضاً إن الأمير خالد عرض توسطه بين أمريكا وإيران وطرح إمكانية استدعاء شخصيات إيرانية رفيعة إلى السعودية أثناء زيارة ترامب في السعودية. يشارك موقف السعودية أيضاً الإمارات التي تطلعت بنفسها إلى أن تكون الدولة المستضيفة لمحادثات التفاوض، لكن إيران رفضت بسبب علاقتها مع إسرائيل. يمكن الافتراض أنه في حين يتوقع ترامب استثمارات سعودية في الولايات المتحدة بمبلغ تريليون دولار، وعندما تناقش أبو ظبي استثمارات بمبلغ مشابه، فإن قرار شن الحرب ضد إيران لا يعتمد على مواقف إسرائيل، التي لا تحظى حتى بمكانة مراقب، وستفضل السطر الأخير في ميزان الاستثمارات. هكذا حدثت المفارقة التي ستمنع السعودية -العدوة الاستراتيجية والأيديولوجية لإيران، والدولة التي يمكن قد تشكل محوراً مركزياً في حلف الدفاع الإقليمي ضد إيران- هجوماً ضد إيران.

في هذه الأثناء، مطلوب من إيران والولايات المتحدة مناقشة نفس “القضايا اللوجستية” بالتفصيل ووضع اتفاق لا يذكر بصياغته بالاتفاق الأصلي الذي انسحب منه ترامب في 2018، لكنه سيكون مشابهاً له في جوهره. على رأس طاقم الخبراء الأمريكي مايكل أنطون، رجل قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الذي كان في السابق كاتب الخطب لرودي جولياني وكونداليزا رايس، لكن تنقصه المعرفة في المجال النووي. يقف أمامه نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، الخبير في المجال النووي والذي كان عضواً في بعثة المفاوضات للتوقيع على الاتفاق النووي الأصلي.

فجوة المعرفة هذه ستحتاج من الولايات المتحدة إشراك الوكالة الدولية للطاقة النووية في صياغة الاتفاق، التي تمتلك كل المعرفة والخبرة. وهم يتناقشون مع الأمين العام غروسي حول هذا الأمر الآن. “بدوننا، سيقف هذا الاتفاق على أرض غير مستقرة”، قال غروسي في مقابلة مع صحيفة “يو.اس نيوز آند وورد ريبورت” التي نشرت الأربعاء، وأوضح فيها بأن الوكالة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها فحص تطبيق التزام إيران. “لن يكون هذا اتفاقاً دقيقاً كالذي وقع عليه في 2015، بل اتفاق واضح ومباشر وجريء ويعطي الجميع الضمانات بأن لا يكون لإيران مسار للقنبلة النووية”.

السؤال هو: كيف يحبسون كل هذه الخصائص في ورقة عمل متفق عليها، وهل سيكون بالإمكان بلورة مسودة، على الأقل إلى حين عناق بن سلمان وترامب في الرياض؟

تسفي برئيل

 هآرتس 2/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب