مقالات

زيارة ترمب الى الشرق الاوسط، حلحلة ام تعقيد للقضايا الشائكة؟

زيارة ترمب الى الشرق الاوسط، حلحلة ام تعقيد للقضايا الشائكة؟

د. حسين الديك 

 تحمل زيارة الرئيس ترمب الأولى في ولايته الثانية  الى الشرق الأوسط  دلالات سياسية ودبلوماسية كبيرة مرتبطة بالخليج العربي وملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يعتمد  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  أسلوبًا جدليًا في تصريحاته، بهدف جذب الأنظار وإبقاء وسائل الإعلام في حالة ترقب دائمة. 

 أن إعلان ترامب المرتقب خلال الساعات أو الأيام القادمة قد يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية كبيرة، مرتبطة بشقين أساسيين يعكسان رؤيته الاستراتيجية للمنطقة، الشق الأول، يتمثل في إعلان الولايات المتحدة اعتماد تسمية “الخليج العربي” بدلاً من “الخليج الفارسي” في جميع مسمياتها الرسمية، سواء داخل الوزارات والوكالات الفيدرالية والمحلية أو في السياقات الدولية، هذه الخطوة تحمل “غزلًا سياسيًا ودبلوماسيًا” موجهًا لدول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، و هذا القرار يعكس محاولة ترامب لتعزيز العلاقات مع هذه الدول، التي تشكل محورًا أساسيًا في سياسته الإقليمية، من خلال إظهار دعم رمزي لمواقفها التاريخية في النزاع حول تسمية الخليج، اما  الشق الثاني يتعلق بإدخال مساعدات إنسانية بشكل رسمي إلى قطاع غزة، إلى جانب ترتيبات مع الحوثيين في اليمن بوساطة عمانية. 

وتاتي  هذه الخطوة في سياق تفاهمات تهدف إلى حلحلة بعض الملفات العالقة، بما في ذلك تهدئة الجبهة الإيرانية والحد من التوترات في اليمن،فمن الواضح أن  هناك توجهًا واضحًا نحو تقليل التصعيد في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث سيتم وقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية والبوارج الحربية، مما يعزز الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية.

وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم أو هدنة في قطاع غزة،فمن المستبعد أن يتم الإعلان عنها قبل زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، و السبب يكمن في الاختلاف الكبير بين المقاربة الإسرائيلية والمقاربة الفلسطينية-العربية. فالجانب الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، يرى أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مؤقتًا، يتبعه إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، ثم استئناف الحرب لتحقيق أهدافها، وهي تدمير حركة حماس، في المقابل، تطالب المقاربة الفلسطينية-العربية بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للاحتلال من غزة. 

ولكن  مسألة تسليم سلاح حماس أصبحت من أكثر القضايا تعقيدًا في مفاوضات الهدنة، حيث يتفق الائتلاف الحاكم والمعارضة في إسرائيل على استمرار الحرب حتى تحقيق هذا الهدف، وهو ما يجعل وقف الحرب وفق الرؤية الإسرائيلية أمرا صعباً، خاصة مع رفض حماس لذلك، في الوقت ذاته  فأن زيارة ترامب المرتقبة إلى المنطقة قد تسهم في حلحلة بعض الملفات وتخفيف التوترات في جبهات محددة.

وفيما يتعلق  بالملف اليمني، من المتوقع  حدوث تهدئة ملحوظة، بينما في الملف السوري، من المرجح  أن يكون له حضور قوي خلال المفاوضات بين ترامب والأمير محمد بن سلمان في الرياض، وهناك  تقارير غير مؤكدة عن إمكانية وصول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى السعودية للقاء ترامب، وهو ما قد يعزز الجهود لتهدئة الوضع في سوريا. 

 ولابد من الإشارة إلى  أن المكالمة الهاتفية الأخيرة بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تضمنت دعوات متبادلة لزيارة واشنطن وأنقرة، قد تكون مقدمة لتهدئة الجبهة السورية، خاصة مع توقعات بضغط أمريكي على نتنياهو لوقف الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على سوريا، لكن  ترامب قد يمنح نتنياهو حرية الحركة في الساحة الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية، دون ضغوط أمريكية، بينما سيتم التركيز على تحقيق الاستقرار في الساحات الأخرى مثل اليمن، وإيران، وسوريا، وربما لبنان. 

 فهذه الزيارة قد تشكل نقطة تحول إيجابية في بعض الملفات، لكنها لن تحل الإشكاليات العميقة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تبقى الخلافات الجوهرية قائمة، وربما يكون هناك  تفاؤل حذر بإمكانية تحقيق استقرار نسبي في المنطقة، خاصة في الجبهات اليمنية والسورية، لكن الوضع في غزة سيظل نقطة توتر رئيسية بسبب تعنت الموقف الإسرائيلي، ورغم ذلك قد تحمل زيارة ترامب للمنطقة مفاجآت إضافية تعكس أسلوبه السياسي غير التقليدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب